أوجه الشبه بينه وبينهم.. بقلم: د. اسكندر لوقــا

أوجه الشبه بينه وبينهم.. بقلم: د. اسكندر لوقــا

تحليل وآراء

الأحد، ٣١ يوليو ٢٠١٦

أما عبارة "بينه" فالإشارة هنا تعود إلى رئيس تركيا الحالي رجب طيب أردوغان،  السلطان الأحمر الجديد. وأما عبارة "بينهم" فالمقصود بالإشارة هنا سلاطين بني عثمان القدامى. وفي سياق هاتين الإشارتين ثمة معلومة توَضح علاقة هذا بهؤلاء، لا من حيث الشكل، بل من حيث المضمون، من حيث ممارسة الحكم والتعامل حتى مع أقرب أصدقائه ومعاونيه في الحكم وخارجه.
في المعلومة المدرجة في الصفحتين 261 و262  من كتاب "صانعو الجلاء في سورية" للأديب والمؤرخ الراحل الأستاذ نجاة قصاب حسن، نقرأ أن كل سلطان تركي تولى السلطنة قتل أهله الأقربين حتى لا ينافسوه. فالسلطان سليم [الأول] قتل أباه وإخوته ووزيره الأول وسبعة من وزرائه، وخنق إخوته وآخرين من آل بيته وعددهم سبعة عشر، وأن وزراءه كانوا دائماًعرضة للتنحية والقتل، وكانوا قد اعتادوا إذا دخلوا عليه أن يحملوا معهم صكوك وصاياهم وإذا خرجوا سالمين اعتقدوا أنهم عادوا من الموت إلى الحياة.
حين يقرأ أحدنا معلومة كهذه، لا يستطيع إلا أن يلجأ إلى المقارنة بين أمثال هؤلاء السلاطين وبين السلطان الأحمر الجديد رجب طيب أردوغان. فكما كان أسلافه غير مؤتمنين على الأقربين منهم، حتى الذين كانوا يتبوؤون منصب الصدر الأعظم أكثر المسؤولين المقربين إليهم، كذلك هو الآن يعيد تاريخ بلاده إلى الوراء، فيذكرنابتاريخ أسلافه القدامى في سياق اعتقال مئات الضباط والقضاة، وإبعاد الآلاف من الموظفين وعمداء الكليات والمعلمين من أعمالهم، والسعي إلى تصفيتهم جسدياً أو نفسياً سواء بأحكام الإعدام أو النفي أو الاعتقال، وسوى ذلك من أساليب قمعية بات السلطان العثماني الجديد يتقن تنفيذ مقاصدها بعد أن هيأ لها الحجج التي يبرر بها تصرفاته على مرأى من العالم.
وبطبيعة الحال، من غير المتوقع أن يكف هذا السلطان عن متابعة سيره في هذا الدرب الشائك، أو أن يعود عنه، لأن العودة من منتصف النهر إلى شاطئه كما إكمال الخطو إلى شاطئه المقابل. كذلك هو حال السلطان الذي لم يتورع أزلامه حتى عن ذبح طفل في الثانية عشرة من عمره بـ "جريمة" تخطيه حدود نقطة في مدينته إلى نقطة مجاورة لها، فضلاً عن عزمه على متابعة السير على درب الاعتداء على حياة الأبرياء من سكان بلدنا الحبيب  بشتى الطرق التي تشفي غليله، هذا فضلاً عن محاولة إزالة معالم الحضارة التي يشهد لها العالم والتي بناها أهل وطننا على مدى عشرات آلاف القرون إرضاء لنزعة الشر لديه سيراً على نهج أسلافه، معيداً بذلك إلى ذاكرتنا تفاصيل الزمن العثماني البغيض الذي عشناه في  سورية على مدى أربعة قرون تحت مظلة القهر والظلم الذي لا يوصف.
iskandarlouka@yahoo.com