حكومة الحلقي تخرج الشعب "من المولد بلا حمص"..بقلم: إيفلين المصطفى

حكومة الحلقي تخرج الشعب "من المولد بلا حمص"..بقلم: إيفلين المصطفى

تحليل وآراء

الأحد، ٢٦ يونيو ٢٠١٦

Evlism86@gmail.com
تشير الكثير من الأبحاث التي توثق المراحل المعاصرة لفترة زمنية سياسية أو اقتصادية إلى أن نجاح أي دولة لايعتمد على ما تمتلكه من أسلحة متطورة، وإنما يعود بالدرجة الأولى إلى متانة اقتصادها، وبمعنى أدق إلى إدارة مواردها واقتصادها بشكل ينسجم مع الظروف التي تتحكم بها.
ومع انتهاء فترة ولاية حكومة الحلقي بتاريخ 22 من شهر حزيران للعام الحالي، وتسليمها دفة القيادة للحكومة الجديدة برئاسة وزير الكهرباء السابق المهندس عماد خميس، مودعة له تركة لا يحسد عليها، تتطلب منه جهداً مضاعفاً عن الجهود التي بذلها أثناء توليه لرئاسة وزارة الكهرباء.
 وقبل أن يتم تشكيل الحكومة الجديدة وقبيل أن يؤدي الوزراء الجدد قسم الأمانة والنزاهة في العمل، لابد من التذكير بإنجازات حكومة الحلقي على مبدأ "جردة الحساب"أوبكلمات أخرى "المحاسبة قبل التسليم".
حيث نجد بأن حكومة الحلقي تغادر بلاط مجلس الوزراء بأرشيف غني بالإنجازات الاقتصادية التي انعكست على المواطنين وحياتهم المعيشية بشكل سلبي، حيث شهدت الأشهر السابقة انتقادات لاذعة وجهت إلى المسؤولين في حكومة الحلقي، لسوء إدارتها للاقتصاد، وتبنيها سياسات اقتصادية وصفت بالخاطئة وغير المدروسة، كان أبرزها سعر صرف الدولار، الذي أصبح الشغل الشاغل للمواطنين، وكان من أولى أولوياته التي تدفعه للسؤال عنه صباح كل يوم قبل أن يطمأن على أحوال أسرته، وكان السؤال المعتاد "بكم الدولار اليوم؟
الجميع يدرك أن تفقد حال سعر صرف الدولار من المواطنين، لم يأت نتيجة دخول سوق دمشق للأوراق المالية إلى البورصة العالمية، إنما لأن أغلبية تجار الجملة والتجزئة سعروا بضاعتهم على بورصة سعر صرف الدولار الآني واللحظي، ما تسبب بحالة من الفوضى انعكست على أسعار السلع والبضائع في الأسواق والتي تجاوزت بغلائها سعر صرف الدولار، وهنا نذكر أنه حينما استلمت حكومة الحلقي دفة القيادة عام 2012 كان سعر صرف الدولار عند حدود 75 ليرة وفق نشرة مصرف سورية المركزي، في حين كان سعر الصرف في السوق السوداء مايقارب 100 ليرة، و حين تم إعادة توليه لمنصب رئاسة الحكومة مرة ثانية في شهر آب 2014 بلغ سعر الصرف "157" ليرة، وفق نشرة المركزي الرسمية واليوم مع رحيل حكومة الحلقي نجد أن سعر الصرف سجل وفق النشرة الرسمية  للبنك المركزي "535" ليرة خلال شهر أيار، مع العلم أن سعر الصرف في شركات الصرافة وفق تسعيرة البنك المركزي خلال شهر حزيران 467 ليرة، وهنا لابد أن نشير إلى أن سعر صرف الدولار مقابل الليرة كان قد سجل مستويات قياسية خلال شهر أيار، حيث وصل سعر الصرف إلى حدود 650 ليرة، الأمر الذي انعكس على أسعار جميع السلع في الأسواق، ورغم الجهود التي بذلت لإعادة تخفيض سعر الصرف إلى مستوى 470 ليرة إلا أن هذا التخفيض لم يكن له انعكاس حقيقي على أسعار السلع، نتيجة فشل وزارة التجارة وحماية المستهلك في