بعد طلبها المساعدة من روسيا .. هل تذعن واشنطن لبقاء الرئيس الأسد؟!

بعد طلبها المساعدة من روسيا .. هل تذعن واشنطن لبقاء الرئيس الأسد؟!

تحليل وآراء

السبت، ٢ يوليو ٢٠١٦

علي مخلوف
في إحدى حانات السياسة يجلس راعي البقر على طاولته منتظراً قدوم الشريك الشرس، يقلب بين يديه سيجارة "المارلبورو" فيما تغطي قبعته عيناه المرتبكتين، وأخيراً يصل المقاتل الروسي مرتدياً فرو دب قد اصطاده حديثاً، يجلس الاثنان والابتسامات بينهما لا تستطيع أن تخفي كل مشاعر التحدي والنقمة، يعمد الأمريكي والروسي إلى التباحث في الملف السوري، يحتدم النقاش، ويقدم كل جانب طروحاته ورؤاه، وفي النهاية يقوم الاثنان بضرب كأسي الفودكا الروسية والبراندي الأمريكي ببعضهما إشارةً للوصول إلى صيغة توافقية، عبارة نازداروفيا "أي بصحتك" ليست سوى مجاملة دمثة يقولها الروسي للأمريكي قبل ارتشاف الشراب، إذ أن ذلك الروسي يرى في سورية حليفاً أكسبه العودة إلى الساحة العالمية كقوة عظمى، وترك هذا الحليف لخصومه الذين تدعمهم أمريكا، مقابل مكسب ما تعرضه واشنطن سيعني أن الروس يتخلون عن وجودهم على حوض المتوسط نهائياً.
الجلوس على طاولة واحدة وارتطام كؤوس الشراب لا يعني بالضرورة أن الحاضرين في حالة حب وتحالف وصداقة، إذ أن ضرورات السياسة قد تحتم ما هو أكثر من ذلك.
فقد أفادت صحيفة "واشنطن بوست" بأن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما اقترحت على روسيا شراكة عسكرية جديدة في سورية، إذ يدور الحديث عن تعزيز التعاون العسكري بين البلدين في مكافحة المتطرفين مقابل وقف الجيش السوري قصف التشكيلات المسلحة التي تدعمها الولايات المتحدة، وبحسب الصحيفة الأمريكية فإن مضمون الاتفاق يتمثل في وعد واشنطن بتوحيد الجهود مع القوات الجوية والفضائية الروسية لتبادل المعطيات حول الأهداف وتنسيق حملة موسعة لقصف "جبهة النصرة" التي تحارب بالأساس ضد الجيش العربي السوري.
اللافت أن الصحيفة أكدت بأن هذه المبادرة حظيت بدعم من الرئيس باراك أوباما شخصيا ووزير خارجيته جون كيري وتنص على رفع التعاون بين الجيشين الأمريكي والروسي إلى مستوى غير مسبوق.
كيري أحد صقور الإدارة الأمريكية وصاحب التصريحات النارية ضد دمشق، بات الآن من أكثر داعمي التعاون والتنسيق العالي مع روسيا بشأن سورية، هذا بحد ذاته متغير سياسي هام.
أيضاً أن تقوم واشنطن بطلب التعاون مع روسيا على نحو غير مسبوق يعني تطوراً أكثر أهمية، على اعتبار أن الولايات المتحدة لم تكن سابقاً توجه أي دعوة لروسيا بشأن الانخراط في حلف ضد الإرهاب، وقتها عمدت موسكو لإعلان حلفها الخاص ضد "داعش" وتوابعها أمام الحلف العالمي الذي تقوده واشنطن، ما الذي تغير الآن إذاً حتى تطلب واشنطن العون من موسكو؟!
هل كانت تجربة الفلوجة العراقية سبباً في رغبة أمريكا بتكرار السيناريو على الأرض السورية فيما يتعلق بالرقة مثلاً، لعلم أمريكا بأن ذلك لا يمكن أن يتحقق دون الروس الذين يدعمون الجيش السوري المتقدم باتجاه معقل التنظيم الإرهابي؟ هل اقتنعت أمريكا أخيراً بأن تنسيقاً عالي المستوى وغير مسبوق مع الروسي سيعني وضع حد للأزمة، هذا يعني بأن واشنطن لن تلقي بالاً بعد الآن للطلبات السعودية المزعجة فيما يتعلق بتصعيد الوضع السوري، كون الرياض تخوض معركة شخصنة ضد القيادة السورية، هل يعني ذلك أيضاً التعاون قبول واشنطن للأفكار الروسية المتعلقة بالمرحلة الانتقالية والانتخابات المبكرة؟.
موسكو اعترضت سابقاً على وضع شروط مسبقة تطالب برحيل السيد الرئيس بشار الأسد، وقالت أنه من حقه كمواطن سوري الترشح في أي وقت لتلك الانتخابات والشعب السوري هو الوحيد المخول في اختيار من يحكمه، فهل تقبل واشنطن هذه الفكرة فعلاً في نهاية المطاف؟، وما هي المكاسب التي ستحصدها موسكو وحلفاءها من تلك الدعوة الأمريكية؟ هذا ما ستبينه الأيام القادمة مع ترك الباب مفتوحاً لأي احتمال.
عاجل