هل يدفع التدخل التركي السافر الأغلبية العربية إلى الوقوف ضده؟

هل يدفع التدخل التركي السافر الأغلبية العربية إلى الوقوف ضده؟

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٤ أكتوبر ٢٠١٦

تحسين الحلبي

إذا كانت المناطق التي خضعت لإدارة وحكم السلطان العثماني في الحرب العالمية الأولى قد جرى تقسيمها واقتسامها بين بريطانيا وفرنسا فإن تطورات وأزمات الحروب الداخلية الإرهابية التي تتعرض لها دول عربية في المنطقة في هذا القرن بدأت تدفع ورثة السلطان العثماني من حكام تركيا الحديثة الآن إلى محاولة المشاركة مع واشنطن ولندن وباريس لتقسيم واقتسام دول عربية مثل العراق وسورية المجاورتين للحدود التركية.
فكل الوقائع والتدخل العسكري التركي المباشر وغير المباشر الذي يقوم به أردوغان في الأشهر والأسابيع الماضية يدل على رغبته بتوسيع حدود تركيا على حساب الجوار العربي السوري والعراقي بدعم للأسف الشديد من دول عربية أخرى مثل السعودية وقطر… ففي المشهد السياسي وديناميته المتطورة تجاه كل أشكال التدخل التركي العسكري نجد أن سورية والعراق يرفضان هذا التدخل ويعتبرانه عدواناً صارخاً على سيادة الدولتين وانتهاكاً صريحاً لمواثيق الأمم المتحدة وقانون سيادة الدول، كما نجد أن مصر وإيران ولبنان والجزائر وتونس وعمان تندد بهذا التدخل التركي وتدعم المطالب السورية والعراقية تجاهه وهذا يعني أن أهم دول المنطقة أصبحت موحدة في مواقفها السياسية ضد التدخل التركي، وهذا يعني أيضاً أن أغلبية داخل الجامعة العربية ضد هذا التدخل ولا تستطيع السعودية وقطر وحدهما مصادرة قرار ينذر أنقرة بالانسحاب الفوري من الأراضي العراقية والسورية فقد آن الأوان لمثل هذا التحرك خصوصاً أن مصر تتعرض هي نفسها لتدخل تركي سافر في دعم الإخوان المسلمين في مصر ضد القيادة المصرية بل إن أردوغان يدعم جميع حركات الاخوان المسلمين في المغرب والإمارات والسودان وليبيا وهذا ما يجعل عدداً من الدول في الجامعة العربية يشكل أغلبية ضد مواقف السعودية وقطر… وتشير بالمقابل تطورات الأعمال الإرهابية التي تنفذها مجموعات داعش والنصرة وحلفائهما من المجموعات الإسلامية المتشددة الأخرى التي لا تخفي أنقرة دعمها لها إلى أن التخلص من الوجود الميداني لهذه المجموعات في العراق وسورية لا يمكن أن يتم إنجازه من دون أن تغلق أنقرة حدودها أمام تدفق هذه المجموعات إلى حدود العراق وسورية… ويلاحظ الجميع أن واشنطن فقدت جزءاً من أوراق اللعبة التي تديرها تجاه العراق لأن حكومة العراق ترفض بشكل قاطع أي تدخل عسكري تركي فوق أراضيها ولا تستطيع هذه الحكومة أن تتجاوز الإجماع الشعبي العراقي ضد هذا التدخل، وهذا ما يجعل الظروف وتوقيتها في خدمة قرار عربي يعلن عن دعم بغداد ودمشق في كل الإجراءات التي تتخذها العاصمتان ضد هذا التدخل وسحب القوات التركية من أراضي الدولتين.. ولا شك أن قراراً كهذا سيلقى بشكل مباشر وفوري دعماً على المستوى الدولي من روسيا والصين وسوف يحرج الدول الأوروبية الحليفة لواشنطن وسياسة دعمها الأعمى لسياسة أردوغان ضد العراق التي تربطها علاقات مع جميع الدول الأوروبية وليس ضد سورية بل ضد مصر أيضاً.
فواشنطن كشفت عن وجهها القبيح ضد العراق وحكومته حين طلبت من رئيس الحكومة الموافقة على التدخل العسكري التركي وهو ما يرفضه الإجماع الشعبي العراقي بما في ذلك أكراد العراق..
وآن الأوان لجميع الدول العربية التي يتدخل أردوغان ضد حكوماتها أن تجد في هذه الفرصة مرحلة حاسمة لإبعاد كل أشكال التدخل الذي يقوم به أردوغان لمصلحة الإسلاميين المتشددين لتحقيق أهدافه باستعادة حكم السلطة العثمانية؟!