اقترب.. لكي تراني وأراك..!؟.. بقلم: عبد السلام حجاب

اقترب.. لكي تراني وأراك..!؟.. بقلم: عبد السلام حجاب

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٨ يونيو ٢٠١٦

لاشك بأن القريب ضد البعيد في اعتباري الزمان والمكان، وفقاً لمنطق التعريف المصطلحي.
ولقد تكون بعيداً لسبب ما في مدى الجغرافيا الممكن، وربما أقرب قليلاً، لكني أظنك تعيش في أغلب الأحوال قريباً بروحك وفكرك حتى وأنت محاصر في غربتك بين العيش والوجود، والفارق بينهما كبير وشاسع، يكشف عن نفسه بسهولة ويسر، عندما تكون مكبلاً بقيود من إغراءات وتوهمات ومشاريع لا فرق إن كانت قسرية أم طوعية.
لذا فإني أسأل، إذا كان حب الوطن، حبل وجودنا السري الذي يختصر مسافة المكان والزمان، ويربط بين القريب والبعيد، افتراضاً، برباط سوري وثيق من الحاضر والتاريخ والمستقبل. فلماذا لا تُقبل لسماع صوتي الوطني، و تراهن مع آخرين ليسوا من جلدتك على قتل الصوت الآخر في الوطن من دون رادع إنساني أو أخلاقي أو قيمي!! مع أن المكان واسع والفضاء رحب والصوت الصادق لا يغيب مهما شوه الدخان الرؤية ورفع الأغراب سواتر الخراب فيما بيننا، في حين أن الحقيقة اليقينية الباقية دائماً تقول إن في أفكارك شيئاً من حقيقة، وفي أفكاري شيء من صواب.
أليس منطقياً أن تقترب ولا تبقى بعيداً في المكان والزمان خلف.. "داحس والغبراء".. فالوقت قصير رغم اتساعه في الأبد، والعمر قصير رغم امتداده الممكن في الزمن.. لكن السؤال الملح. هل يمكن لجبان أن يعرف الحب، أو يمتحن نفسه بالحب، أن يكون فارساً في الميدان من دون أن يسكن الحب قلبه..!؟
لعل ما يجعل هذا القول أولوية للتحدي، بكائيات تفر من السوريين الذين أسقطتهم حالة الاستلاب في الخارج والداخل، لتظهر مفاعيلها بفقدان الهوية السورية والتضامن مع إرهاب يقتل السوريين ويبعثر وطنهم. ومن جانب آخر يظهر الاستلاب حالة عجز وارتهان للخارج وأجنداته التي ليس في ثنايها حب سورية والسوريين.
إنه ليس مثل الخروج من الاستلاب في المكان والزمان، يمكن أن يمنحنا الشجاعة في مواجهة القهر وقبول التحدي بما يعيد إلى الذات نواتها الصلبة وهي الشجاعة أمام الوجود: والتقدم بدل السقوط في وهم العيش الغرائزي. عندها يمكن لنا أن نسمع صوت بعضنا.. ونتلمس عن قرب همسات أوجاعنا ونغني معاً من أرض سورية الحبيبة وعلى إيقاع صمود شعبها وانتصارات الجيش العربي السوري بدماء أبطاله البواسل، أغنية للحب والحياة والمستقبل.
فاقترب، أيها المراهن فوق تلة انتظار لم يبق منها شيء سوى التذكر، والشيء المؤكد أنه علينا تقع مسؤولية التغلب على العوامل والمصطلحات التي جعلت الانتظار وكأنه قدر لا مفر من التعامل معه، أو الاعتياد عليه، لكن السوريين حسموا أمرهم وحددوا خياراتهم الوطنية، ولا جدال أن الصبر شيء غير الانتظار.
فاقترب أيها البعيد.. لكي تراني وأراك، وتسمعني وأسمعك، فالعاشق للوطن، وإن كان بعيداً ليس أمامه سوى شجاعة الاقتراب، وليس الضياع خلف شباك الاستلاب.