طريق الإفراط .. بقلم: د. اسكندر لوقــا

طريق الإفراط .. بقلم: د. اسكندر لوقــا

تحليل وآراء

الأحد، ١٤ أغسطس ٢٠١٦

عندما يود أحدنا استخدام الإفراط عادة في تناول مسألة من المسائل، فإنه غالباً ما يسعى إلى تضخيم الأمور التي يعتقد أنها غير مرئية من الآخر، فيجنح إلى إقناع نفسه قبل الآخر بأنه على حق، وبأن ما يراه هو يجب أن يراه من حوله. وغالباً ما ينتهي الإفراط في الرأي أو الرؤية، بخيبة أمل، عندما يكون مسنده فقط التمسك بالرأي ورفض الرأي الآخر.
 إن الإفراط، في الحياة عموماً، لا ينحصر في مسألة من دون سواها، وخصوصاً عندما ينقلب إلى عادة مستدامة لديه. الإفراط، في هذه الناحية، لا حدود له، فقد يكون إفراطاً في تناول الخمر، أو في ممارسة الرياضة، أو في القراءة، أو في ملازمة برامج التلفزيون من دون انقطاع، وسوى ذلك من عادات تكون عابرةً في بداية الأمر، ثم تنقلب إلى إفراط في ممارستها.
وفي كل الأحوال يبقى الإفراط في الحياة ظاهرةً لابدَّ أن يتنبه المرء إليها، لأنها حين لا تفارقه مع مرور الزمن تقارب حال المدمن تحت تأثير المخدر.  وفي هذه الحالة، من الطبيعي أن تفقد شخصية المصاب بهذا الداء، داء الإفراط إن صحَّ التعبير، جزءاً كبيراً من مكوناتها، فيغدو المصاب به كائناً غريباً حتى بين أهله ومعارفه، ولهذا الاعتبار أيضاً، كثيراً ما يعرض نفسه ليكون المتهم بتحمّل تبعات كل مسألة سببت أذى للغير حتى إذا كان بريئاً منها.
وفي حالات كثيرة، تأخذ هذه الظاهرة، ظاهرة الإفراط في ممارسة بعض العادات، منحى الإضرار بالآخر عمداً، كالإساءة إليه بتشويه سمعته، أو جعله في موضع السخرية منه، أو بتحميله نتيجة عمل مسيء لم يرتكبه، وغير ذلك من تصرفات تنعكس نتائجه سلباً على الآخر من دون ذنب، ومن هنا تبدأ العلاقات بين البعض من الناس بالتفتت، وقد تأخذ شكل عداوة، كلٌّ منهم ينتهز فرصته للإضرار بالآخر، فقط لإرضاء شهوة أو نزعة لديه، تحتاج إلى تقويم قبل السير، من دون وعي، على طريق الإفراط المدمر لسلوك المرء في حياته.
Iskandarlouka@yahoo.com