أنقرة التي لن تطال الجزرة.. بقلم: إيفين دوبا

أنقرة التي لن تطال الجزرة.. بقلم: إيفين دوبا

تحليل وآراء

الأحد، ٦ نوفمبر ٢٠١٦

من ذلك الذي يعتقد اليوم أن النظام التركي يمكن له أن «يتفرعن» كما يشاء، دون من يرده، خلال سنوات مضت حاول رجب طيب أردوغان أن يظهر نظامه بصورة «القبضاي» الذي يفرض «أتاواته» شرق أوسطيا، لكن عند كل استحقاق كانت خطواته الحمر تمحى.
حينما تخطى رئيس النظام التركي حدود الأدب قبل أسابيع مع العراق، كان يمني نفسه بغنائم ثمينة يحصدها من خلال مزاولة الصراع في المنطقة بأسلوب «أولاد الشوارع» اعتمادا على ما لديه من «شللية» التحالف مع واشنطن، سرعان ما تلاشت هذه الآمال وحل بدلا عنها «تمايع» سياسي تنعكس آثاره على المشاركة ميدانيا، صار النظام التركي يتشرط و«يتغنج» وكأن العرس لن يقام دونه، فوجد العكس تماما.
نفاق النظام التركي مسلسل طويل، يبدأ أو يعاد بثه حينما لا تفلح «الزعرنة» السياسية بانتزاع المطلوب، يبدأ الضرب على وتر الطائفية والعرقية لفتح ثغرة في الجدار، لكن الغباء قاسم مشترك في كل توجهات أنقرة، التي بدأت تجرب في العراق ما جربته في سورية وفشل.
قطعا فإن أنقرة تحاول الاستفراد في المنطقة بعد اهتراء «الكبرياء» السعودي، لذلك فهي تسابق الوقت في ملاحقة الجزرة الطائفية والعرقية التي علقها الأميركي في عنق النظام التركي، وركب على ظهره في تحقيق المصالح والطموحات وواشنطن تعلم أنها مضطرة «للسّرج» على ظهر الرياض وأنقرة في الشرق الأوسط، بسبب قلة الأحصنة، لذلك فلن يكون أي موقف عدائي غير مدروس، مستغربا، إذا ما صدر عن أنقرة.
ما تقوله بغداد اليوم لرئيس النظام التركي، بعد نفاذ الصبر والتعلق بحبل الدبلوماسية مدى الإمكان، أن عليه أن يخرس، ولا ينبت بنت شفة لدى الحديث عن المجريات الاستراتيجية، لأن الأمور تبدلت بما لا يمكن للجيش التركي أن يعتبر دخوله الأراضي الأجنبية نزهة، الرسالة العراقية اليوم سبقتها رسالة سورية هادئة بتحريم الأجواء على عربدة الطيران التركي وأن الحساب لن يكون بعيدا عند ارتكاب الحماقات، وأن الوقت قد حان فعلا كي تراجع أنقرة حساباتها.
تحذيرات العراق لتركيا تأتي بلورة للتغيرات الحادثة على صعيد المنطقة جغرافيا وعسكريا وأمنيا، فحينما استفحلت العداونية التركية كان الشرق الأوسط حديث العهد بشكل جديد من الصراع، أما الآن فاللعب على المكشوف وفقا للمصطلح العامي، ولا يمكن لأنقرة إذا ما لم تستمع للنصيحة إلا أن تزج نفسها فعليا في الفوضى حتى من الداخل، لأن ضربة توسيع رقعة الصراع وإدخال شتى أصناف المنازعة ضمنه، لم تتمكن من قتل سورية والعراق معا، فما يحصى هو التقوية، وهنا يرجح أن تدفع أنقرة الثمن الباهظ في حال استمرار الصمم السياسي لديها، وفي جميع الأحوال فهي لن تبلغ «الجزرة» الأميركية المعلقة في جيدها، ولن تذوق طعمها.
عاجل