الشر القادم من السعودية.. بقلم: غالب أبو زينب

الشر القادم من السعودية.. بقلم: غالب أبو زينب

تحليل وآراء

السبت، ٥ نوفمبر ٢٠١٦

 افرج السعوديون من صندوقة شرورهم المميتة جريمة إبادة إنسانية بحق اخوتهم في الدين والانسانية وجيرانهم وعمقهم  في التاريخ والجغرافيا. لقد تفوقت السعودية في اصرارها الإجرامي المتواصل على الشرور التي تنبعث من صندوق بندورا الأسطوري، فالجثث المتفحمة والأشلاء المتناثرة والدماء والصراخ في صنعاء هي حقيقة واقعة، والإبادة تجاوزت الأسطورة، دون أن يرف لها جفن، بل اتبعتها بمجازر متفرقة أخرى ذهب ضحيتها مدنيون كتأكيد على النهج والإصرار على القتل.

إن ما جرى ويجري لا يمكن أن ننظر إليه كحدث خارج السياق بل هو يقودنا إلى عمق المسألة وتداعياتها في حرب الإبادة السعودية ضد الشعب اليمني التي ما زالت مستمرة منذ سنة وثمانية أشهر (والحبل على الجرار )، وهو ما يفرض علينا التوقف عند المحطات التالية :

١- إن الاستثمار الغربي عموماً في موضوع اليمن وما يتعرض له، لا يأتي في إطار التضخيم والتفجيع على المدنيين والمؤسسات المدنية ودمار البنى التحتية وتسخير الإعلام لخدمة هذا الهدف، كما الحال في الموضوع السوري .. انما يأتي الاستثمار على حساب دمائهم، فتتلطخ أيديهم وجيوبهم ومصانعهم وإعلامهم بدماء الأطفال لتغسلها الدولارات والمصالح الوضيعة التي تتنافى مع أبسط القيم  الإنسانية وأكثرها بداهة. إن الحديث عن سقوط اخلاقي للغرب عموماً  بأدواته السياسية الرسمية، وبعض ملاحقه المتمسحة بالنخبوية، أمر مخز.

 يبدو اننا امام حالة سقوط  كل القيم وبشكل مروع أمام المال، فهل نحن أمام تحول النيوليبرالية  وتزاوجها مع  عصبوية شوفينية وحقد دفين ضد شعوب المشرق وتعاطي دوني باعتبارها لا تستحق الحياة ولا تساوي حياتها قيمة نفط أو سلاح مصدر؟

٢- إن الصمت الاسلامي-العربي لقاتل ومرعب وتفوح منه رائحة العفن والنتن، هذا التواطؤ الثقيل الذي لم يمكن منظمة أو بلداً، أو كل الاشكال المنتفخة من أن ترى صواعق موته، تلك النازلة من أسراب طائرات القاتل السعودية الأمريكية، فتطلق كلمة أسف .. أو دعوة إلى إيقاف استهداف المدنين ... لن نقول إن هناك أزمة أخلاقية، فذاك معيار لا يركن اليه في جموعنا العربية والإسلامية إلا ما رحم ربي ..

إن كل الصامتين شركاء وكل الذين لم يدينوا شركاء وكل من حاول أن يشيح بصره ويتهرب فهو شريك وكل تلك الأوابد شريكة بدم اليمن ومسؤولة عن الإبادة الانسانية  

٣- - إن اللامبلاة السعودية والاستخفاف بما جرى في الايام الأولى والعمل على التجاهل والإنكار، هي سياق طبيعي للعقل المغلق الصحراوي الثأري، الذي تتحكم في تصرفاته موروثات حقب من القتل الشنيع المروع التي يحفظها التاريخ جيداً لفظاعتها سواء في بلد الحجاز أو في الهجوم على منطقة مجاورة، كالعراق، وإيقاع مجازر بالآلاف وابادة الجميع. إن هذا العمل في عرف السعودية طبيعي وعادي واليمنيون يستحقون القتل لأنهم خرجوا عن طاعتهم، فلماذا هذا الضجيج والاعتراض والهذيان من قبل البعض ؟

ولأن عملا كهذا لا يمكن التغطية الكاملة عليه ولا ينفع معه شراء الذمم الفج، فإن الغرب الدنيء وعلى رأسه الإدارة الأمريكية الغارقة في اجرامها بقتل الشعوب، عمل على تجميل التوحش السعودي وإسباغ صفة المعاصرة على الجريمة ورش العطور على رائحة الدماء لتخلص إلى خطيئة المعلومات المغلوطة، التي يمكن أن تصيب حتى أعتى الجيوش انضباطاً. فجأة يتحول القاتل المتعمد إلى معترف بالخطأ، وتلك فضيلة لا تدانى، ويحمل مسؤولية لبعض الأوغاد من مرتزقته في اليمن، ليبدو الأمر يمنيا داخليا وليخرج علينا ويوصي في قمة انسانيته وتجلي مشاعره الروحانية أن يتم التعويض المالي للضحايا بكل بساطة ...
ومن ثم تبدأ حملة العلاقات العامة المدفوعة الثمن وما يتبعها من شاكرين وحامدين لهذه المكرمة والمواقف الإنسانية .. والقتل الانيق.

٤- إن كل ذلك الطغيان وكل تلك  المحاولات للتغطية على الإبادة لن يغير من واقع السعودية شيئا، فالحقيقة التي حاولت أن تداريها بابادة المدنيين في اليمن على مر الحرب كلها لا يمكن أن يحجبها ألف مجزرة، فالسعودية مأزومة وخائفة وهي ثور هائج يتخبط على غير هدي. يدرك القائمون على الحرب أنهم خسروا منذ زمان وأن لا سبيل إلى النصر،  وأن إيغالهم فيها له سبيل واحد هو الهزيمة، والهزيمة هنا ليست خسارة حرب، فالسعودية إذا أكملت هذا المسار المظلم سوف تصل إلى لحظةٍ لن تكون هي السعودية بكل معالمها وتفاصيلها، وستكون العواقب هائلة في نتائجها فدماء أهل اليمن والسوريين والعراقيين وغيرهم لا يمكن أن تذهب سدى، والاستمرار في الغي والإصرار عليه والإيغال في دماء الأبرياء يجرف أعتى العروش.

العهد