الأنا بين الواقع وحاجات الروح .. بقلم: هنادة الحصري

الأنا بين الواقع وحاجات الروح .. بقلم: هنادة الحصري

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٧ يونيو ٢٠١٦

لا يختلف اثنان على أن الاستهلاكية العالمية في أبعادها الرامية إلى تخريب الثوابت وفضِّ القيم الأخلاقية والمعنوية تهدف إلى إلغاء الهوية.
لأن انتفاء الحسِّ الإنساني والاعتماد على الحس المادي يوحد الإنسان كإنسان مستهلك بمعنى الإنسان الاقتصادي الذي تنحصر تطلعاته ضمن الحدود المادية. كل هذه الحركية صوب مفهوم التنميط أدت الى ظهور متسارع لمفهوم الهوية في القرن العشرين وذلك كردة فعل على العولمة الهادفة إلى تنميط الإنسان وإلغائه ليصبح نموذج الإنسان الذي لا هوية له، والمهم هو الوفاء باحتياجاته المادية.
وانطلاقاً من اعترافنا بأننا نحن العرب نعيش أزمة حضارية قيمية سلوكية تربوية فكرية فإن خط الدفاع عن هذه الأمة هو العودة لمراجعة هويتها لتعزيز وجودها.
ولا غريب أننا نتدافع حول أسئلة وجودية تشغلنا، جعلتنا نتلقى الواقع في سلبية، ولكن مرحلة جلد الذات توقفت، فأخذ الإنسان العربي وخاصة المثقف يطرح القضايا مستخدماً قوى الوعي الذاتي الفردي وكما يقول تشيخوف: إن دور المثقف هو أن يطرح القضايا طرحاً صحيحاً جديراً بالاعتبار. إضافة إلى أن دور المثقف لا يقف عند طرح القضايا؛ بل يتجاوزه إلى توجيه الأسئلة ومحاولة وضع الأجوبة من أجل إحداث التغيير ملتزماً النزاهة الفكرية بغية تجديد الخطاب الثقافي العربي.
ولكن عملية التغيير ليست بالسهولة التي نظن أنها عملية مركبة تطول العادات والتقاليد وأساليب الحياة والإنتاج، لأنها جميعها مسائل تتعلق بالهوية، هذه القيمة الأصلية للأمة، إذ لابد من الروية في التفكير قبل الاختيار الذي سنتبناه، لأننا وبقناعتنا نريد أن نحفظ لإنساننا العربي توازنه الذي أصبح مهدداً بعد تسارع الأحداث والتطورات على الساحة العالمية.
على هذا لابد من العودة لمخزوننا الحضاري وإعادة ثقتنا بموروثه القيمي، فنحن مستخلفون في الأرض،إضافة إلى الأخذ بكل المستجدات الحديثة من نظريات ومستجدات عالمية. مبتعدين عن التقليد اللاوعي أو النقل الانبهاري، وهذا حتماً يجري في ظل تفكير واقعي، فالعقل الإنساني عقل توليدي يبقي ويستبعد ثم يطور و يبدع ليشكل هوية خاصة لنا.
إن الغرب أخذ من حضارتنا الكثير، ولكنه أبقى على هويته من منطلق أن التفاعل ضروري بين الحضارات للوصول إلى مفهوم الارتقاء للوصول إلى حسٍّإنساني مشترك.
إن نجاح هذا المشروع النهضوي التغييري لا يتم إلا بتحرير علاقتنا المشبوهة مع أنفسنا والآخر، والابتعاد عن ثقافة الخوف المنتشرة والتحرر من تقاليد النموذج الغربي.
هي دعوة للتغيير، حيث بات مطلباً رئيساً في مواجهة أزمة قصور الفكرالعربي.
وأقف عند قول أرنولد تويني: "يبدو أن الخلاص الوحيد في عصر الكمبيوتر هو الصفاء الروحي الداخلي".
فأين الصفاء الروحي الذي نمتلكه؟