من يعمل لا يخطئ.. بقلم: سامر يحيى

من يعمل لا يخطئ.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ٣١ يوليو ٢٠١٦

من المصطلحات المدمّرة التي نقولها من دون أن نشعر، أن من يعمل يخطئ، ومن لا يعمل يصعد على أكتاف من يعمل، ودائماً نسوّف، وننتقد وننظّر، من دون أن نضع المعطيات لكي نخرج بنتائج حقيقية، ونقارن أنفسنا بالآخر، متجاهلين الظروف والبيئة التي يعيش بها الآخر، نطالب الآخر بالتغيير، وننسى أننا جزء من المنظومة المجتمعية.
من يعمل لا يمكن أن يخطئ، لأن عمله يكون بناءً على خطة منهجية وموضوعية، ودراسة لما يقوم به من عمل وإنتاج، بما يساهم بتوطيد الإيجابيات ونبذ السلبيات، وإن أخطأ يكون خطؤه مفتاحاً لنجاح كبير، ويقوده لفكرة بناءة أخرى، عبر النقاش والحوار مع من يشاركه نفس الاختصاص أو نفس العمل، سواءً كان مديراً أو موظّفاً عادياً بالمؤسسة التي يعمل بها.
وكل منا كان يأمل من البيان الوزاري للحكومة أمام مجلس الشعب أن يكون أكثر قوة ويضع آلية عمل، فالبعض انتقده، والآخر مدحه، والبعض ذم وزيراً أو مسؤولاً والآخر مدحه، وتجاهل الكثير منا أن نغيّر نحن من أنفسنا، في عملية النقد البنّاء والحقيقي، ما يترتب على الحكومة مسؤولية كبيرة جداً، ألا وهي رفع مستوى الوعي والتنمية المجتمعية لدى أبناء الوطن، من خلال إعادة النظر بأداء الوسائل الإعلامية، وقيام كل مؤسسة باختصاصها بعيداً عن التداخل مع اختصاص القنوات الأخرى، على أن تكون القناة الأولى الأم هي المنوّعة والشاملة لكل شيء، لكي يتمكن الشخص من متابعة القنوات التلفزيونية كل حسب اختصاصه، وتحقيق إنتاجية أكبر، وجذب المتابعين من الوطن وخارج الوطن، والقيام بدور وطني وصنع الرأي العام، فهي ـــ كما أقول دائماً ـــ صلة الوصل بين الوطن والمواطن، صوت الحكومة لدى المواطن، وصوت المواطن لدى الحكومة بآنٍ معاً.
أيضاً أن تتم دراسة وتوجيه المؤسسات جميعها من دون استثناء لتفعيل دور كل العاملين فيها ضمن لجان، فليس بالضرورة تشكيل اللجان من شخصيات معيّنة، بل إشراك أكبر قدر ممكن من العاملين بالمؤسسة من أجل الوصول للهدف المنشود وتوسيع الدائرة، وتستفيد هذه اللجان من الثغرات والفجوات والسلبيات والإيجابيات، لا أن تكون مركزاً لاتخاذ القرار من دون دراسة ما وراء القرار وما بعده، ومتابعة مدى الالتزام به واحترامه والفائدة التي تم جنيها لمصلحة الوطن ويلمسه المواطن بآنٍ معاً.
ولا نغفل موضوع تشجيع الطلاب، ولاسيما في مرحلة التعليم الجامعي بإعداد البحوث والدراسات وزيارة المؤسسات كل ضمن اختصاصه، لربط العلم بالعمل، والاستفادة من آراء وخبرات الطلاب، وتزويدهم بآراء وخبرات تساهم في تشجيعهم للبحث العلمي والتواصل وسعة معرفتهم وإبداعاتهم. 
أيضاً ضرورة الدراسة الجديّة والفاعلة أكاديمياً وعملياً والنقاش الجاد والبنّاء انطلاقاً من الواقع الراهن، استناداً للتجارب الماضية، للوصول للمستقبل الذي ننشده لهذه المؤسسات، ولا نضطر كل فترة نغيّر في عملية الدمج والفصل، وتغيير التابعية، عبر توحيد الجهات ذات الاختصاص المشترك، ما يساهم بمضاعفة الإنتاج وتخفيف هدر الوقت والمال والجهد...
