حتى لا يصبح الفساد فوبيا!؟.. بقلم: عبد السلام حجاب

حتى لا يصبح الفساد فوبيا!؟.. بقلم: عبد السلام حجاب

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٦ يوليو ٢٠١٦

قرأت، وسمعت، وليس سراً، أن مجلس الشعب الجديد بصدد تشكيل لجنة تكرس جانباً من جهدها الوطني، لتقصي الفساد بأشكاله المختلفة، ومعالجة أسبابه وما تحدثه من خلل في البنية المجتمعية ومكافحة مصادره حتى لا يتحول من ظاهرة تخرب الأفراد والمجتمعات يمكن استدراك أضرارها، لتصبح في مرتبة مخاوف مرضية مستعصية، أطلق علماء النفس عليها مصطلح "فوبيا" مثل فوبيا المناطق المرتفعة والأماكن المغلقة والمعتمة، وغير ذلك فصارت دوائر مغلقة بحاجة الى مدارس متخصصة بالصحة النفسية.
واقعياً، فإن ظاهرة الفساد ليست صعبة عند التحليل العقلي، ولا معالجة مظاهرها مستحيلة أمام الفعل الواعي والإرادة الوطنية لتكون مصلحة الوطن والمواطن الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فوق أي اعتبارات أخرى قصيرة النظر، لأنه في كل فعل إرادي عناصر عقلية تشكل جوهر الإرادة. وقوام الإرادة القوية، أرضية وطنية صلبة ووضوح في الفكر غير مشوب بنفعية مصلحة آنية ولا يتردد أمام الحقيقة.
ولعل المسألة هنا، لا تقف عند تفاؤل أو تشاؤم، قد يختلف البعض في تقديره أو يتفق، بقدر ما يتعلق بالقرار وما يستوجبه من أسانيد قانونية ومعالجات إدارية وإجرائية عادلة ومناسبة لمكافحة الفساد ومواجهة أضراره وتداعياته غير العادلة، ما يجعل الاختيار قائماً بين القرار أو الفرار. خاصة أنه في مجلس الشعب قانونيون واقتصاديون وكفاءات خبيرة في ميادين السياسة والمجتمع لديهم ما يؤهلهم لاستكمال مقومات خطوتهم الأولى التي هي من دون شك مهمة، وفي الاتجاه الصحيح الذي يلبي طموح الوطن والمواطن بمستقبل أفضل.
صحيح أنه بين الفراغ والامتلاء رحلة إنسان لا تنتهي إلا بالموت، وهي فكرة فلسفية شغلت الإنسان بقصد أو من دون قصد، ورسمت مسارات لحياته الدينية والدنيوية، وليس من عبث بل من حكمة وتبصر صارا يقيناً بأن الإنسان عندما يموت لا يأخذ معه شيئاً من ماله الذي قضى عمره وهو يراكمه في جيوبه وخزائنه من دون تبصر بلحظة الحقيقة، ومن دون أن يدرك أن الفساد في جمع المال حالة مرضية تفتح أبواباً للفساد الأخلاقي والفكري والسياسي والاجتماعي، حتى وإن وجد له من يبرر أو يحاجج فيسقط بارتكاب الرذيلة القاتلة، حيث يشكل الفساد بيئة ملائمة للإرهاب وإن اختلفت أشكال القتل والتخريب والتدمير وأسبابه.
وعليه، وفق أي معيار يمكن وضع الإجراءات العقابية التي يتخذها الغرب الاستعماري وأميركا بحق السوريين ومالهم ومصادر حياتهم، أليس إرهاباً ممنهجاً يسعى في أحد جوانبه إلى أن يحفر عميقاً في بنية المجتمع السوري لجعل الفساد فوبيا لا يمكن معالجتها لحساب الإرهاب وأجنداته التدميرية!؟
أليس من حق السوريين استكمال انتصاراتهم التي يحققها الجيش العربي السوري في ميادين القضاء على الإرهاب وتحرير كل شبر من الجغرافيا الوطنية السورية بتخليص الوطن والمواطن من أعباء ظاهرة الفساد عبر اقتحام قانوني يعزز فعل الإرادة والصمود الوطني.
ما من شك بأنها مسؤولية أخلاقية وسياسية وفكرية تقع على عاتق جميع السوريين، وإذا كان الجيش يتقدم الصفوف دفاعاً عن الحقوق الوطنية السيادية فإن أي نجاحات يحققها المواطن السوري بمؤسساته وهيئاته الوطنية تشكل رصيداً وطنياً من أجل بناء المستقبل المنشود.