ضبط الأسعار والأسواق، وعدم مبالاتها برفع القدرة الشرائية لليرة السورية، حيث نذكر هنا أن مقياس القوة الشرائية لليرة السورية حينما كان الحد الأدنى للأجور 10000 ليرة عام 2012 كانت الأسرة المكونة من خمسة أشخاص بحاجة إلى ما يقارب 18000 ليرة لشراء أهم حاجياتها الأساسية من سلع غذائية لمدة شهر ولمرة واحدة فقط، في حين بلغت تكلفة ذات السلع وفق مؤشر مقياس القدرة الشرائية لليرة السورية عام 2014 " مايعادل 40000 ليرة، أما اليوم وفي ظل ارتفاع الأسعار وقرارات الحكومة برفع أسعار المشتقات النفطية "غاز ،بنزين، مازوت" أصبحت الكلفة الإجمالية لذات السلع وفق مؤشر مقياس القدرة الشرائية لليرة السورية " مؤشر أم مصطفى الاقتصادي" تساوي "87525 ليرة، ما يعني أن الليرة السورية فقدت 80 % من قدرتها الشرائية.
 وهنا نذكر أن سعر لتر البنزين كان حين تسلم حكومة الحلقي عام 2012 يعادل 50 ليرة للتر في حين أن سعره اليوم يعادل 225 ليرة وفق القرار الأخير برفع أسعار المشتقات النفطية كذلك كان سعر لتر المازوت عام 2012 يعادل 20 ليرة في حين أصبح سعره اليوم 180 ليرة، كذلك الأمر فيما يخص أسطوانة الغاز التي كان سعرها منذ أربع سنوات يعادل 400 ليرة وفق التسعيرة الرسمية للحكومة، واليوم يعادل سعرها 2500 ليرة وفق الأسعار الرسمية، ما يعني أن أسطوانة الدعم التي أصرت حكومة الحلقي على التغني بها طوال فترة وجودها، لم تعد موجودة بعد قرار رفع أسعار المشتقات النفطية، و نشير هنا إلى سعر لتر البنزين عالمياً محسوباً على سعر صرف دولار 500 ليرة نجد أنه يعادل 190 ليرة، في حين نجد أن سعر لتر المازوت عالمياً يعادل 189 ليرة، ولا نغفل هنا أن قرار رفع سعر المشتقات النفطية جاء قبيل مغادرة حكومة الحلقي، ما تسبب بموجة من الانتقادات والسخط على هذا القرار الذي أنهك جيوب المواطنين، ودفع بالبعض منهم لتشكيل اعتصام يطالب بالتراجع عن هذا القرار الذي جعل المواطنين يطالبون برحيل حكومة الحلقي على أمل أن تعيد لهم الحكومة الجديدة ما سلب منهم ومن جيوبهم في زمن حكومة ادعت بأنها "حكومة إدارة أزمة، إلا أنها وللأسف كانت تشن حرباً اقتصادية على المواطنين من دون أن تدرك أن للمواطنين خطوطهم الاقتصادية المعيشية الحمراء التي سيأتي وقت لايسمحون فيه لأحد من المساس بها خاصة إذا كانت تلك السياسات ستدفع بهم للجوع والفقر.
وهنا لابد أن نشير إلى تصريحات حكومة الحلقي التي طالبت قبيل مغادرتها بأيام من الجهات المسؤولة بالتشديد ومحاسبة كل من يتلاعب بقوت الشعب والضرب بيد من حديد لمعاقبته، لكن يحق لنا التساؤل كيف يمكن لحكومة تصريف أعمال أن تطالب بهذا الأمر ونحن لم نشهد في زمنها ولم نسمع باسم مسؤول أو تاجر فاسد قد قامت بمعاقبته أو ضربته بيد من حديد؟!! 
 مع هذه الأرقام والمعطيات نجد أن حكومة الحلقي وبعد أربع سنوات من توليها دفة القيادة أخرجت الشعب من المولد بلا حمص، فهل ستتمكن الحكومة القادمة من إعادة الأسعار إلى سكتها الصحيحة والتي تتناسب مع جيوب المواطنين، وهل سيتمكن رئيس الحكومة الجديدة من نشل الزير من البير؟!!!