البدائل الأميركية والنيات المُبَيتة.. بقلم: محمد عبيد

البدائل الأميركية والنيات المُبَيتة.. بقلم: محمد عبيد

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١١ أكتوبر ٢٠١٦

أي بدائل تلك التي تلوح بها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما كلما فشلت في تحقيق أهدافها في سورية ديبلوماسياً؟ وهل بمقدور هذه الإدارة المترددة منذ عام 2011 والمترنحة بسبب فشلها في صياغة إستراتيجية فعالة لمقاربة الأزمة في سورية، الانتقال إلى تنفيذ خيارٍ عسكري يقلب المعادلات الميدانية أو على الأقل يعيد الند الروسي إلى طاولة التفاوض الثنائي المتساوي؟
وبالواقع قد يصعب تفسير أداء إدارة أوباما، فعلى حين تتهرب من تنفيذ التزاماتها الواردة في الاتفاق المعروف والموقع عليه من رئيس ديبلوماسيتها جون كيري والتي ستوفر عليها التورط المباشر وربما المُكلِف في الميدان السوري، تقوم بتسريب تقارير صحفية حول نيتها توجيه ضربات مؤلمة وحاسمة ضد سورية في محاولة لجسِّ نبض الطرف الروسي وردود فعله المحتملة في حال إقدامها على ذلك.
ولم تكد وسائل الإعلام والصحافة تبث تلك التقارير حتى جاء الرد الروسي المزلزل تعبيراً وموقفاً ليعيد تأكيد إخفاق واشنطن في قراءة الموقف الروسي وتقديره، كذلك تجاوزها ولو بالنيات لمبادئ القانون الدولي الذي يمنعها حكماً من استهداف أي حكومة مكتملة الشرعية الوطنية والدولية وفق مواثيق الأمم المتحدة.
لكن يبدو أن الولايات المتحدة الأميركية كانت تأمل أن تضع العالم ومن ضمنه روسيا وإيران تحديداً أمام أمرٍ واقع ينتجه النجاح في القيام بضربات خاطفة ومحددة تستهدف البنية القيادية السياسية في سورية وليس فقط العسكرية، ما يعني إسقاط النظام بالقوة وما يفتح الطريق أيضاً للبحث مع حليفيه الأساسيين في البدائل المفترضة لإعادة تكوين نظام جديد يتم تسمية أشخاصه على أساس رجحان كفة المبادر إلى حسم المواجهة لمصلحته.
لم يكن أمام موسكو سوى الرد بالتهديد المباشر في حال استهداف «أي موقع على الأراضي السورية» وليس فقط الجيش العربي السوري الحليف، في إشارة مبطنة إلى علمها بالنيات الأميركية المبيتة التي تتجاوز هذا الجيش أو قياداته العسكرية وقيادات الأجهزة الأمنية. فلو كان هذا الأمر يحقق الغاية المرجوة لنجحت عملية تفجير مكتب الأمن القومي في 18 تموز 2012 في إسقاط النظام بعد استشهاد وجرح قياداته العسكرية والأمنية الأولى، ولكانت الغارات الأميركية المتعمدة ضد مواقع الجيش العربي السوري في منطقة دير الزور الشهر الماضي قد أدت مهمتها في تحطيم معنويات هذا الجيش ودفعت قادته وضباطه وأفراده إلى التراجع أو التفكير على الأقل في الانشقاق أو الهرب ومن ثمَّ تفككه وتشرذمه.
ورغم ذلك، ظلت مراكز الدراسات الإستراتيجية الأميركية تتسابق إلى تقديم الخطط والأفكار الممكنة التحقيق لإدارة أوباما بهدف تطويع روسيا وإيران وعبرهما سورية لجرهم إلى تسوية «معقولة» تفرض التعادل السياسي بعد العسكري في موازين القوى المتقابلة. وتبدأ هذه الخطط والأفكار من قطع الاتصال السياسي نهائياً مع الجانب الروسي وتحريك جميع ملفات الاشتباك الدولية القائمة ضدها وتمر بتزويد المسلحين بصواريخ نوعية مضادة للدبابات وللطائرات الحربية وكذلك الموافقة على المطلب التركي توسيع مساحة تمدده داخل الأراضي السورية مع ما يستتبع ذلك من فرض منطقة حظر جوي وتنتهي باستهداف الرئيس بشار الأسد.
لاشك أن السد السياسي والعسكري الروسي قد لجم احتمالات الاندفاعة الأميركية المحتملة والجو الإعلامي والسياسي المحموم والمشحون الذي عاشته دوائر القرار السياسي والعسكري والإستخباراتي الأميركية بانتظار القرار الموعود من الرئيس أوباما الذي لا يبدو أنه راغب أو قادر على إعادة برمجة أولوياته في أيامه الأخيرة.
لعل أكثر ما يزعج المندفعين في واشنطن للمخاطرة بعمل عسكري هو احتمال تسجيل نصرٍ سوري- إيراني- روسي يقيِّد سلفاً قدرات الإدارة الأميركية العتيدة فيما يتعلق بالأزمة في سورية وبنتائجها الإقليمية والدولية.