الاستدارة التركية على خلفية محاولات إنقاذ النظام

الاستدارة التركية على خلفية محاولات إنقاذ النظام

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٣ يوليو ٢٠١٦

نعيم ابراهيم
تزداد مؤشرات الاستدارة التركية إلى سورية يوماً إثر آخر مع التحولات الميدانية والسياسية المتسارعة في المنطقة والتي تتكرس نتيجة صمود محور المقاومة الممتد من دمشق إلى كاركاس مرورا ببيروت وطهران وموسكو وبكين والجزائر وبيونغ يانغ وعواصم أخرى كثيرة يزداد عديدها مع اتساع رقعة محاربة الإرهاب الدولي وداعميه، وإماطة اللثام عن حقيقة الحروب التي تستهدف أمماً وشعوباً ترفض أن تكون مطية للمصالح الإمبريالية والصهيونية والرجعية.
رسالة تركية لـ«الحلفاء الجدد» بضرورة وقف الحرب السورية «فوراً» جاءت هذه المرة على لسان رئيس الوزراء التركي «بن علي يلدريم»، أن بلاده قامت بتطبيع علاقاتها مع دول اختلفت معها خلال الفترة الماضية (في إشارة لروسيا وإسرائيل)، معرباً عن أمله في انتهاء الحرب في سورية وعودة الحياة إلى طبيعتها في العراق ومصر.
كما دعا رئيس الوزراء التركي في كلمة له أمام مواطنين أتراك ولاجئين سوريين بولاية هطاي (جنوب تركيا) مساء الجمعة 1-7 المجتمع الدولي، إلى التصدي للإرهاب ومكافحته، والعمل على استتباب الاستقرار في المنطقة. وتساءل في هذا الإطار: «هل من رابح من سفك هذه الدماء؟»، مستطرداً: «لا أحد، لذلك يجب أن يتوقف سيل الدماء في سورية والعراق، واليمن، وفلسطين وكل بقعة على هذه الأرض».
وقال مخاطباً السوريين: «تحتفلون بهذه الليلة المباركة (ليلة القدر) بعيداً عن أحبائكم وموطنكم أتمنى أن يجمع شملكم مع أقربائكم في رمضان المقبل».
رسالة (ضرورة وقف الحرب السورية «فوراً») التي أطلقها يلدريم منطقية جداً إذا ما قورنت الأقوال التركية بالأفعال على الأرض وهذا يتأتى من تحقيق أمور عدة لا لبس فيها:
– أن يقدم النظام التركي اعتذاراً صريحاً إلى سورية عن كل ما ارتكبه بحقها (شعباً وجيشاً وقيادة ومؤسسات وبنى تحتية) وتقديم تعويضات عن كل ذلك.. مع التأكيد أن الدم السوري الذي أريق بغير حق لا يعوض بالأموال مهما كان حجمها.
– وقف إدخال الإرهابيين والسلاح إلى الأراضي السورية بشكل فوري وإغلاق الحدود أمامهم.
– المشاركة التركية الفعالة بمحاربة الإرهاب خاصة بعدما ارتد إلى الداخل التركي وراح يضرب في كل مكان ويستهدف الجيش والشعب والمؤسسات الحكومية ولنا فيما جرى قبل أيام قليلة بمطار أتاتورك من تفجيرات دموية هي امتداد لتفجيرات سابقة تبنى عدداً منها تنظيم «داعش» الإرهابي.
– إعادة اللاجئين السوريين إلى ديارهم التي هجروا منها قسرا بفعل الإرهاب الذي مارسته وتمارسه ميليشيات وفصائل مسلحة قدم جلها من دول كثيرة وترعاها أنظمة امبريالية ورجعية إلى جانب الكيان الصهيوني.
– إعادة ما تمت سرقته من معالم تراثية وحضارية ومعامل وأجهزة صناعية ونفطية وغير ذلك وتقديم تعويض عن قيمة النفط السوري الذي سرقه الإرهابيون وهربوه عبر الأراضي التركية بعلم وموافقة السلطات التركية وتحديداً تلك المقربة من الرئيس رجب طيب أردوغان.
– تأكيد النظام التركي أن إعادة تطبيع علاقاته مع الكيان الصهيوني لن تكون على حساب سورية في المديين القريب والبعيد.
لقد خسر نظام أردوغان الرهان على تدمير الدولة السورية الذي جاء عبر ذرائع وحجج واهية لم تعد تنطلي على كل ذي عقل راجح وبصر وبصيرة وحتى على الناس الذين لا يتبحرون بالسياسة وتحولاتها وبات يدرك هذا النظام أن الاستدارة اليوم إلى سورية ومحور المقاومة أفضل من الغد حيث ذهاب تركيا إلى الخراب على الصعد كلها.
جميع دول المنطقة وكثير من دول العالم يتحملون مسؤولية كبيرة في إيقاف الدماء السورية ومساعدة جميع الأطراف في الذهاب إلى حوار سوري- سوري يثمر حلولاً ناجعة تبقي سورية (شعباً وجيشاً وقيادة ومؤسسات) دولة رائدة في الحفاظ على المقاومة والإسلام الحنيف المعتدل والعروبة وعلى اقنيمي الوطنية والقومية لاسترداد كل الحقوق المغتصبة وعلى رأسها فلسطين القضية المركزية..
هكذا نصل إلى انتهاء الخلافات والحروب في المنطقة. ومن يصر على الرهان بغير ذلك إنما يكون أسير زهايمر فكري- اقتصادي- سياسي- ديني، سيكون مآله حتماً موتاً لا حياة بعده وإن طال المقام. فهل ينقذ النظام التركي بلده قبل فوات الأوان؟