ترامب واللاجئون السوريون.. بقلم: سنان انطوان

ترامب واللاجئون السوريون.. بقلم: سنان انطوان

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٣٠ أغسطس ٢٠١٦


ظهر اللاجئون السوريّون في أوّل إعلان دعائيّ تلفزيونيّ أطلقه ترامب مؤخراً، ويعاد بثّه الآن في عدد من الولايات التي تحتدم فيها المنافسة مع كلنتون. لم تدم اللقطة التي تصوّر العشرات من اللاجئين السوريّين واقفين ينتظرون في مكان ما أكثر من ثانيتين. إلا أن الصوت المرافق حذّر المشاهدين من أن انتخاب كلنتون التي دعت إلى رفع عدد اللاجئين السوريين إلى 65 ألفاً سيؤدي إلى «تدفّقهم على البلاد». ويعقب هذا مشهد المهاجرين «غير الشرعيين» القادمين عبر حدود البلاد الجنوبية ويقول لنا الصوت إن المجرمين المدانين منهم يظلّون في البلاد ويقبضون المعونات. أما في أميركا التي سيقودها ترامب فإن «الحدود ستكون محميّة وسيظل الإرهابيون والمجرمون الخطرون في الخارج وستكون عوائلنا بأمان».
ليس مفاجئاً أن تكون العنصرية ضد المهاجرين ورهاب الإسلام الثيمة الرئيسية في خطاب ترامب. فهو استهل حملته للترشّح للرئاسة بتصريح ناريّ وصف فيه المهاجرين القادمين من المكسيك بالمجرمين وتجّار المخدّرات والمغتصِبين. ثم طالب، كما هو معروف، بعدم السماح للمسلمين بدخول الولايات المتحدة. وفي تشرين الثاني الماضي شبّه اللاجئىن السوريين بـ «حصان طروادة» ونصح الأميركيين بأن يقفلوا أبواب بيوتهم. وفي الأسبوع الماضي أدلى ابنه إيرك، الذي يعمل في حملة والده٬ بدلوه قائلاً إن اللاجئين السوريين (والمهاجرين غير الشرعيين) هم السبب وراء عدم ارتفاع معدلات الأجور في السنوات الخمس عشرة الأخيرة!
كل هذا التخويف مع العلم أن مجموع اللاجئين السوريين الذين تم توطينهم في الولايات المتحدة في السنين الخمس الأخيرة هو عشرة آلاف، وهو رقم ضئيل جداً مقارنة بأعداد اللاجئين الهائلة. ليست حدود أميركا مفتوحة على مصراعيها للهاربين من الحروب والصراعات، كما يظن الكثير من الأميركيين. مدينة سويدية صغيرة (سودورتاليه) استقبلت العام 2008، بعد خمس سنوات من غزو العراق ونشوب حرب أهلية فيه، 6000 لاجئ عراقي. وفاق الرقم سنتذاك مجموع اللاجئين العراقيين الذين قبلتهم الولايات المتحدة بين 2003 و2008.
وإذا كان في تاريخ البلاد أمثلة كثيرة على السماح للاجئين من مناطق الصراعات والحروب، والمهاجرين الباحثين عن حياة أفضل، بالدخول، فإنه يحفل بالعكس أيضاً. لن يكون ترامب، في حال وصوله الى البيت الأبيض ووفائه بوعوده، أول رئيس أميركي تسنّ في عهده قوانين عنصريّة تضع قيوداً على الهجرة تستهدف إثنيّات معيّنة. ففي العام 1924 وقّع الرئيس كولج قانون الهجرة الذي فرض قيوداً شديدة وحصصاً على أعداد المهاجرين القادمين من جنوب وشرق أوروبا (تحفل جرائد تلك السنوات بمقالات ورسوم كاريكاتيرية عنصرية تتحدّث عن كسلهم ووسخهم) ومنع هجرة الآسيويين والعرب كليّاً. ولم يتم تغيير هذا القانون حتى العام 1952. ولا يخلو المناخ السائد آنذاك من أوجه شبه بالأوضاع اليوم. كانت الولايات المتحدة تعاني من آثار الكساد الاقتصادي (1920-1921) وكان الخوف من خطر الشيوعيّة قد تنامى، أضف إلى ذلك أسطورة التفوّق العرقي المتجذّرة. وفي العام 1942، بعد شهرين من الهجوم الياباني على ميناء بيرل هاربر، أصدر الرئيس روزفلت قراراً تم بموجبه وضع 120 ألف أميركي من أصل ياباني في معتقلات على أساس أنهم يشكّلون تهديداً للأمن القومي. ولم تغلق المعسكرات حتى العام 1946.
ترامب وريث هذه السلالة وهذا التاريخ.