والآلية التي يجب أن يتم تغييرها من جميع المسؤولين في ربوع الوطن، عقد الاجتماع مع أبناء المؤسسة كافة، ومن ثم مع أبناء المؤسسة ضمن كل اختصاص ودائرة، بما يساهم بإشراك الجميع بدراسة القرار وأسبابه الموجبة وطرق تنفيذه والعقبات التي سيواجهها والإيجابيات التي سيحقهها، بما يعين صانع القرار على اتخاذ القرار الصائب والمستديم.
الوضع بعين الاعتبار أن الطبقة الوسطى هي الطبقة الأكثر تأثيراً في المجتمع، فهي التي تلتزم بدفع الضرائب، وتنتج ضمن الوطن، وتشتري احتياجاتها كافة ضمن الوطن، وتمارس هواياتها ومتطلباتها ضمن الوطن، وتدخر أموالها بمؤسسات الوطن، بعكس الطبقة الفقيرة التي لا تستطيع الادخار ويجب العمل جلياً من أجل تأمين سبل لرفعها للمرتبة الوسطى وعدم إبقائها عالةً على المجتمع والوطن، والقضاء على الفقر والبطالة، وهذا ممكناً عندما نفعّل الحس الوطني، بينما الطبقة الغنية فمهما ساهمت في رفع اقتصاد الوطن وتحقيق الإنتاجية، لكنّ سياحتها وأموالها ومستلزماتها الخاصة والعامة وحتى علاجها ودراسة أبنائها، عادةً ما تكون خارج الوطن..
تطوير المناهج الدراسية يعتمد على تطوير أداء المدرسين أنفسهم، وأن يقدّم كل منهم رؤيته من خلال ممارسته للمنهاج، ومن ثم تتم المناقشة والحوار والنقاش بين المسؤولين في المؤسسات التربوية، والأكاديميين للوصول لتطوير حقيقي ومنتج للمنهاج التربوي والتعليمي بكل مراحله الابتدائية والعليا، بدلاً من الاعتماد على مجموعة الأكاديميين بما يحتمل الصواب والخطأ، ونضطر في كل فترة لتغيير المنهاج بما يواكب التطوّرات!!
أن تواكب خطبة الجمعة وعظة الأحد المرحلة الحالية التي نعيشها، والتي تطلّب بناء الإنسان، ورفع الوعي المجتمعي، وتنمية الشعور الوطني واحترام الآخر لتسود المحبة والاحترام أبناء الوطن كلهم، ويقوم كل منا بدوره بدلاً من تحميل المسؤولية لأحد أياً كان هذا الأحد.
إن الاهتمام بكل أبناء الوطن من دون استثناء، وابتكار الطرق والآليات التي تساهم في تفعيل دور كل منا، بمن فيهم أبناء الشهداء وذوو الإعاقة بعيداً عن التمييز بين أي منهما، لأن التمييز سيساهم بإيجاد ثغراتٍ للفساد والإفساد، فالشهيد لم يقدّم روحه فداء لمنطقة أو هدفٍ، إنّما قدّم روحه لكي يطهّر تراب الوطن من رجس الإرهاب من دون استثناء، وعودة الأمن والازدهار والاستقرار للوطن، أو مؤمناً بأن الشعب السوري قادر على الصمود والتصدي رغم كل المحاولات لاستنزافه وتدمير قدراته وإمكانياته، وليس بهدف تأمين مدخول شهري لعائلته فقط، أو وظيفة عامة، أو تعويضٍ مادي أو معنوي.. بل تحقيق الأمن والأمان والازدهار للوطن بكل أبنائه من دون استثناء أحدٍ منهم، بمن فيهم من طعن الوطن وغدر به، ما دام يقطن في هذا الوطن، أو هرب من الوطن، فالأم دوماً تسامح أبناءها مهما فعلوا.
سوريتنا هي الأم المقدّسة التي تستوعبنا جميعاً، وعندما يقوم أبناؤها البررة بالعمل بكل جدية وإتقان وإيمان بالوطن، سيساهمون ببنائها، وتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار، والاستمرار بمسيرتي التصحيح والتطوير والتحديث بمسيرة استكمال إعادة البناء والإعمار، ونكون عوناً لعودة من ضل الطريق لحضنها، للبناء بها، أما من رضي بأن يكون تابعاً لأعداء الوطن، بالتأكيد لن يفكر بالعودة لحضن أمه، فهو لم يكن باراً بها ليعود إليها.