«الوسادة» التركية لإيقاف التنفس السعودي .. بقلم: إيفين دوبا

«الوسادة» التركية لإيقاف التنفس السعودي .. بقلم: إيفين دوبا

تحليل وآراء

الجمعة، ١٤ أكتوبر ٢٠١٦

حينما حاولت واشنطن التقدم باتجاه تقييد السعودية في قفص الاتهام، عبر قضية 11 أيلول، ذعر أوباما أمام التهيج السعودي حيال هذه المسألة، تولى الكونغرس القضية وبلورها بالشكل القادر على معاقبة الرياض تمهيدا للتخلص من «بؤرة الانكسارات».
قبل تلك الأثناء، سبق وأن اعتلى التوتر العلاقة الأميركية - التركية، فالنفور الأوروبي من أنقرة أصبح بمثابة الشوكة العالقة في حلق الحلم التركي، والتعاطي الأميركي المتعالي أرهق السلطنة «العصملية» الجديدة وأصابها «بالديسك» في العديد من فقرات عمودها الفقري بالمنطقة، حينها توجهت تركيا إلى موسكو بسياسة مطأطأة، مع حفظ خط العودة أو اللعب على الحبلين بشكل مكشوف، عبر مماراة «إسرائيل».
مشكلة الولايات المتحدة الأميركية هي في السعودية، البعيدة عن التجانس في التحالف الذي تقوده لتغيير المنطقة على مقاسها، لقد سببت لها، الفصائل المسلحة على الساحة السورية الكثير من الحرج والاستنزاف المالي غير المدروس دون تحقيق نتائج فعلية ضمنت لها إدارة الحرب من بعيد، ربما يكون ذلك أحد الأسباب الموجبة والوجيهة للتحفظ على المال السعودي في الخارج، الذي تعتمده واشنطن كأرصدة لبث الفوضى.
في سورية، لم يعد خافيا ذلك الصراع المشتد بين القوى الإقليمية المنضوية في «مجلس» دعم فصائل المعارضة المسلحة، فهناك رغبات ومصالح تزداد تناقضا والنافر الأساس هو السعودية تليها تركيا، اللتين سعيا لمحاولة قطف ثمار الحرب على سورية بعيدا عن الأذونات الأميركية لذلك اشتعلت الجبهة بين فصائل متطرفة «كأحرار الشام» و«جند الأقصى» بشكل ينذر بأن الصراع قد يمتد ليشمل جميع مكونات الفصائل المسلحة، للتضارب فيما بينها بناء على توجهات تركيا والسعودية.
سبق للحكومة التركية وأن طلبت من جبهة النصرة، أو «فتح الشام» الاسم الجديد، التوجه إلى ريف حلب الشمالي بعيدا عن معارك حماه للتغطية، لقواتها العسكرية أثناء عملية «درع الفرات»، في هذا الوقت تحركت «جند الأقصى» بطلب سعودي في محاولة للسيطرة في الريف الحموي وهو ما لم تغفره أنقرة أو أنها اضطرت «لابتلاعه» على مضض إلى حين الاستحقاق.
واشنطن استشعرت الخطر في الشمال السوري، ضغطت كثيرا إلى حد المبالغة في التدخل المباشر، بعد سنوات من التحاشي، لأنها لا تريد التحول إلى جبهة الجنوب حيث ربما تضطر إلى مخاطرة عمياء هناك في حال خسرت جبهة الشمال، وفي هذا السياق فإن السعودية لم تكاتفها بل حاولت السعي وراء مصالحها منفردة، لتنفجر في وجه هذه الأخيرة كل كميات السخط الأميركي الذي جرى الإعداد له في فترة المهادنة الروسية – الأميركية التي عنونت بأنها مرحلة البحث عن اتفاق شامل على طاولة ديبلوماسية.
إيقاف التنفس السعودي «بالمخدة» التركية، ليست مهمة كلفت بها أنقرة وحسب، بل أصبحت توجها لدى النظام التركي الذي استشعر بدوره الملاعبة السعودية على مصالحه في الشمال، حينما استدارت أنقرة بعيدا عن واشنطن قليلا، نجحت هذه الأخيرة باستعداتها عبر هذه المهمة أو الاتفاق المبطن الذي بدأ يخرج فعليا على أرض التنفيذ بجوانب عدة، فأخذت واشنطن على عاتقها الإجراءات السياسية والاقتصادية، بينما تصفية الفصائل السعودية على الساحة على عاتق تركيا لتبديدها ونثر عناصرها بين الفصائل التركية.
من غير الوارد أن تتمكن السعودية من الاحتفاظ بمقدار سطوتها على الفصائل التي تدعمها، لأن السيولة المالية التي كانت «تتبختر» من خلالها في ميدان الصراع أصبحت جامدة، بما يهدد اقتصادها الداخلي الذي بدأ ينحى إلى التقشف وتخفيف الصرف، من خلال ذلك قد تفقد أوراق اللعبة التي وزعت لها في زمان سابق، في الوقت الذي تبعثر فيه أنقرة عناصر فصائل الرياض ضمن الفصائل التي تدعمها، وبذلك، فإن الطموح السعودي الداخل ضمن دائرة الحرب، بات تحت «الوسادة» التركية، وما تبقى هو مزيد من الضغط لتحقيق الاختناق.
عاجل الاخبارية