تفاقم أزمات النظام الرسمي العربي أمام بداية انفراج الأزمة السورية

تفاقم أزمات النظام الرسمي العربي أمام بداية انفراج الأزمة السورية

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٦ سبتمبر ٢٠١٦

تحسين الحلبي

أصبح من الصواب الاستنتاج بأن كل دولة عربية أو إسلامية تدخلت منذ أزمات ما يسمى الربيع العربي بدأت تدفع ثمناً باهظاً من استقرارها على المستوى القريب المنظور والبعيد المتوقع، فها هي السعودية تخسر كل سنة من انخفاض أسعار البترول الذي فرضته عليها واشنطن لمحاربة روسيا مالياً 100 مليار دولار من ميزانيتها السنوية إضافة إلى الديون التي تترتب عليها في البنوك الأميركية بسبب شراء الذخيرة والسلاح لمحاربة اليمن.
وفي تركيا تعرضت البلاد إلى عمليتين انتخابيتين للبرلمان وإلى محاولة انقلاب فاشلة فرضت على الحكومة التركية حالة متزايدة من عدم الاستقرار في سياستها الداخلية والخارجية وحتى الآن لم تتجاوز تركيا الأزمات التي ولدها التدخل ضد سورية، والثمن الاقتصادي والأمني الذي تدفعه بسبب هذا التدخل.
أما في بقية دول الخليج وخصوصاً قطر فالثمن المالي الذي دفعته قطر ضد سورية وليبيا والعراق ومصر بعد إسقاط مبارك أصبح باهظاً رغم أن مضاعفاته لن تظهر إلا في المستقبل ولو قررت دول الخليج الأخرى النظر في حسابات خسارتها المالية من النفط ومن تسخير سياستها ضد سورية لراجعت نفسها لأنها لا ناقة لها ولا مصلحة في دعم كل هذه المعارضات الإسلامية المتطرفة والوهابية وغير الإسلامية التي تبنتها الولايات المتحدة سياسياً وعملياً وتوجيهياً من دون أن تنفق من أموالها دولاراً واحداً عليها.
فأصبحت واشنطن الرابحة إن استمرت الأزمات والأقل خسارة حين تنتهي هذه الأزمات بفشل أهدافها.
أما الخاسر الأكبر فهو المصالح العربية في كل مكان لأن الأزمة ستفرض استحقاقاتها السلبية وربما الكارثية على دول النفط مالياً واجتماعياً واقتصادياً ناهيك عن الشرخ الذي سيتولد في مجال علاقاتها مع دول كثيرة في المنطقة حين تجد دول الخليج أن النفط الأميركي سيفرض دوره في ساحة أسواق النفط على حساب نفطها؟!
وهذه الحقيقة أكدتها مراكز أبحاث أميركية متخصصة بإحصاءات احتياطي النفط العالمي ومستقبل أسواقه.
وبالمقابل تجد إسرائيل نفسها أكبر رابح من كل هذه الدوامة التي أفرزتها حرب لا مبرر لها شنتها دول خليجية بأموالها وبقراراتها السياسية ضد سورية وفي مصر وليبيا والعراق من دون أن تحقق أي مصلحة خليجية منها.
أما واشنطن فمن المتوقع أن تدافع الإدارة الأميركية فيها عن نفسها وتنفي عنها أي مسؤولية في كل هذا التدمير والقتل الوحشي منذ آذار 2011 في المنطقة وستلجأ وسائل الإعلام الأميركية والكونغرس إلى تحميل هذه المسؤولية لدول الخليج والمؤشرات التي تدل على هذه السياسة الأميركية من المتوقع أن تظهر خصوصاً بعد صمود سورية والعراق في مجابهة أدوات الحرب التي تبنتها واشنطن ووجهتها ضد سورية والعراق.
ولن يكون بمقدور السعودية بشكل خاص الدفاع عن سياستها حين يجد السعوديون الذين سيزدادون فقراً بعد كل هذا التدمير للأموال السعودية ولمضاعفات العداء ضد اليمنيين والسوريين والعراقيين بمزاعم واهية لا يصدقها أي عاقل.
فالكل يلاحظ أن سياسة عزل سورية عن حلفائها الإقليميين والدوليين باءت بالفشل بل إن حلفاءها ازدادوا وتكثفت أشكال الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي لسورية بينما بدأ حلفاء دول النظام الرسمي العربي يحملون حلفاءهم مسؤولية الفشل والتدمير وارتكاب جرائم ضد حقوق الإنسان.؟!
الوطن