عن الإرهاب والكباب.. لمن لا يعرف حلب

عن الإرهاب والكباب.. لمن لا يعرف حلب

تحليل وآراء

الخميس، ٤ أغسطس ٢٠١٦

ماهر الدنا - بيروت برس -
أنظروا إلى حلب..
هناك حيث تُخاض إحدى أهم جولات الحرب العالمية على سوريا.
كثرٌ يجهلون ما يحصل في عاصمة الإقتصاد السوري. جهلهم هذا يخرج من جهلهم الأساسي بجغرافيا المدينة وثم المحافظة. يمتد إلى عدم إدراكهم لأهمية الدور الجيوسياسي الذي تلعبه حلب في الصراع الدائر في سوريا منذ العام 2011.
يجهل هؤلاء أنّ أرياف حلب تكاد تشكّل المدخل الأكبر للمسلحين من تركيا. فهذه الأرياف الجنوبية والشمالية والشرقية والغربية مرتبطة فيما بينها بالداخل التركي.
يجهلون أنّ هذه الأرياف متصلة أيضًا بباقي المحافظات. متصلة بما يمكن تسميته باقي المعضلات السورية. فالريف الجنوبي يتصل بريف ادلب الشمالي، وعبره بمدينة ادلب، معقل جيش الفتح في هذه الأيام.
يجهلون أيضًا أنّ ريف حلب متصل بريف حماه، ومتصل أيضًا بالطريق المؤدي إلى الرقة، معضلة جديدة من معضلات سوريا الأزمة.
يعلمون أنّ هذه المنطقة هي نفسها التي أرادها أردوغان أن تكون منطقة عازلة لمسافة 95 كيلومترًا من الحدود التركية في عمق الأراضي السورية. يعلمون أنها لو سقطت لنجح مشروع التقسيم، ومعه المشروع الذي أرسل "الثورة" إلى سوريا. مشروع ذو جناح إعلامي ما زال حتى اليوم يعمل على إبقاء مصطلح "الثورة" حيًا في نفوس المتابعين.

هذا الإعلام، يجهد منذ أيام لتعويم فكرة نجاح هجوم التنظيمات التكفيرية على حلب.
فالجزيرة والعربية والآن، المملوكة تركيًا والتي تبث من الإمارات، والعديد من الصحفيين في وسائل اعلام متفرّقة، يشكّلون فيما بينهم لوبي تضليلي يعمل لمصلحة جيش الفتح، بتنظيماته المختلفة، من جبهة النصرة (جفش)، أكبر فصائل الفتح، وصولًا إلى تجمّع "استقم كما امرت" أصغر تلك الفصائل، وللمناسبة هو اسمٌ حقيقي لفصيل مسلّح وليس نكتة تبعث على الضحك، مرورًا طبعًا بأحرار الشام، وحركة نور الدين زنكي، وكذلك جيش الإسلام المدعوم سعوديًا، والذي تبيّن من خلال الهجوم أنه أسس فرعًا في الشمال بعيدًا عن غوطة دمشق، فبدا وكأنّ السعودية لم تكن متيقّنة من امكانية فتح دمشق، فاستعاضت على اتمام حوائجها في الشمال.

هذا الاعلام، الجزيرة تحديدًا، أعلنت أن الراموسة سقطت بيد المهاجمين. يمكن الجزم أن من حرّر الخبر ورفعه على الهواء ومن ثم على تويتر لا يعلم حلب، ولم يزرها قط.

فلمن لا يعرف الراموسة، هي منطقة جنوبي حلب، ومنذ الأزمة تشكّل ممرًا أساسيًا بين المدينة والريف الجنوبي، فمنها يمكن الذهاب نحو الحاضر والعيس وتل الأربعين، ومنها أيضًا يمكن التوجه نحو مطار حلب الدولي، أي مطار النيرب العسكري منذ بداية الأزمة.

من لا يعرف الراموسة كيف له أن يكتب عنها، ويعلن أنها سقطت!!
فلو مرّ لمرة واحدة ذاك الصحفي فيها، بين السواتر الترابية على جانبي طريقها، فلو استشعر خطر القنص وإلزامية ابقائها سالكة، لعلم أنّ الجيش السوري وحلفاءه مستعدون لتقديم مئات الشهداء كي تبقى سالكة. وفي المناسبة فإنّ الفتح اعترف أنه تكبد سقوط 67 مقاتلًا في المرحلة الثالثة من الهجوم، ليصبح عدد القتلى في الجولات الثلاث 250، بينما يشي الميدان بسرٍ مفرحٍ أكثر، يهمس لمن يسأل أنّ أعداد القتلى فاقت الـ800.

كذب هؤلاء لن يتوقف. ولكن يبدو أنّ خطط الضخ الاعلامي المقرف تقلّصت. فالكاميرا السورية، وكذلك المقاومة، رغم تقصيرها اللاإرادي، تمكّنت من نقل الحقيقة. تمكّن الزميل شادي حلوة من السير بسيارته على طريق الراموسة، وتمكنت كاميرا الاعلام الحربي من تصوير معظم المناطق التي ادّعت الجزيرة والعربية سيطرة الفتح عليها.

فلمن لا يعرف حلب عليه توخّي الدقة إن أراد أن ينتقي الحقيقة عبر النقاط التالية:
1. لم يمس المهاجمون خطوط الدفاع الاولى، بل حاولوا الوصل إليها بلا جدوى.
2. ستبيّن الأيام القادمة كم كان دخول الإرهابيين إلى مدرسة الحكمة، فخًا أوقعوا أنفسهم به.
3. مقابل أعداد القتلى الكبيرة، لم يخسر الجيش السوري ما نسبته 3% من خسائر الإرهابيين.
4. حزب الله المتكتّم دائمًا، لم يخسر أي مقاتل أكان لجهة الإستشهاد أم الأسر.
5. نسور الزوبعة موجودون أيضًا في مناطق مختلفة من حلب، وهم أيضًا يفتقرون لأداة إعلامية توثِق بطولات مقاوميهم.
6. في حلب الحياة تسير بشكل طبيعي، شرطي المرور يحرّر مخالفات في الشهباء، بينما يجلس شبانٌ في مقهى فيروز لمتابعة تحضيرات الأولمبياد في ريو دي جينيرو، ويحتفل مطعم بالقرب من فندق البولمان بإفتتاح فرعٍ جديد يقدّم الشاورما والبروستد والكباب.
7. تقلّص نسبة قصف جرار الغاز والهاون بنسبة كبيرة جراء تحرير الجيش لحي بني زيد.
8. المنطقة الشرقية مطوّقة بشكلٍ كبير والحديث عن فك الحصار، بحسب المسلحين في الأحياء الشرقية، هو نسجٌ من الخيال..

تبقى الإشارة إلى تصريح المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي مستورا الذي سأل في مقابلة تلفزيونية "ماذا بعد حلب؟"، لنتيقّن أنّ كل آمال داعمي الإرهاب تلاشت بعدما أقفل أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله خطابه في الرابع والعشرين من حزيران الماضي.