صمود شعب يحترم الوقت .. بقلم: د. اسكندر لوقـا

ليس عبثاً يقال: إن تاريخ بلد يصنعه أحياناً رجل، وليس عبثاً يصمد رجل يريد أن يصنع تاريخ بلده على امتداد نصف قرن من الزمن، يقارع خلاله الاستعمار ويتحدى الصعاب على غرار رجل مناضل يدعى فيدل كاسترو. كذلك هو تاريخ دول أخرى عندما نذكر أسماءها نتذكر أسماء رجالها القادة الذين صنعوا تاريخ بلادهم  بصمودهم وصمود أبناء شعبهم إلى جانبهم.
في العالم أكثر من زعيم بلد قبل أن يرحل عن دنياه أدى دوراً تاريخياً على مستوى العالم لا الإقليم فقط، وراهن على صمود شعبه.
عندما نذكر الهند نتذكر جواهر آل نهرو . عندما نذكر مصر نتذكر جمال عبد الناصر . عندما نذكر يوغوسلافيا نتذكر جوزيف بروز تيتو. عندما نذكر جنوب إفريقيا نتذكر نلسون مانديلا. عندما نذكر روسيا بعيد ثورة عام 1917 نتذكر لينين. وعندما نذكر فنزويلا نتذكر هوغو شافيز. وعندما نذكر تشيلي نتذكر سيلفادور ألندي، وعندما نذكر بوليفيا نتذكر سيمون بوليفار، وعندما نذكر فرنسا نتذكر شارل دوغول،  وعندما نذكر كوبا نتذكر فيدل كاسترو، وعندما نذكر سورية نتذكر الرئيس حافظ الأسد، وهكذا إلى آخر قائمة الأعلام من زعماء وقادة العالم الذين صنعوا تاريخ بلدانهم وما زالت وستبقى أسماؤهم خالدة في الذاكرة البشرية.
وعلى ذكر الرئيس فيدل كاسترو ، فقد كنت شاهداً على لقائه مع السيد الرئيس حافظ الأسد يوم 8/9/1979  خلال فترة انعقاد مؤتمر عدم الانحياز في هافانا عاصمة كوبا. وكما هو معروف عن قائدنا المؤسس أنه كان يحترم الوقت ويشدد على التمسك به، ولذلك حين فتح باب المصعد ، وخرج الرئيس الأسد من غرفة المصعد في الوقت المقرر ، كان الرئيس كاسترو  منتصب القامة بانتظار استقباله، في الوقت الذي اتفق عليه لبدء اللقاء. وقبل دخول قاعة الاجتماع ولحظة تبادل المصافحة قال الرئيس كاسترو مخاطباً السيد الرئيس: أنت أول رئيس عربي يحترم الوقت.
عندئذ تملكني شعور ذو شقين، الأول: سروري لسماع هذا الإطراء الذي يشير إلى حسّ الحضارة لدى رئيسنا. والثاني: حسّ الأسى على بعض قادة العرب ممن تنقصهم هذه الخصلة الحضارية، ولي عنهم حكايات قد يأتي زمن سردها ذات يوم.
وربما كان حس الحضارة من أسباب صمود شعب أراد أن يقهر المستعمر، ولم يقهر لاحترامه الوقت وأثره في حياة الناس على غرار ما توحي به لوحة الوقت للفنان العالمي سيلفادور دالي.
iskandarlouka@yahoo.com