النقد الهدّام!!.. بقلم: سامر يحيى

النقد الهدّام!!.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ٣ يوليو ٢٠١٦

 أهم ما تنشده المؤامرة وتهدف إليه، هو استنزاف قدرات وإمكانيات المجتمع، بعد فشلها في تدميره بشكلٍ مباشر، فكان الحل الأنجع، والفكرة التي خرجوا بها، تدمير أفكار الجيل.
لقد لمسنا ذلك في وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها وانتماءاتها، ولا سيّما المسلسلات التلفزيونية، التي تشخّص الواقع السلبي، وتنسى الحلول الناجعة له، وتضع الجانب الإيجابي بشكلٍ هامشي، إن وجد؟!!.. متجاهلةً كل إيجابيات حياتنا، وكل مقوّمات صمودنا، بل تم تقوية عنصر الكره، وإن لا صديق ولا مصداقية، جعلنا نفقد الثقة ببعضنا بعضاً، اعتدنا على المديح الزائف، أو الشتم الظالم، بعيداً عن المنطق والعقلانية والتوازن، الذي يفترض بالحياة الإنسانية التي فطرنا عليها.
إن عملية الاستنزاف هذه تحتاج للمواجهة والمجابهة، ليس في الميدان العسكري، ولا السياسي، بل في كل ميادين الحياة من دون استثناء، بدءاً من تنشئة الأفراد على حب الوطن، والعمل بإخلاص وإتقان للوصول للهدف المنشود، وقيام كل منا بمكان عمله بدوره بعيداً عن التنظير، بل البحث ضمن الإمكانيات عن أدوات تطوير وسائل الإنتاج، ونخص بالحديث هنا جماعة وسائل التواصل الاجتماعي، الذين يعتبرون جزءاً مهماً من شباب الوطن، والذين يقضون أوقاتهم تحت شعارات كشف الفساد والجرأة، بينما في مواقع عملهم تجدهم بعيدين كل البعد عن الواقع الحقيقي للعمل، بل قد تتفاجأ بأنهم أكثر الناس تقاعساً في عملهم، وسلبية تجاه عملية الإنتاج في وطنهم.
نعم علينا أن ننتبه لزاوية نطرحها جميعاً، وهي النقد الهدام، ولو كان تحت شعار الوطنية ومكافحة الفساد، فكم من شعارات تدس السم بالدسم، فبغض النظر عن موقفي الشخصي من هذا وذاك، طالما تسلّم مؤسسة، فمهما كان تبقَ أطر وقوانين المؤسسة تحكمه بنسبة كبيرة، ويكفي أنّه اكتسب مصداقية جزء من المواطنين، وجزء من المسؤولين، وجزء ممن يعمل معهم، فقد يكون البعض فاسداً بالحقيقة، وقد يكون تمت تشويه سمعته لأهداف لا وطنية، وقد يكون ضعيفاً في التعبير عن ذاته ودوره وما يقدّمه، مقابل الوضع الذي نعيشه، وعملية الاتهام والادعاءات لم تكن إلا فرصةً لاستمرار تشويه المؤسسات الحكومية، وتدميرها من الداخل، بعد أن عجز العدو بتدميرها عبر الخارج، بسبب حنكة وحكمة القيادة وتضحيات الجيش العربي السوري وأبناء الوطن في كل مجالات البناء والإعمار، والذين يعملون من دون انتظار أوامر فيسبوكية، ولا مخطّطات وتحليلات لا منطقية بهدف إملاء الفراغ لا الخروج بنتائج تصب لمصلحة المجتمع.
هنا لست بموضع الدفاع عن أحد، ولكن لنبدأ برمي السلبيات خلفنا واتهام الآخر، والبدء من ذاتنا كل منا، والمقصود بكلٍ منا أنا وأنت هو وهي، المسؤول في هذا المكان أو ذاك من دون استثناء أحد، وكل هذا يتطلّب تفعيل عجلة الإنتاج، ابتكار الأسس والأساليب التي تساهم في بناء الوطن، بعيداً عن توجيه الاتهامات الشخصية لهذا وذاك، فالسلبي لن يزعجه ما يتكلّم عنه الآخرون، وواضع الثقة ما دام لا يوجد دلائل دامغة مقنعة على فساد من وضع به الثقة، أو عدم وصول وثائق تثبت فساده إليه، بالتأكيد ستبقى الكفة الراجحة لديه لثقته به.
هنا يجب على كل منا الانطلاق ببناء الوطن، لنفكّر، بدايةً كل منا في حيّه، في منطقته، في شارعه، بإمكانه اقتراح الأفكار، لتنظيم توزيع مواد الطاقة، وتصبح موضوع نقاش، وكل منا يضع أفضل السبل لتوزيع المحروقات، وعملية منع الهدر وضغط النفقات، وإعادة التدوير، والعمل على إيجاد موارد إنتاجية لمصلحة المجتمع، وليس الاتكال على الحكومة، وابتكار الأساليب الأفضل لمساعدة الحكومة في إدارة موارد البلد وليس جباية موارد.. والفكرة تولّد الفكرة..
في هذه الفترات نحن بحاجة لتغيير جزء من عاداتنا السلبية، فعند سماع مباراة كرة قدم ترانا نلهث لشراء "بطاقات فك التشفير" ومتابعة تلك القنوات ولو اضطررنا للوقوف على أقدامنا أمام شاشات التلفاز الكبيرة، بينما مراكزنا الثقافية خالية، ولا تكاد تمتلئ بربع سعتها، في أحسن حالاتها.. فيا ترى لو قامت المراكز الثقافية بالبدء بتشجيع الثقافة، وقيام كل منا بتخصيص ساعتين أسبوعياً لمراجعة أحد المراكز، وقيام تلك المراكز بمناقشة كل إمكانيات التطوير وبناء الإنسان في المجتمع.
ما أحوجنا لقيام خطباء الجمعة وعظات الأحد بتوجيه خطبهم وعظاتهم لبناء الإنسان وتقويمه وتناول دوره في المجتمع وتشجيعه على العمل والعطاء. 
    وما أروع أن تقوم الجامعات والمراكز الثقافية بعقد خطط منهجية لتثقيف المواطن، ونشر ملخصات الكتب، والدور الأمثل للتعاون مع كل مؤسسة، بما يساهم بفتح نقاش وحوار بين الأكاديميين والعاملين في كل مجال من مجالات الحياة، لا محاضر ومستمع، بل مناقشات للجميع بين الرؤية الأكاديمية والخبرة العملية، فكل يمد الآخر بما لديه لكي تكتمل  الصورة.
    لنعمل معاً من أجل بناء وطننا، والتخلّص من الانتهازيين والمتسلقين دور كل منا، بتجاهلهم وتوجيه الأنظار للإيجابيات. فسوريتنا فيها من المنجزات، والإيجابيات، وسر الصمود والقوة ما جعلها محط أبحاث كبرى مراكز الأبحاث العالمية، فالأجدر بنا نحن أن نوطّد مقوّمات صمودنا، لنتمكن من القضاء على محاولات استنزافنا، لنستحق لقب "مواطن عربي سوري" بكل امتيازات وفخر هذه العبارة.