التفاهم حصل لكن الاستدارة مؤجلة.. بقلم: رفعت البدوي

التفاهم حصل لكن الاستدارة مؤجلة.. بقلم: رفعت البدوي

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٢ أغسطس ٢٠١٦

من ينظر إلى المشهد الإقليمي والدولي سرعان ما يكتشف أن الاشتباك الإقليمي وحتى الدولي لم يزل على أشده على الرغم من بعض المتغيرات التي طرأت على صعيد العلاقات الروسية التركية والإيرانية التركية بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا وبعد الاجتماع الثلاثي المهم بين إيران وروسيا وأذربيجان في باكو.
الاستنتاج الأول لهذا المشهد يشي بأننا على عتبة إنشاء محاور وتكتلات جديدة في المنطقة والعالم لذا نرى أن الاشتباك الدولي بين روسيا وأميركا لم يزل على أشده أميركا تحاول استكمال المشروع التفتيتي في المنطقة وتقوم بدعم الأكراد لإنشاء دولتهم في الشمال السوري إضافة لمحاصرة روسيا من خلال نشر صواريخ في بلدان محيطة بروسيا مثل بولونيا وغيرها ومن ثم إرسال قوات أميركية إلى الحدود مع جزيرة القرم في تصعيد أميركي واضح للأزمة الأوكرانية مع روسيا ما حدا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتوجه إلى جزيرة القرم مطلقاً سلسلة من التصريحات ضد تدخل أميركا السافر في المشكلة الأوكرانية مع روسيا أما روسيا التي اتبعت سياسة هادئة في البداية فاتجهت نحو الانخراط أكثر في المواجهة ضد المشروع الأميركي بعد أن وجدت نفسها في صلب الحرب كيفما سميت باردة أم دبلوماسية وحتى محورية فاتخذت في الآونة الأخيرة خطوات هجومية تمثلت بإنشاء تكتلات مهمة في مواجهة أميركا ومخططاتها الهادفة لمحاصرتها تمثلت بتقارب تركي روسي مع تفاهم روسي إيراني تركي مثلث وخصوصاً بعد الموقف الروسي الإيراني الرافض للانقلاب التركي الفاشل..
مما لا شك فيه أن محور التفاهمات بين تركيا وروسيا وإيران هو ملف الأزمة السورية البالغ الأهمية لجهة رسم مستقبل المنطقة برمتها أم لجهة رسم هوية التحالفات المستقبلية سياسياً واقتصادياً لأن سورية باتت نقطة الارتكاز المحورية في تحديد شكل ووجهة تلك المحاور التي تعتبر قيد الإنشاء بانتظار اكتمال بلورة الصورة والرؤية الواضحة في بناء النظام الإقليمي والعالمي الجديد.
الثابت أن تركيا أردوغان تمثل العقدة الكأداء ورأس حربة بالنسبة لأزمة اشترك فيها معظم العالم لأكثر من خمس سنوات متواصلة ضد سورية إلا أن تركيا بعد الانقلاب الفاشل ليست تركيا قبل محاولة الانقلاب وخصوصاً بعد التأكد من ضلوع أميركا والسعودية ودولة الإمارات في المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا والسبب هو أن أميركا لم تعد تثق بأردوغان الذي وصفه الرئيس الأميركي أوباما بالمستبد والفاشل والسعودية ترى بأردوغان المنافس الأساسي لدورها الإسلامي في المنطقة أما الإمارات فهي تكن عداء مزمناً للإخوان المسلمين في المنطقة المقابلة التلفزيونية التي حظي بها عبد الله غولن على شاشة قناة العربية أعطت إشارات مهمة لجهة عدم رضى السعودية عن سياسة أردوغان الذي بدأ باستمالة روسيا وإيران زيارة أردوغان لروسيا أسفرت عن تفاهم بين الطرفين محوره إنقاذ الاقتصاد التركي مقابل ضبط الأتراك للحدود المشتركة بين تركيا وسورية مع ضمانات روسية بمعالجة الملف الكردي الذي يجمع بخطره بين تركيا وسورية فتركيا التي كانت تنادي بمنطقة عازلة في سورية تمهيداً لسلخها باتت اليوم تقر بضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية إذاً التفاهم حصل لكن الاستدارة التركية الكبرى مؤجلة خوفاً من تفجيرات مشابهة لتفجير مطار أتاتورك، (ولا نعرف ما إذا كانت ستبقى مؤجلة بعد تفجير غازي عنتاب يوم أمس).
إيران التي بادرت لإرسال وزير خارجيتها جواد ظريف إلى انقره للقاء نظيره التركي جاويش أوغلو ولقاء أردوغان أنتج زيارة سرية لمولود جاويش أوغلو إلى طهران واجتماعه مع نظيره الإيراني وكبار من الجسم العسكري الإيراني لمدة خمس ساعات متواصلة تصريحات نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش الذي وجه انتقاداً لاذعاً وشرساً غير مسبوق لسياسة تركيا التي اعتمدت في الأزمة السورية لأنها وحسب تعبير كورتولموش جلبت لتركيا المآسي ووضعتها في خطر.
أما تصريحات رئيس وزراء تركيا بن علي يلدريم بأن الأزمة السورية ستشهد حلاً يرضي الجميع في الأشهر القادمة وعلينا الاعتراف أن الرئيس السوري بشار الأسد طرف فاعل ولا مانع من التباحث معه كلها تصريحات تعبر عن تموضع جديد قادم.
تركيا أردوغان لم تعد تملك ترف الخيارات فتركيا في خطر ومشاريعها في سورية تحطمت ومسألة الأكراد في الشمال السوري جمعت بخطورتها بين سورية وتركيا ولم يعد أمام أردوغان إلا فتح أبواب التعاون الأمني والعسكري مع سورية وخصوصاً بينما خص الشمال السوري والأيام القادمة ستكشف لنا عن الخيارات التركية القادمة.