أما من مدافع عن الإسلام؟.. بقلم: كميل العيد

أما من مدافع عن الإسلام؟.. بقلم: كميل العيد

تحليل وآراء

الخميس، ١٤ يوليو ٢٠١٦


يتصارع الكثير من كهنة الإسلام هذه الأيام على الفضائيات ومواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ويرمون الحجج والفتاوى بوجه بعضهم بعضاً في أمور تبدو شائكة وهي في الحقيقة تافهة ولكن تأثيرها قد يكون كارثياً على الإسلام والمسلمين. صراعات تبدأ بقضايا الجهاد والموقف من التنظيمات الجهادية التكفيرية, إلى صراعات وخلافات على المناهج التي تدرس في الأزهر وفي كليات الشريعة, مروراً بقضايا تعدد الزوجات وخروج المرأة من المنزل وعملها وختانها.
إضافة لقضايا لا علاقة لها من قريب ولا من بعيد بقضايا الدين والإيمان . ومن الملاحظ بأن هؤلاء الوعاظ على مختلف مشاربهم امتهنوا مهنة الوعظ والإفتاء والتي أصبحت تدر عليهم مبالغ طائلة وهذه اللعبة دخل بها الجميع من وسطيين ومتشددين حتى إنهم أصبحوا بحاجة لاستمرار خلافاتهم وصراعاتهم مع بعضهم بعضاً لأن هذا الخلاف يدر عليهم أموالاً طائلة. لقد أصبح الحديث عن بعض كهنة الإسلام يستحوذ اهتمام الدوريات المهتمة بمتابعة الأثرياء في العالم كمجلة فورز التي كشفت في عددها الماضي عن المداخيل المالية لبعض الوعاظ المسلمين من مختلف المشارب حيث وصل دخل بعضهم إلى ملايين الدولارات سنوياً، كما خصصت محطة الـ MBC برنامجاً خاصاً عن الموضوع كشفت فيه عن الدخول الكبيرة التي يجنيها بعض الدعاة والوعاظ أمثال الداعية المصري عمر خالد والكويتي طارق سويدان والسعودي عائض القرني والإماراتي عمر عبد الكافي
وغيرهم. وأنا في مقالتي هذه لست بحاسد لهم أو محتج على مداخيلهم، ولكني أقول لهم ولمئات الوعاظ وكهنة الدين اتقوا الله بالناس, وأقول لهم ماذا قدمتم للإسلام والمسلمين؟ من منكم دافع عن الإسلام والمسلمين ؟؟ من منكم سعى لتنزيه الإسلام وتبرئته من الهرطقات التي تطلق هنا وهناك ؟؟؟. وأتوجه إلى وعاظ سورية ممن
يدعون أنهم وسطيون وأقول لهم: ماذا قدمتم من فكر يحرك مزاج الشباب ويدخل الطمأنينة إلى عقولهم وقلوبهم؟
أقسم إنكم مقصرون ولستم على مستوى الأزمة الفكرية التي يتعرض لها الإسلام .
فإسلام بلاد الشام هو إسلام التجارة، هو إسلام الحرف اليدوية والصناعة والزراعة, هو إسلام القيم الرفيعة، هو إسلام الرحمة والعدالة هو الإسلام الأقرب للتصوف من الفكر الإقصائي الصحراوي. عندما كان يأتي المسلمون الأوائل إلى بلاد الشام قادمين من بلاد الصحراء كانت تتهذب نفوسهم ويرتقي وجدانهم بمجرد وصولهم إلى سورية وبلاد الشام. فتشت في بطون الكتب لأجد قائداً إسلاميا ممن ولدوا في سورية وبلاد الشام قد ارتكب المعاصي فلم أجد. تابعت الفتاوى والخطب التي يطلقها وعاظ التنظيمات التكفيرية فلم أجد في إشاراتهم ما يشير إلى تقليد قائد من أبناء سورية الشام. بل لم يتمكن هؤلاء الوعاظ أثناء رمي خطبهم من الاستشهاد بحوادث
وقعت في سورية وفي بلاد الشام على يد قادة إسلاميين من بلاد الشام.
يا تجار الدين ارحموا الإسلام والمسلمين, نزهوا الإسلام والمسلمين من الجرائم والفظائع التي ترتكب. اصرخوا بأعلى صوتكم ولا تخجلوا، فالمسلمون ليسوا من أشعل الحرب العالمية الأولى والتي تجاوز عدد ضحاياها الستة عشر مليون إنسان, ولا الحرب العالمية الثانية والتي بلغ عدد ضحاياها أكثر من خمسين مليون إنسان، وليسوا هم من تسبب بفاجعة ناغازاكي وهيروشيما التي ما زالت آثارها تفعل فعلتها إلى يومنا هذا، وليسوا هم من ارتكب المجازر في فيتنام, وليسوا هم من أسس منظمة الخمير الحمر التي قتلت ثلاثة ملايين كمبودي من أصل عدد السكان البالغ أحد عشر مليوناً , وليس المسلمون من قتل مئة مليون من الهنود الحمر في أمريكا الشمالية وخمسين مليوناً في أمريكا الجنوبية, وليس المسلمون من قام باسترقاق أكثر من مئة وسبعين مليون إفريقي واقتادهم إلى المحيط الأطلنطي.
صحيح أن هناك مسلمين يرتكبون الفواحش والأفعال الدنيئة، وصحيح أيضاً أن هناك من غير المسلمين يرتكبون الفواحش والأفعال الدنيئة. فهذه الفواحش وتلك الأفعال هي جرائم يرتكبها مسلمون وغير مسلمين تحت رايات وشعارات دينية وغير دينية وهدفها النهائي الطمع واستعباد الناس وابتزاز الشعوب.