كل سوري محللّ وإعلامي...!!.. بقلم: سامر يحيى

كل سوري محللّ وإعلامي...!!.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

السبت، ١٣ أغسطس ٢٠١٦

التغيير هو العمل الإيجابي البنّاء المدروس للنظام الداخلي للمؤسسة خلال تطبيقه وفق اختصاصها، بهدف سد الثغرات وتصحيح السلبيات لتفاديها وعدم الوقوع بها مستقبلاً، وتقويم الإيجابيات والانطلاق منها لإيجابيات أكبر، وتوحيد الجهات المسؤولة عن الاختصاص الواحد، لمنع التشابك والتداخل في العمل.
 ولا يمكن للتغيير أن يحصل إن لم تكن لديه أدوات وأهم أداة للتغيير هي "الإعلام"، والتغيير في أي جسم مؤسساتي يجب دراسته من كل النواحي بالاشتراك بين العاملين بالمؤسسة والأكاديميين وأصحاب الخبرات، للخروج بالنتائج الإيجابية القابلة للتطبيق على أرض الواقع، فكيف بالإعلام، فهو الأداة للتغيير، وبنفس الوقت هو الجهة التابعة للحكومة والذي تموّله، ومسؤولة عن إدارته، وهذا طبيعي، ولا يوجد إعلام محايد في العالم أجمع، والإعلام الحكومي دائماً هو اللسان الناطق باسم الحكومة في كل بلد، ومن غير المنطقي أن يعمل الإعلام ضد مالكه أنّى كان، رسمياً أم مؤسساتياً أم أشخاصاً، وبات دور الإعلام أكثر خطورة مع انتشار التكنولوجيا، حتى بات كل منا من منزله بإمكانه أن يبث معلومةً قد تكون صحية أو كاذبة، تحليلاً معسولاً ممزوجاً بالسم الزعاف، وفقاً لانتمائه ورؤيته والجهة التي أوصلت له المعلومة، ولذلك نرى في بعض الأحيان الكثير يعمل ضد الوطن أو ضد نفسه عمداً أو غير قصد، وهنا علينا التمييز بين الإعلامي والعامل في الحقل الإعلامي.
 وقد تنبّهت القيادة في سورية لهذا الموضوع، ولذلك تم طرحه في اللقاء التشاوري للإعداد للحوار الوطني الشامل في تموز 2011 والذي حاربه أعداء الوطن، لأنّه كان أول مقترحٍ لحلٍّ سلميٍّ شاملٍ ورؤية واضحة لما يجري في سوريتنا من استهداف، بعيداً عن تدخّلات الآخرين، والذين بات الجميع يعود إلى فحواه بصيغةٍ أو بأخرى، هذا اللقاء الذي تم خلاله مناقشة عدّة قوانين من بينها قانون الإعلام، الذي أقرّ بالمرسوم رقم 108 تاريخ 28/8/2011، وصدر استناداً إليه المرسوم رقم 199 لعام 2013 القاضي بتأسيس المجلس الوطني للإعلام.
كان هدف إنشاء المجلس أن يكون رديفاً ومساعداً لوزارة الإعلام ولتطوير الإعلام السوري، وليس نداً أو نقيضاً أو متداخلاً مع عمل وزارة الإعلام، فوزارة الإعلام باعتبارها إحدى مؤسسات الحكومة، يجب أن تكون صلة الوصل بين الحكومة والمواطن، وصوت المواطن لدى الحكومة التي مهمّتها إدارة موارد البلد المادية والبشرية، وتحقيق طموحات أبناء الوطن، بكل انتماءاتهم، مقيمين أم مغتربين من دون تمييز، وهذا يساهم في كسر الفجوة وإعادة الثقة بين الحكومة ومؤسساتها والمواطن.
 بينما المجلس الوطني دوره تطوير الأداء الإعلامي والتوجيه والاستفادة من جهود الجميع في بناء الوطن، وقد تساءلت في مقالٍ نشر في مجلة الأزمنة في نيسان 2014، ، "هل المجلس الوطني للجلوس أم للعمل؟" تحدّثت به عن دور المجلس والوزارة وضرورة اضطلاع كل منهما بالمهام الملقاة على عاتقه، وللأسف الآن مطروح موضوع إلغاء هذا المجلس، ما يشير إلى أن المجلس لم يقم بواجبه، في تطوير الحقل الإعلامي، إنّما كان بهدف إطلاق صفة عضو مجلس لتحقيق مصالح شخصية، والقيام بأداء روتيني بعيداً عن الهدف الأساس لإنشائه، رغم أن تقارير المجلس تشير بشكلٍ أو بآخر إلى إيجابيات في عمله ودوره الفاعل، والذي لم يلمس بشكلٍ جدي على أرض الواقع، ما يتطلّب من المجلس وكافة المؤسسات سواءً تحت إطار الحكومة أو غيرها، بأنّ دورها ولاسيّما في هذه الظروف استثنائي، من خلال الحوار والنقاش والتواصل بين كل وسائل الإعلام الخاص والعام، وكذلك المكاتب الإعلامية بكل أنواعها، داخل وخارج سورية، وبما يشمل  وسائل الإعلام كافة المسموعة والمرئية والمقروءة والإلكترونية الوطنية والتي تعمل على أرض الوطن، بما يساهم بتطوير الجانب الإعلامي، لترسل توصياتها ورؤيتها لوزارة الإعلام للاستفادة منها، في تطوير العمل الإعلامي.
فتفعيل دور المجلس الوطني للإعلام أهم بكثير من إلغائه، وقيام وزارة الإعلام بجميع المهام المنوطة بها لتطوير الحقل الإعلامي من النواحي كافة، هو ما يجب أن تتم دراسته، والنقاش به، ومنع التداخل والتناقض مع الجهات الأخرى، وابتكار الأسلوب الأمثل في تقدّم العمل الإعلامي وتطويره وأن يتم التعاون بين وزارة الإعلام ذات المهمة الإدارية والتنفيذية، والمجلس الوطني ذي المهمة التوجيهية والإرشادية والاستقرائية، ولاسيّما أن وزارة الإعلام ستكون ممثلة سواءً بوزيرها أو مندوب عنها، وكذلك المؤسسات الإعلامية الحكومية والخاصة بكل انتماءاتها وأفرادها.
الإلغاء ليس الحل، إنّما نحتاج إلى التطوير في الأداء، وقيام كل مؤسسة بالدور المنوط بها، وأن تكون وزارة الإعلام الناطق باسم الحكومة، وكسر الفجوة وإعادة الثقة بين الحكومة والمواطن، وتنظيم عمل بما يتناسب مع الرؤية الحكومية التي مهمتها إدارة موارد البلد لمصلحة أبنائه، وأن يكون المجلس الوطني الإطار الجامع لمناقشة الوضع الإعلامي والمساهمة في تطويره، وإيجاد السبل الكفيلة باستقطاب المزيد من المشاهدين للإعلام الوطني السوري. وهنا لا بدّ من الإشارة إلا أن تحسّن أداء الحقل الإعلامي يساهم بتحسّن كبير جداً في أداء بقية المؤسسات الوطنية من دون استثناء.
كل سوريٌ هو محللٌ سياسي، وكل سوري ٌهو إعلامي، وهذا مشجّعٌ ودافعٌ لكي تستفيد الجهات المتخصصة ولاسيما المجلس والوزارة بالقيام كل منهم بدوره لتحويل هذه الآراء والأفكار لمصلحة الوطن والمواطن وتغني العمل المؤسساتي الوطني.