بين الخير والشرّ .. بقلم:   د. اسكندر لوقــا

بين الخير والشرّ .. بقلم: د. اسكندر لوقــا

تحليل وآراء

الأحد، ٧ أغسطس ٢٠١٦

التمييز بين الخير والشرّ عملية ليست سهلة بالتأكيد. بيد أنها، من ناحية أخرى، ليست عملية مستحيلة. المسألة هنا تتطلب المحاولة، وتكرار المحاولة، لتفهّم الأمور التي نقابلها في الحياة، إلى حين استيعابها جيّداً.
وفي اعتقادي أننا لا نخطئ إذا أضفنا بأن قدرة المرء على تفهم ما يجري في الحياة، تبقى نسبية، وترتبط ارتباطاً مباشراً بحجم تجاربه وبمقدار ثقافته كما بسنوات عمره وسوى ذلك من أمور تتصل بمسألة القدرة على التمييز بين الخير والشر.
لهذه الاعتبارات تتباين وجهات النظر بين هذا الفرد وذاك، حتى بين المجتمعات، وذلك حين يتطلب موقف ما الحكمَ على قولٍ أو فعل ما بأنه من منتجات غريزة الشر أو لا. 
إن مسألة النسبيّة في إصدار مثل هذا الحكم، سوف تبقى دوماً من سمات السلوك البشري، وذلك طبقاً لطبيعة القيم السائدة في المجتمعات وتمثّلها من أفرادها، كلٌ بحسب تجاربه أو ثقافته أو سنوات عمره. ولكن، من المفيد أيضاً التذكير بأن الكلمة الفصل في مسألة الخير والشر، لا بد أن يجد المرء طريقته الخاصة به للتعامل معها.
وفي الأزمنة الصعبة التي قد تتعرض لها المجتمعات، بسبب من كوارث طبيعية أو موضوعية مسندها الخارج المتربص بها لسبب أو لآخر، في سياق هذه الأزمة أو تلك، من الطبيعي أن يزداد تباين الآراء ووجهات النظر، حول من المسبب لغلبة الشر على الخير. ومن هنا يتعرض المجتمع إلى ما ينذر بالخطر الأشد مما هو واقع على الأرض، ومن ثمَّ تبدأ بوادر الانقسام على الذات تظهر أو تزداد وضوحاً.
ولأن المجتمعات غير القادرة على تحصين نفسها بالتربية الوطنية، وينقصها عنصر الخلق ، والقدرة على وعي ما في كيانها أو حولها، من الطبيعي أن يلحق بها الأذى من كل جانب، من داخلها أو من خارجها.
وسورية اليوم، لا تتخطى التفكير بتبعات تغلب الشر على الخير، وتبذل الجهد ليكون الفرد من أبنائها فوق النزعة التي لا تدمر بلده فقط، بل تدمره في وقت معاً. ومع صعوبة الوصول إلى تغليب نزعة الخير على الشر، لا بد أن تدفع ثمناً  يمكن التخفيف من وطأته بمزيد من وعي أبعاد المسألة.
iskandarlouka@yahoo.com