نص يوم ما بين الحب والجنون.. بقلم: غسان يوسف

نص يوم ما بين الحب والجنون.. بقلم: غسان يوسف

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٨ يونيو ٢٠١٦

في لقطة من مسلسل (نص يوم) الذي كتبه باسم توفيق السلكا وأخرجه سامر البرقاوي يسأل المحقق الممثل تيم حسن (ميار) عن سر تعلقه بـنادين نسيب نجيم (ميسا) بعد أن خانته ونصبت عليه فيقول ميار: " أنا من زمان صارت معي قصة غيرت كل حياتي, غيرت نظرتي للمرأة, صرت أبحث على إنسانة فيها المواصفات المثالية.. بتقدر تقول.. كأنها طالعة من (كاتلوك) وفوق هيك إذا فكرت اتزوج بدي إياها تقبل إني روضها, تقبل شكل الحياة اللي أنا متعود عليه، واللي شايفو أنا وحدي انو صح.. كنت حتى أنظر لموضوع الجمال نظرة كتير خاصة كان بدي من أهم ميزاتها انو ما تكون بشعة مثلا, كنت مفكر حالي رح أتزوج "زواج تقليدي" امرأة تقليدية من هدول اللي ما عاد موجودين هلق, أقصى أحلامها إنو هيي تغسلي تيابي تعملي أكلي .. شربي .. ترتبلي سريري, ولما بدها تتسلى تمسك سنارتين صوف وما توجع راسي بقصصها, امرأة ما بتمرض, إذا مرضت ما بحس, امرأة ما بعرف ايمتى بتتعب ايمتى بتجوع ’ ايمتى بتنام إنسانة كل حياتها صح .. بس صح .. من دون طعم .. نفس الشكل .. نفس اللون .. نفس الريحة .. نفس التسريحة .. اتخيل ؟! كل هاد طلع حكي فاضي ! .. فاضي, المرأة اللي أنا حبيتها طلعت حدا تاني مختلف تماماً.. ما بتشبه أي امرأة .. مجنونة.. امرأة غريبة كل شي فيها غريب, وهاد اللي حببني فيها أكتر .. كذبا صدقا .. زعلا .. فرحا .. أنانيتا .. جنونا .. شي غريب .. غريب .. غريب عن جد وجذبني إلها أكثر .. ما تسألني ليش حدا متلي حب حدا متلها "
كلمات ميار أثرت بالمحقق الذي يحظى بامرأة تحمل نفس المواصفات التي تكلم عنها ميار فتدخل كلماته إلى ذهن المحقق، فيكره زوجته وينصرف عن متابعة القضية ليصبح ذهنه بعالم المرأة وبكلمات ميار عن المرأة غير التقليدية.
هذه اللقطة الرائعة في مسلسل (نص يوم) جعلتني - ربما كما المحقق - أفكر بالحب والجنون.
في مقابلة لصحيفة خليجية أجريتها في عام 2007 مع الكاتب حنا مينه قال لي اكتب عن لساني: "أنا نصف عاقل ونصف مجنون " ليتحدث بجنون العاشق ولهفة، لم أكن أتخيل أنني أمام شخص تجاوز الثمانين.
جبران خليل جبران عنون أجمل كتبه بـ (المجنون).
كلمات ميار عن المرأة غير التقليدية في مسلسل (نص يوم) ربما تجعلنا نفكر قليلاً أن الحياة ليست روتيناً يومياً, ليست أكلاً وشرباً وهنداماً .. هي جنون وتمرد, هي روح قبل أن تكون جسداً, هي نبضات قلب ونظرات أعين، قبل أن تكون لباساً أنيقاً! بصراحة قد يكون هذا السؤال بذهن كل واحد منا.. لماذا نحن مقيدون بأغلال أقوى من أغلال المجرمين؟!
كل شيء نعاقب عليه الابتسامة والنظرة والكلمة واللباس.. أي يجب أن نكون نسخة مثالية من كاتالوك رجالي أو نسائي!