«إسرائيل» في مواجهة التاريخ.. «الآذان» قبل «بلفور»!

«إسرائيل» في مواجهة التاريخ.. «الآذان» قبل «بلفور»!

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٥ نوفمبر ٢٠١٦

عباس الزين - بيروت برس -

من بنى "دولة" احتلالٍ على أنقاض التاريخ، لا شكّ أنه سيبقى في صراعٍ دائمٍ ومتجدد، مع كلِّ ما له علاقة بحقيقة الارض التي احتلها. حاولت حكومات الاحتلال الاسرائيلي المتعاقبة، منذ 1948 حتى الآن، طمس جميع المعالم التي تشهد على إجرامها بحقِّ شعبٍ بأكمله، من الداخل المحتل، الى القدس والضفة، وصولًا الى غزة. ما يجري في فلسطين ليس صراع هويات او نزاع على ارض، بل هو معركة وجودٍ، لا يمكن فيها التخلّي عن اي حقٍّ مهما كان حجمه او تأثيره الآني، لأنّ تداعياته ستطال الوجود بأكمله.

بناءً عليه، فإنَّ مصادقة ما يُعرف بـ "اللجنة الوزارية المختصة بشؤون التشريع" في حكومة الاحتلال، على قانون "منع الآذان عبر مكبرات الصوت في دور العبادة"، والذي قدمه عضو "الكنيست" موطي يوجاف، من "البيت اليهودي" وأعضاء "كنيست" آخرون، يُعتبر بمثابة إعلان حربٍ عنصرية، في ظروفٍ عادية، فكيف في فلسطين؟

على صعيدٍ متصل، فإنّ "القانون" الذي صادقت عليه اللجنة، من المتوقع أن يطرح على "الكنيست"، بكامل هيئتها بالقراءة التمهيدية يوم الأربعاء المقبل، بحسب ما افادت إذاعة صوت "إسرائيل". من جهته، أعلن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن تأييده مشروع "القانون". وفي بيان صادر عن حكومة الاحتلال، أفاد نتنياهو "أنني أدعم سن قانون حول ذلك"، وأضاف البيان: "لا أستطيع أن أعدّ كم مرة توجه إليّ مواطنون من جميع الشرائح وجميع الأديان، واشتكوا من الضجيج والمعاناة التي يعيشونها". وتابع البيان نقلًا عن نتنياهو: ""إسرائيل" دولة تحترم حرية العبادة لأبناء جميع الأديان، وهي ملتزمة أيضًا بحماية من يعاني من الضجيج الذي تسببه مكبرات الصوت". ويُذكر، انه جاء في نص مشروع "القانون" المقترح: "مئات آلاف الإسرائيليين يعانون بشكل يومي وروتيني من الضجيج الناجم عن صوت الأذان المنطلق من المساجد والقانون المقترح يقوم على فكرة أن حرية العبادة والاعتقاد لا تشكل عذرًا للمس بنمط ونوعية الحياة". في حين، قال مقدم المشروع موطي يوجاف، إن قانونه "يحظى بتأييد واسع من قبل الوزراء في الليكود والبيت اليهودي".

في غضون ذلك، تعالت من الجانب الفلسطيني الأصوات المنددة بالقرار الصهيوني، محذرةً من هكذا خطوة عنصرية. مع الاشارة الى ان القرار جاء بالتزامن مع قرار "لجنة التراث العالمي" التابعة لليونسكو، والتي شددت على الخلفية الاسلامية لمدينة القدس متجاهلةً المزاعم الصهيونية بالتراث الديني اليهودي للمدينة. وفي تحدٍّ واضحٍ لقرار حكومة الاحتلال، حذر رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، من قرار الاحتلال الإسرائيلي القاضي حظر رفع الأذان عبر مكبرات الصوت في مدينة القدس، والأراضي الفلسطينية المحتلة لعام 48. حيث وصف الشيخ صبري القرار بـ"العنصري"، موضحًا أن القرار يهدف إلى تهويد مدينة القدس، وأنه يتعارض مع حرية العبادة، مبينًا أن الأذان لا يسبب ضجيجًا إنما الضجيج هو أزيز طائراتهم وقنابلهم وجرافاتهم التي تهدم المنازل، والدبابات التي تقتل الأطفال والنساء. وأكد صبري "أن القرار الإسرائيلي جاء نكاية بقرار اليونسكو وهو صفعة قوية للمنظمة"، مشددًا على أن التصدي لهذا القرار يقع على عاتق كل العرب والمسلمين، قائلًا "نحن لا نعترف بهذا القرار وعلى المؤذنين أن يقوموا بمسؤوليتهم، وإن تدخلت القوة العسكرية على كل المجتمع أن يعتلي سطح بيته ويرفع الأذان.

من جانبها، عبرت الفصائل الفلسطينية والمؤسسات الإسلامية، عن غضبها الشديد من قرار الاحتلال الإسرائيلي بـ"منع رفع الآذان عبر مكبرات الصوت في الأراضي المحتلة عام 48 بزعم إزعاج اليهود المتطرفين". فقد حذّر القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل من تداعيات قرار منع الآذان في دور العبادة قائلًا: "منع رفع الآذان في المساجد يدفع المسلمين في الأراضي المحتلة للتصدي بكل قوة وحزم للمحتل الإسرائيلي الذي يستهدف أهم ركن من أركان الإسلام وهي الصلاة". وأضاف المدلل في تصريح صحافي، إنّ "القرار يؤكد على مدى صلف وعنجهية الاحتلال الذي قام على الاجرام والقتل والتدمير واستفزاز مشاعر المسلمين". وأشار المدلل، الى "أن الأذان ليس جديدًا على فلسطين، وأن عمره 15 قرن في فلسطين، والذي رفعه الصحابي "بلال بن رباح" في المسجد الأقصى، سنة 15 هجرية، أي 636 للميلاد، يوم الفتح".

بدورها، حذّرت حركة "حماس" من تداعيات "مصادقة حكومة الاحتلال على مشروع قانون يقضي بمنع رفع الأذان عبر مكبرات الصوت في المساجد الموجودة داخل الأراضي المحتلة". ووصفت الحركة في بيان لها القرار بأنه "خطير"، وأضافت أن "منع الأذان هو استفزاز سافر لمشاعر المسلمين في كل مكان، وتدخل مرفوض في العبادات والشعائر الدينية". وأكد البيان ان هذا المشروع يمثل خروجًا على القوانين والمواثيق الدولية التي تكفلت بحماية المقدسات والحق الديني والتاريخي. وطالبت الحركة المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والدولية بالتدخل لوقف الاعتداءات على المساجد وانتهاك حرمتها. الى ذلك، حذرت حركة "فتح" "من أي قرار يقضي بمنع رفع الأذان في مساجد مدينة القدس المحتلة وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، ومن يزعجه صوت الأذان فعليه أن يرحل". ولفت أمين سر حركة "فتح" في القدس، عدنان غيث، إلى خطورة هذا المشروع مشددًا على "أنه مخطط واضح من قبل حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة وبلدية الاحتلال في القدس المحتلة تسعى من خلاله إلى منع رفع الأذان في المساجد وتحديدًا المسجد الاقصى تحت ذرائع وحجج واهية فارغة من أي محتوى أخلاقي أو وازع ديني أو إنساني".