نهاية الأتاتوركية وبداية تفكك الدولة التركية.. بقلم: غسان يوسف

نهاية الأتاتوركية وبداية تفكك الدولة التركية.. بقلم: غسان يوسف

تحليل وآراء

الأحد، ٢٧ نوفمبر ٢٠١٦

في دفاعه عن النظام الرئاسي يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان:
إنه لا يدافع عن النظام الرئاسي من منطلق شخصي، وإنما لقناعته بأنه الأصلح لتركيا، وأنه - أي النظام الرئاسي - سيقودها إلى النمو بشكل أسرع، مضيفاً أنه ليس الوحيد الذي تحدث في مسألة النظام الرئاسي؛ وإنما سبقه إلى ذلك الرئيسان الراحلان سليمان ديميريل، ونجم الدين أربكان.
لكن السؤال: هل يستطيع أردوغان الوصول إلى النظام الرئاسي، وتغيير نمط الحكم في تركيا؟
الجواب نعم لسببين:
الأول: إن أردوغان قام بسجن أحد أكبر الرافضين للنظام الرئاسي وهو صلاح الدين ديمرطاش، الرئيس المشترك لحزب الشعوب الديمقراطي الذي قال قبل سجنه بأيام: "ما دام هناك حزب شعوب ديمقراطي في تركيا، فلن نسمح لأردوغان بأن يكون رئيساً".
الثاني: إن رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشجلي أعطى موافقة مبدئية بعد لقائه رئيس الوزراء يلدريم من خلال قوله :"إن لقاءنا المثمر هذا ستنجم عنه تطورات تحمل الخير للدولة وللشعب"!.
كلام بهشلي يوصلنا إلى شبه قناعة بأن البرلمان سيقوم بطرح الأمر على الاستفتاء الشعبي، بعد ما ضمن موافقة /353/ عضواً في البرلمان وهم أعضاء كل من حزب العدالة والتنمية /316/ عضواً، والحركة القومية /40/ عضواً!
لكن لابد من التوقف عند الكلام المهم الذي قاله زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليشدار أوغلو: من أنه لن يسمح بأن تنجر تركيا إلى الديكتاتورية, بوضع مزيد من السلطات في يد شخص واحد، وأنه سيقوم بتسيير تظاهرات ضد إقرار الدستور الجديد!
تركيا بانتقالها من النظام البرلماني إلى الرئاسي تكون قد تخلت عن العلمانية والأتاتوركية وانتقلت من محور الدول الغربية (الديمقراطية) إلى محور الدول الإسلامية التي تسعى لعودة الخلافة كما هو حال كل من  السعودية (الوهابية) أو مصر الإخوانية (عهد محمد مرسي) أو إيران (ولاية الفقيه) ومن هنا تأتي خطورة المشروع الأردوغاني الطامح إلى ما بعد الحدود الحالية لتركيا كما هو حاصل في كل من قبرص وسورية والعراق, وربما اليونان قريباً, حيث توجد القوات التركية!
مستقبل تركيا سيكون في خطر من خلال تحالف الطورانية التي يمثلها دولت بهشلي بالعثمانية التي يمثلها رجب طيب أردوغان, وهنا سنرى خروج مكونين أساسيين من المشهد السياسي.. الأول حزب الشعب الجمهوري المهدد بالتفكك في ظل القيادة الضعيفة لكمال كلشدار أوغلو ومحاولة أردوغان شق الحزب الأتاتوركي الوحيد وبالتالي القضاء على الأتاتوركية في تركيا وبداية حقبة (العثمانية الجديدة)!
الأمر الآخر: إن الأكراد وبعد سجن كل من عبد الله أوجلان وصلاح الدين دمرطاش سيصلون إلى قناعة مفادها أنه من غير الممكن التعايش مع (الطورانية التركية) التي يمثلها كل من أردوغان وبهشلي، وبالتالي سوف يزداد العمل المسلح ضد الدولة التركية، والدعوة لإقامة إدارة ذاتية كما هو حاصل في كل من سورية والعراق وربما الانفصال عن تركيا بشكل تام, وهذا ما يريده أعداء تركيا، ولكن المسبب سيكون (سلطان تركيا الجديد) رجب طيب أردوغان!