النواة المعجزة.. بقلم: د. اسكندر لوقــا

النواة المعجزة.. بقلم: د. اسكندر لوقــا

تحليل وآراء

الأحد، ١٧ يوليو ٢٠١٦

في الطبيعة تكمن أسرار قد يتعذر علينا، بما تتوافر لدينا من إمكانيات علمية أو فنية، أن نحيط بأبعادها كافة، فنقف عندئذ عندها كي نتأملها، فقط كي نتأملها، من دون أن يكون لنا أمل في الوصول إلى الحقائق التي تخفيها. لهذا الاعتبار، كثيراً ما يدهش المرء، وهو يتفحص ورقة على غصن شجرة، أو ذرة تراب على سفح جبل، أو مصادفة على شاطئ يغتسل بماء البحر، ويعجز عن قراءة سرّ هذا الكون الرحب العظيم قراءة توضّح له بعض أو كل ما خفي عنه.
وكثيراً أيضاً ما يتساءل المرء بينه وبين نفسه، كيف صار السهل سهلاً ممتداً، وصار البحر بحراً لا أبعاد له، والجبل جبلاً شاهقاً، والصحراء صحراء سراب، وإلى غير ذلك من التساؤلات التي تبقى عالقة في ذهنه إلى أمد غير محدود: تراها أين تكمن الحقيقة؟ أين الحقيقة في الطبيعة؟
وما دام الإنسان على قيد الحياة، فمن الطبيعي أن تبقى الأسئلة تدور في خاطره، وربما منذ أن يعي وجوده على سطح الأرض، بدءاً من المنزل إلى المدرسة إلى المكتب، وسوى ذلك. وفي سياق هذه التساؤلات، قد يرحل عن دنياه ولا يجد جواباً عن أسئلة كهذه.
إنه السرّ الذي يؤرق الإنسان، ويجعله مقابل ذلك، كائناً لا يهدأ بحثاً حتى عن وجوده، لماذا من هذين الأبوين؟ لماذا في هذا المكان أو البلد بالذات؟ لماذا في هذا الوقت أو ذاك؟ إلى آخر هذه المنظومة من الأسئلة التي لا تنتهي، ومع ذلك قلَّما يعثر أحدنا عن إجابة، إذا بقي حائراً وباحثاً عن إجابة ترضيه، إلا إذا أقنع نفسه بأن حياته كانت وستبقى رهن إرادة خالقه، مضافاً إليها إرادة الوعي والفعل لديه. ودون ذلك لا نهاية لأسئلة لا تجد إجابات بل ترهق العقل والنفس في آن.
في هذا السياق، مفيد أن نأخذ العبرة من الأديب العربي الكبير الذي يذكرنا بأن النخلة السموق نواة مخزونة في بلحة. أجل كذلك هي وجودنا كائناً يملك عقلاً على سطح الأرض مخزونة في نطفة.
Iskandarlouka@yahoo.com