حتى لا نكون شهود زور..بقلم: رفعت البدوي

حتى لا نكون شهود زور..بقلم: رفعت البدوي

تحليل وآراء

الاثنين، ١١ يوليو ٢٠١٦

كل الذي يجري في المنطقة من فوضى وقتل وتشريد ودمار وتمزيق لمجتمعات أوطاننا العربية وتزوير لتاريخ أمتنا وتفتيت لجغرافيا منطقتنا التي درسناها في كتب مدرسية وجامعية وقدمنا فيها أبحاثاً وأطروحات وخضعنا فيها لامتحانات رسمية وغير رسمية ترسم مستقبلنا أخذت من عمرنا عقوداً وسنوات من الجهد والدرس والتمحيص، جاء اليوم الذي نواجه فيه مشاريع غربية وضعت لخدمة العدو الصهيوني عبر طمس تاريخنا العربي وإحراق خرائط بلادنا وتزوير ما كتب في كتبنا ودرسناه في المدارس والجامعات لنجد أنفسنا في حال انفصام عن تاريخنا العريق ليُفرض علينا وعلى أجيالنا القادمة تاريخ جديد مزور وجغرافيا مفتتة لم نعهدها نحن، أما الهدف منها بأن يعهدها الجيل الجديد بهدف سلخه عن تاريخ آبائه.
في الحروب الماضية كان الغرب يصنع الأسلحة من أجل خوض الحروب، أما في الحرب الدائرة في مناطقنا فإن الغرب بات يصنع الحروب من أجل تصنيع الأسلحة، إذاً نستنتج أن الغرب يتفنن في خلق الأزمات والحروب في بلادنا العربية من أجل تأمين مصالحه والاستيلاء على ثرواتنا وتراثنا ومالنا العربي.
إن الحرب التي تخاض ضد أمتنا العربية هي حرب شرسة على الصعد كافة، ومنها.
الهوية، التاريخ، الجغرافيا، الثقافة، الفكر، العقيدة، الانتماء، التقدم العلمي، استثمار الطاقات الشبابية، الإنماء، التصنيع، التجهيز.
القدرات البشرية، الأبحاث في العلوم، التكنولوجيا، المكننة، مفهوم الدولة، احترام الإنسانية، تأمين فرص عمل، التأمين الصحي، حقوق المواطن، القضاء، الخ.
نحن نواجه فساداً بشرياً مستشرياً ومقصوداً من القيمين والمسؤولين والحكام في بلادنا العربية ومما لا شك فيه أن الإنسان العربي بات بحاجة إلى عدالة اجتماعية تحارب الفساد والمحسوبيات والمحاصصة التي من شأنها الإخلال بالتوازن الاجتماعي ليصبح مجتمعنا العربي مغلوباً على أمره.
علينا أن نعيد التوازن لمجتمعاتنا لأن أي اختلال في ميزان المجتمع سيفسح المجال في خلق مناخ مؤات للتطرف والإجرام ويسهم في نشر الفوضى تحت مسميات دينية تارة أو تحت مسميات العدالة الاجتماعية تارة أخرى وهذا هو هدف الغرب وهذا ما تنفذه الطبقة العربية الحاكمة.
نقول هذا الكلام في الوقت الذي لم يتوان فيه الحكام العرب عن تغطية جرائم حرب بحق أوطاننا وشعبنا العربي تحت مسميات مختلفة كلها واهية وكاذبة.
في العام 2004 كولن باول اعترف أمام مجلس الأمن أنه كذب على العالم بشأن قرار الحرب على العراق واليوم طوني بلير عبر لجنة تشيلكوت يعترف أن الحرب على العراق والقرارات التي اتخذت عقب شن الحرب كانت خاطئة وغدا نيقولا ساركوزي سيعترف أمام العالم بأي ذنب ذبحت ليبيا وبعده لوران فابيوس وفرانسوا هولاند وأنجيلا ميركل وديفيد كاميرون وباراك أوباما وجون كيري ورجب أردوغان وأحمد داوود أوغلو وجامعة الدول العربية وربما نرى أيضاً مسؤولين عرباً يعترفون بخطأ قرار المؤامرة المستمرة على سورية العروبة لأكثر من خمس سنوات متواصلة وربما يعترفون بأي ذنب عُوقِبت سورية ولم تزل.
عن أي ديمقراطية يتحدثون وبأي عدل اجتماعي ينادون وبأي مساواة يطالبون لا هم لهم سوى خدمة الكيان الصهيوني وطمس القضية الفلسطينية وتأمين أمن إسرائيل والحصول على الثروات والمغانم وسرقة الشعوب المقهورة وارتكاب أفظع جرائم البشرية بحقها على وجه الأرض.
نحن بحاجة إلى زعماء لا تتهاون بهدر دمنا وقتل شعبنا العربي بل نريد قيادة عربية تحاسب كل من اتخذ ونفذ قراراً بالحرب على دولنا العربية وحوّلها بكل بساطة إلى أشلاء جغرافية ومجتمع مفكك ووطن مفتت وشعب مهجر تبتلعه البحار ليعود صاحب قرار الحرب ويعترف أنه كذب على العالم ولكن كما يقال «بعد خراب البصرة».
من أجل أن ينصفنا التاريخ يوماً وحتى لا نكون شهود زور وُجب علينا أن ندفع باتجاه محاسبة هؤلاء المجرمين ومحاكمتهم أمام المحاكم الدولية لوقف مسلسل استباحة أوطاننا العربية وإن لم نفعل فإننا ومن دون أدنى شك سنواجه ولعقود قادمة إجراماً مستباحاً ومرخصاً ضد أوطاننا العربية.