زيارة هامة في سياق العلاقات السورية – الهندية

زيارة هامة في سياق العلاقات السورية – الهندية

تحليل وآراء

الخميس، ١٨ أغسطس ٢٠١٦

سامر ضاحي

يستمر الحراك الشرق آسيوي باتجاه دمشق حيث تشير الزيارة المرتقبة التي يجريها وزير الدولة الهندية للشؤون الخارجية أم جي أكبر إلى سورية خلال فترة وجيزة قادمة إلى جدية نيودلهي في تفعيل علاقاتها مع دمشق وزيادة مستوى التعاون بين البلدين، ولاسيما أن الهند وقفت إلى جانب الحكومة السورية خلال الأزمة الأمر الذي دفع وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم إلى زيارتها في كانون الثاني الماضي.
ولطالما عرفت الهند بأنها مهد حضارة وادي السند، تتمتع بنظام ديمقراطي بعد كفاح من أجل الاستقلال الذي تحقق عام 1947 دفعها إلى المشاركة في تأسيس منظمة عدم الانحياز ومساهمة رئيس وزرائها آنذاك جواهر لال نهرو في انعقاد مؤتمر باندونغ بإندونيسيا عام 1955 وكان دور لا لنهرو فيه محورياً إلى جانب الرئيس المصري جمال عبد الناصر ورئيس يوغسلافيا جوزيف بروز تيتو وتبنى المؤتمر مجموعة من القرارات لمصلحة القضايا العربية وضد الاستعمار.
ولطالما اشتركت الهند وسورية في تلك المنظمة بدعوة الدول الغربية والعالم ومنظمة الأمم المتحدة إلى وضع مفهوم واضح للإرهاب بعد ما عانته الدولتان وغيرهما من دول المنظمة من إرهاب الدول الإستعمارية، إضافة إلى ازدواجية المعايير الغربية التي تخلط بين الإرهاب وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
ومنذ أيام أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية فيكاس سوراروب أن أكبر سيقوم بزيارة رسمية إلى كل من سورية ولبنان والعراق في الفترة ما بين 17 و23 من الشهر الجاري يجري خلالها مباحثات مع عدد من المسؤولين في الدول الثلاث، تأكيداً على موقف الهند بشأن تطوير العلاقات الثنائية مع الدول المعنية وحرصها على تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة في ظل الحرب الدائرة على الإرهاب والمجموعات التكفيرية في المنطقة.
وبدا سوراروب واضحاً في إعلان نية بلاده «تطوير العلاقات» إضافة إلى أنها جادة في دعم الحكومة السورية ولاسيما أن وزيرة خارجيته سوشما سواراج أكدت للوزير المعلم خلال استقباله في 12 كانون الثاني الماضي أن بلادها ‏كانت ولا تزال تعتبر أن الإرهاب مشكلة خطرة مشيرة إلى أن بعض الدول الأميركية والأوروبية شعرت مؤخراً بخطر الإرهاب بعد وصوله إليها وبدأت تدرك أهمية مواجهته.
وجددت سواراج ‏حينها وقوف الهند إلى جانب سورية في مكافحة الإرهاب وترحيبها بالتنسيق السوري الروسي في هذا المجال ودعمها لجهود ‏الحكومة السورية في مساري الحل السياسي للأزمة والقضاء على داعش والتنظيمات الإرهابية.
وسبق ذلك بيوم واحد تشديد مستشار الأمن القومي آجيت دوفال وخلال استقباله المعلم على اهتمام بلاده بجهود مكافحة الإرهاب والوصول إلى حل سياسي للأزمة في سورية، موضحاً أن الإرهاب خطر يطول البلدين والمنطقة والعالم.
ويبدو من تصريحات المسؤولين الهنديين أن نيودلهي تدرك معنى تعرض دولة ما للإرهاب والجماعات المتطرفة ولاسيما أن الهند تجاور باكستان وقريبة من أفغانستان معقل تنظيم القاعدة الإرهابي والذي أوجد فرعاً له في سورية كان يدعم جبهة النصرة غير اسمه مؤخراً إلى «جبهة فتح الشام».
ولا يخفى على أحد أن وجود السفير الهندي مان موهان بانوت واستمرار عمله في دمشق في ظل سحب كثير من الدول لسفرائها وأغلقت سفاراتها بزعم أن «البلاد تتعرض لحرب أهلية» يؤكد أن الهند تنظر بعقلانية إلى الأزمة السورية وتدرك أن الجيش السوري قادر الحماية اللازمة ولا تنجر إلى محاولات الغرب التهويلية.
ومع تواصل الحديث عن محادثات جنيف لحل الأزمة السورية يجب التذكير بأن الهند جمهورية فدرالية تتكون من 28 ولاية وسبعة أقاليم اتحادية مع وجود نظام برلماني ديمقراطي، ما يعني أنها قادرة على تقديم نظام للتعايش المشترك إلى بلد تتنازعه الحرب عبر أزمة تعصف به منذ أكثر من خمس سنوات ولاسيما أنها تملك مجتمعاً متعدد الديانات، كما أنه متعدد اللغات ومتعدد الأعراق.
وفي الجانب الاقتصادي فإن الهند تملك سابع أكبر اقتصاد في العالم وثالث أكبر قوة شرائية، وقد استطاعت إجراء إصلاحات تستند إلى اقتصاد السوق عام 1991، أصبحت بعدها واحدة من أسرع اقتصادات العالم نمواً وتعتبر من الدول الصناعية الجديدة.
كما ولا يخفى على أحد قوة الهند العسكرية حيث تمتلك أسلحة نووية، ولديها ثالث أكبر جيش في العالم وتحتل المرتبة السادسة في الإنفاق العسكري بين الدول، نظراً للكثافة السكانية الهائلة التي تبلغ أكثر من مليار وثلاثمئه مليون نسمة.
ولا بد من الإشارة أيضاً إلى الزيارة المفاجئة التي قام بها مدير مكتب التعاون العسكري الدولي باللجنة المركزية العسكرية الصينية قوان يو في إلى دمشق واجتماعه مع وزير الدفاع فهد جاسم الفريج يوم الأحد الماضي إضافة إلى أن بكين أعلنت عن تعيين مبعوث خاص إلى سورية شي شياو يان في نيسان من العام الجاري ما يعني أن دول شرق آسيا القوية اقتصادياً باتت توجه أنظارها صوب دمشق ولم لا والبلاد مقبلة على مرحلة إعادة إعمار تتطلب الاستفادة من تجارب كل الدول الصديقة ودعمها.
الوطن