هل ستتم مركزة العمليات العسكرية؟.. بقلم: عامر نعيم الياس

هل ستتم مركزة العمليات العسكرية؟.. بقلم: عامر نعيم الياس

تحليل وآراء

الخميس، ١٦ يونيو ٢٠١٦

أثارت التطورات الأخيرة في شمال البلاد وشرقها عاصفةً من النقاشات حول الهدف من وراء العمليات العسكرية المتعددة في أكثر من اتجاه، فهل فعلاً اتخذ القرار بإنهاء داعش في هذه المنطقة الجغرافية، أم إن الأمور لا تزال محصورة بتطويق داعش ونزع أوراق قوّته لحين الاتفاق على المرحلة الثانية من العملية العسكرية؟
سوزان رايس مستشارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لشؤون الأمن القومي لم تخف تشاؤمها من إمكانية الانتهاء من داعش في الموصل والرقة في عهد الرئيس الأميركي الحالي، ما سبق يأتي في ظل مؤشرات على الأرض تدل على سباق نحو ملء الفراغ الناتج عن مرحلة ما بعد داعش يمكن رصده وفق التالي:
– ما نشرته صحيفة التايمز البريطانية حول مشاركة قوات بريطانية خاصة في التدريب والقتال إلى جانب «جيش سورية الجديد» مجهول الهوية حتى اللحظة والذي يعمل وحيداً في منطقة «التنف» على الحدود العراقية السورية انطلاقاً من الأردن. هنا يظهر الدور البريطاني خارج بؤرة التركيز الدولي في الحرب على داعش في شمال سورية، ويحاول بهدوء ودون ضجيج اقتطاع منطقة الحدود العراقية السورية في مثلث الحدود مع الأردن، ومواجهة داعش منفرداً أملاً في دفعه إلى الصحراء بين سورية والعراق، وتشكيل عائق أمام الجيش السوري والحلفاء في الاقتراب من الحدود العراقية السورية عند هذه النقطة الإستراتيجية.
– اعتراف وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان عن مشاركة قوات فرنسية خاصة في العمل الاستشاري مع وحدات حماية الشعب الكردية المنضوية تحت راية ما يسمى «قوات سورية الديمقراطية»، وسط أنباء عن قيام باريس ببناء قاعدة عسكرية لها في مدينة عين العرب، أحد أقاليم الحكم الذاتي الكردي المنشود في سورية.
– الجهد الفرنسي في عين العرب لا يأتي منفصلاً عن الوجود الأميركي المعلن والرسمي إلى جانب «قوات سورية الديمقراطية» في الحملة العسكرية القائمة حالياً لاسترجاع مدينة منبج في ريف حلب لشمالي من يد تنظيم داعش الإرهابي.
– التسريبات الإعلامية الروسية التي تحدثت عن مشاركة مجموعات من العسكر التركي إلى جانب المجموعات المسلحة في المعارك التي تشهدها محافظة حلب في سورية.
المؤشرات السابقة معطوفة على الاجتماع الثلاثي في طهران الذي جمع وزراء دفاع روسيا وإيران سورية، وعدم استعجال المبعوث الدولي ستيفان دي مستورا لتحديد موعد لجولة المحادثات الجديدة غير المباشرة بين الأطراف السورية في جنيف، من شأنه أن يشير إلى توجّه الأطراف كافة إلى الاشتباك في الميدان السوري عبر إستراتيجية مبدئية تقوم أولاً على تحصيل نقاط في جغرافيا الشمال والشرق تعد بمنزلة خطوط تماس ميدانية جديدة قد تساهم إما في كسر الجمود التفاوضي في مرحلة ما بعد عيد الفطر، أو باتجاه بلورة إجراءات عسكرية أكثر شدة ونوعية من القائمة حالياً عبر إطلاق المرحة الثانية من العمليات باتجاه الرقة وحلب.
ما يجري اليوم واضح لجهة نزوع كافة الأطراف المنخرطة في النزاع السوري إلى ملء الفراغ تحسباً لمرحلة ما بعد داعش المركزية في المدن، لكن الأهم يبقى توحيد الجهد العسكري في مواجهة سياسة الحلف المقابل الذي لا يسير بشكل منفرد، فالأطلسي ممثل بالأتراك والفرنسيين والأميركيين والبريطانيين بات له وجود محسوس على الأرض، وهذا يتطلب قيادة مركزية وموحّدة للجهد الروسي السوري الإيراني في سورية، ربما تظهر مفاعيله خلال الأيام والأسابيع المقبلة كي لا يتكرر ما حدث في خان طومان.
كاتب ومترجم سوري