الفريق الاقتصادي والفاسدون يلعبون بالنار.. بقلم: إيفلين المصطفى

الفريق الاقتصادي والفاسدون يلعبون بالنار.. بقلم: إيفلين المصطفى

تحليل وآراء

الأحد، ٣١ يوليو ٢٠١٦

Evlism86@gmail.com
 لم يعد فعل التغيير أمراً استثنائياً، ولم يعد حدوثه يوصف بالأمر الجلل، وخاصة أن المتغيرات التي تجتاح العالم باتت تحدث بسرعة فائقة لا مجال معها للتأمل بآليات التعاطي معها.
تغييرات سياسية وعسكرية وأمنية، تنعكس نتائجها على الواقع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين في أصقاع العالمكافة، ولأن الشأن الداخلي في سورية له خصوصية تميزه عن باقي دول العالم، فإن فعل التغيير يتطلب الكثير من التفكير لاتخاذ قرارات لها مفعول العلاج الفوري، كي تخفف من آلام المواطن السوري.
اليوم ومع تغير الحكومة السورية، التي انتقلت من رئاسة الحلقي إلى رئاسة "م.عماد خميس رئيس مجلس الوزراء الحالي"، لا حظ الجميع أن التغييرات الوزارية طالت القطاع الاقتصادي سواء في المال أو التجارة الخارجية أو التجارة الداخلية، من دون إغفال القطاع النقدي، لكن هل يكفي التغيير لتحقيق نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي للمواطن السوري؟
بالأمس القريب لم يكن جارنا أبو محمود يعتقد في يوم من الأيام أنه سيضطر لاستخدام الآلة الحاسبة في دكانه الصغير ليسعر سعر بضاعته وفقاً لسعر صرف الدولار، ولم تكن جارتنا أم حسن تحلم بأن يسلمها زوجها ثمن سعر صيغتها التي باعها بكمية قليلة من الورق الأخضر ظنت أنها أوراق عادية لافائدة منها لتفاجأ وتندهش بأنها حملت في حقيبتها مايعرف بالأخضر، هذه العملة الأميركية "اللعينة"حسب قولها.
ورغم حرص الحكومة الجديدة بفريقها الاقتصادي على تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، إلا أن الآليات التي تتبعها الوزارات المعنية بالمستهلك، مازالت ضعيفة وهزيلة لا ترتقي لمستوى الأمنيات التي يطرحها المواطنون والمتعلقة بتخفيض الأسعار، حيث نجد أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مازالت تحافظ على تقاليد من سبقها في قيادة الدفة الاقتصادية، سواء بعقد الاجتماعات أم بالجولات الميدانية على الأسواق، لكن هل تدرك وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أنه قبيل النزول إلى الأسواق وقبيل عقد الاجتماعات، لابد من الجلوس مع استاذ رياضيات أو محاسب نزيه، يحسب لها كلف السلع المطروحة في الأسواق من دون أن تترك للتاجر مجالاً لفرض أسعاره بالطريقة التي تحمي مصالحه وتجارته، أعتقد أن هذا الأمر يحتاج إلى جهد حقيقي من القائمين على الوزارة، ولا يمكن الاستمرار بآلية تحديد الأسعار بطريقة البازار التي كانت متبعة في الحكومات السابقة.
ولأننا اعتدنا أن تكون شواهدنا في كل ظاهرة نتحدث عنها بالأرقام، سنتحدث هنا عن سعر اللحم الأبيض"الدجاج"، الذي ارتفعت أسعاره خلال الآونة الأخيرة بشكل غير منطقي، كشف بأن هناك شريحة من التجار تتلاعب بقوت المواطن من دون مساءلة، حتى إن المسؤولين عن قطاع الدواجن كانوا يرددون تبريرات غير منطقية، فمن المعروف عالمياً أن كلفة تربية الدجاج ولحمه أقل بكثير من كلفة بقية أنواع اللحوم، إذ يحتاج الكيلو غرام الواحد من الدجاج "الفروج " إلى 2 كيلو علف بينما كيلو لحم العجل يحتاج من 7 إلى 9 كيلو علف، ويؤكد الخبراء وجميع القائمين على هذه المهنة أن كلفة الفروج في سورية تبلغ وسطياً بحدود 800  ليرة للكيلو غرام الواحد من الفروج لحم صافٍ، وهنا نتساءل من سمَح للفروج أن يصل سعره إلى 1650 ل.س للكغ الواحد للفروج الحي بتاريخ 26/6/2016، وبعد مضي شهر نجد أن أسعاره انخفضت بنسبة تتجاوز 50 % إلى حدود 650 ليرة بتاريخ 25 /7/2016 خلال شهر؟ علماً أن القائمين على قطاع الدواجن كانوا يتحججون بموجة الحر وهي كذبة واضحة لأن صحن البيض لم يرتفع سعره إلى الآن بما يتناسب مع ارتفاع سعر لحم الفروج، علماً أن الحر يقضي على قطعان الدجاج البياض الذي يحتاج إلى 6 أشهر لاستبدال القطيع، بينما الفروج  خلال 6 أسابيع يتم التعويض عن القطيع المتضرر.
إن ترديد المسؤولين والصحفيين لمقولة إن السبب هي "موجة الحر "تأكيد أن بعض المسؤولين لايعرفون ألف باء الحساب وبالتالي لا نعذر أيضاً الصحفيين الذين يشاركون فساد المسؤولين من خلال ترديد ما يقولونه من دون تمحيص وتفنيد، علماً أن موجة الحر الحالية لم تتجاوز 41 درجة بينما في سنوات سابقة وصلت إلى 45 درجة، وبالتالي فإن الانخفاض الذي شهده خلال شهر يدعونا للتساؤل عن المتسبب لهذه الظاهرة، والمستفيد منها، وخاصة أن موجة الحر لم تنته بعد.
إن السكوت والتغاضي عن رفع سعر الفروج إلى أرقام تشكل 66% من قيمة لحمة العجل سيفتح شهية مربي العجول إلى رفع سعر لحم العجل بما يتناسب مع كلفته مقارنة بكلفة الفروج، بمعنى أن السعر العادل للعجل مقابل سعر الفروج هو 7500 ليرة !!!!!
وهنا نطالب وزارة الاقتصاد بأن تقوم بدراسة فعلية وحقيقية لهذه الكلف وأن تضع على أساسها تسعيرة محددة تراعي الكلفة الحقيقية لهذه المادة الغذائية ومع هامش ربح معقول.. بتلك الطريقة تمنع ما كان يلجأ إليه بعض مربي الدواجن الكبار بإغراق السوق تارة بأسعار تُخرج مربي الدواجن الصغار من المنافسة بعدها يقومون برفع الأسعار واحتكار السوق.