متى يكون الموظف الحكومي بخدمة المواطن؟!.. بقلم: سامر يحيى

متى يكون الموظف الحكومي بخدمة المواطن؟!.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ٩ أكتوبر ٢٠١٦

قبول المواطن العمل بالقطاع العام هو إقرار منه بالالتزام بالهيكلية القائمة والقرارات النافذة، والإمكانيات المتاحة، والأجر المحدد، والحفاظ على سريّة عمله وفائدة مؤسسته، وتنفيذ القرارات والقوانين والأوامر التي تصدرها، بما يصب بمصلحتها، التي هي مصلحة الوطن والمجتمع كله، أياً كان اختصاص تلك المؤسسة ودورها.
أما الفكرة المأخوذة عن القطاع العام بأنّه نقطة ماء جارية خير من نهر مقطوع، أو جمعية خيرية لتقديم رواتب موظفيها، أو بقرةٍ حلوب، فكرة تدميرية بحاجة لتغييرها ضمن نقاشاتنا المتعدّدة وأحاديثنا، لأن المؤسسة العامة هي جزء من الحكومة التي تدير موارد الدولة بما يساهم بنهضته، فأي خسارةٍ فيها هي خسارة للوطن بأكمله، وأي ربحٍ فيها هو ربح للوطن كله، وبالتالي نتائج عملها ستنعكس على كل مواطنٍ من دون استثناء، من هنا تنبع قدسية العمل بالقطاع العام، التي يجب أن يدركها كل منتمٍ لهذا القطّاع، أياً كان دوره ومرتبته الوظيفية، ما يتطلّب من الحكومة إيجاد فرص العمل استناداً لدراسة جدية وإحصائيات حقيقية لتلبية حاجيات المجتمع والوطن ورفع وتيرة الإنتاج وتأهيل الشخص ليكون بالمكان المناسب، حتى الشهيد قدّم دماءه لتحقيق ازدهار ونهضة وسيادة الوطن، وأن يكون ذووه عنصراً فعالاً في بناء الوطن لا عالة عليه.
فقيام الموظّف بدوره ضمن القرارات والأنظمة، وليس التمييز بين المواطنين، فأكبر إهانة يستخدمها الموظّف ضد وطنه ومؤسسته القول بأنّ المواطن لا يمكن إرضاؤه، وأنّه يبذل جهداً لو كان غيره في مكانه لما بذل ربع الجهد، متجاهلاً أن دوره تلبية متطلبات المواطن وخدمة المجتمع، وتضييق الفجوة بين المواطن والمؤسسة، وجعلها مثالاً للعطاء لا توسيع الفجوة بين المواطن ومؤسسته، ومهما كان المواطن متطلّباً فدور الموظف الحكومي أياً كانت مرتبته أن يقدم لهذا المواطن خدمته، ويقنعه بواجباته ودوره، لا أن ينفّره، فالموظف الحكومي لا يمثّل ذاته، إنما المؤسسة التي ينتمي إليها والوطن كله.
 من الأهمية بمكان عقد الاجتماعات الدورية بين الموظفين، وتشجيع الحوار والنقاش لتقديم الأفكار والاقتراحات للوصول للهدف المنشود، وإيجاد الحلول، لا وضع الذرائع والحجج والتبريرات اللامنطقية، لأن قيام الموظف بتقديم آرائه والاستماع لآراء الآخرين يحفّز الروح المعنوية لديه لبذل الجهد المطلوب منه، وتطوير أدائه ورفع إنتاجيته وكفاءته بما يلمسه المواطن على أرض الواقع.
 أما التقييم المؤسساتي فيجب أن ينطلق مما يلمسه المواطن على أرض الواقع لا استناداً لتقارير وأرقامٍ خلبية يصيغها الشخص لإدراكه بأنه من الصعب على المسؤول أن يدقق في كل صغيرة وكبيرة.. ولا سيما الكثير من الربح الرقمي يكون عكس الحقيقة.
الوطني الحقيقي هو الذي يقوم بإتقان عمله، وتحقيق فائدة مجتمعه، لتحقيق هدف مؤسساته، لا أن يدّعي أن مجرّد بقائه وعدم مغادرته الوطن هو موقف وطني، متجاهلاً أن الوطنية بالأفعال لا بالأقوال، وكم من الشخصيات الموجودة في مقرّات عملها تسيء للوطن، وتوسع الفجوات بين المواطن مؤسسات وطنه بما ينعكس سلباً على الوطن، وتكون العون للإرهاب وعبئاً على مؤسسات الدولة الوطنية.
التهرب من المسؤولية وتحميلها للآخر تحت أي بند كان خطأً فادحاً يرتكبه الموظّف، فقدرة الموظف على تجاوز المعوقات والتحديّات بهدوء وحكمة وحنكة بما يخدم الوطن، ولا يتصادم مع من يحاول التقليص من أدائه.
الهدف من الالتزام بالدوام، هو تحقيق الدقة والإتقان وإنجاز العمل المنوط به لا مجرّد تحقيق رقم وهمي في الدوام، يكون عبئاً على المؤسسة لا عطاءً لها.
نحن الآن في نهاية العام المالي، نرى أن الجهات الحكومية ستعمل جاهدةً لصرف موازنتها بعيداً عن التفكير المنطقي، تحت حجّة ضرورة الصرف لأنها ستعود للموازنة العامة للدولة، وقد لا يتم منحها ثانية، متجاهلين قدرة المؤسسات على تفعيل عملية المناقلة بين بنود موازنتها بما يحقق فائدة المؤسسة وتحقيق الإنجازات الحقيقية التي تطلبها المؤسسة، وبذلك نكون قد وضعنا خطة الموازنة في إطارها الصحيح بعيداً عن الإطار النظري الوهمي، وتتحقق فائدة الوطن والمؤسسة على حدٍ سواء.
سوريتنا قوية، وستنهض أقوى، وستنتصر على الفساد والإرهاب بآنٍ معاً، لأنّ لديها مؤسسات قوية وقادرة وصامدة وبإمكانها فتح كل الجبهات بهدوءٍ وتؤدة، نفعّل الضمير الوطني لدى كلٍ منا، وعدم السماح لأعداء الوطن باستغلال ثغرات جديدة للتسلل واستنزاف خيرات بلدنا ولاسيما الموارد البشرية القادرة على تحقيق النهوض بالوطن، بسنوات قليلة، وتكون مثالاً للنهوض والنجاح وتفويت الفرصة على أعداء الوطن لتحقيق أهدافهم.