الفرار.. ثلثا الشرف السعودي.. بقلم:إيفين دوبا

الفرار.. ثلثا الشرف السعودي.. بقلم:إيفين دوبا

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١١ أكتوبر ٢٠١٦

على طريقة غارات البرابرة، أو الغزوات البدوية التي تهدف لإلحاق الضرر الأكبر بالخصم، تتم قراءة مجزرة القاعة الكبرى في العاصمة اليمنية، وليس بأي لغة أخرى، فالسعوديون ضربوا ويحاولون التفتيش عن المهرب، بشكل ما يشير إلى هبوط الدولة السعودية إلى مستوى العقلية القبائلية في تعاطي الملفات الساخنة ذات الأهمية البالغة في الساحة الدولية.
لم يكن من المتوقع أن تتعامل الدائرة الإعلامية المحيطة بالنظام السعودي، بخصوص مجزرة القاعة الكبرى في صنعاء، على هذا النحو من التملص إلى الدرجة، التي حاولت فيها بسذاجة وسطحية، وصلت حد الوقاحة لتمهيد الطريق أمام نظام الرياض للهروب من المسؤولية عن الدماء التي سالت بغزارة مرة واحدة وفي مكان واحد.
يستشف، من التنصل السعودي غير الرسمي، الذي ظهر على اللسان الإعلامي للنظام الحاكم في أرض الحجاز أن الرياض فعلت فعلتها دون إدراك للنتائج، أو حتى دراسة تقديرات المسألة وتداعياتها، وعلى الأرجح فإن الغارة السعودية تم تنفيذها بمشاعر حقد وليس ضمن سياسة أو تكتيك عسكري الذي تفتقده الدولة السعودية في هذه الأثناء، فتحاول تغطية الانكسارات السياسية والعسكرية بعمل ذو طابع وحشي.
على مستوى الحماقة فعلت الرياض فعلتها، لأنها حاليا، قيد الإدانة في الكونغرس الأميركي وهنا لا يمكن المزاح، فأرصدتها المالية في الخارج تحت الحجز، وقانون معاقبة ممولي الإرهاب يتجه إلى تكبيل يدي النظام السعودي وسوقه، ربما، إلى محاكمة صورية تنتهي بإحالته إلى التقاعد كأحد حلفاء واشنطن، لكن ما يستدرج التركيز هو أن الرياض إذا كانت تتصرف وسط «معمعة» اليمن بهذا الشكل فالأكيد أنها فقدت الوعي وتحديد المشهد بشكل عام، ليكون أنفها الوهابي المتضخم هو آخر نقطة في المنظور الاستراتيجي لديها.
الإبادة التي ارتكبتها المقاتلات السعودية لم تجني غنائم ميدانية واقعا، نعم خلفت دماءاً غزيرة لمئات الضحايا، وفاجعة لا يمكن لليمن أن ينساها مستقبلا على الإطلاق، لكن أين المكسب العسكري جراء هذا النوع من الغارات؟، لاشيء، كما أنها لم تفلح بكسر الإرادة اليمنية التي تصلبت كما تأكد منذ اللحظات الأولى بعد مجزرة الإبادة، وأصبحت تدرس الاحتمالات الميدانية التي لا تستطيع السعودية تحملها بعد كم الهزائم التي منيت بها القوات السعودية في الحرب على اليمن.
ما فعلته الرياض لا يمكن ستره بالدشداشة المهترأة، ولا يمكن التنصل منه مهما تكاثف الحبر الإعلامي العامل على فتاوى أوراق الريال المتجه للانهيار، وقد يكون الفرار والهروب ثلثا الشرف السعودي، لكن إلى أين؟، طالما أن طرق جيزان وعسير أصبحت شائكة بما فيه الكفاية أمام القوات السعودية التي تدحر في عقر دارها