إحساس مواطن.. بقلم: سامر يحيى

إحساس مواطن.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

السبت، ١١ يونيو ٢٠١٦

لا يمكن أن يخطئ وإن تأثر قليلاً بما حوله، ينبع من الإيمان بنصر سوريتنا ووصولها لبر الأمان رغم كل ما يحاك ضدّها، إيمانٌ بإعادة البوصلة إلى وجهتها الحقيقية، التي أراد صنّاع "الربيع العربي" حرفها لتشويه الصورة، وتدمير قدرات وإمكانات الشباب لإبقائهم لاهثين وراء لقمة عيش ولحظة أمانٍ.
نعم لا بد أن تفشل كل محاولات تشويه الصورة ودق إسفين بين أبناء الشعب الواحد والانتماء الواحد، وحتى البيت الواحد، رغم نجاحهم بتدمير بعض القدرات المادية وتهجير بعض أبنائه، وخلقهم حقداً دفيناً لدى بعضٍ منهم، لكنّه لم ولن يتمكّن من قلع هذه المبادئ من جذورها، بل تجذّرت، وإن المهمة القادمة هي غسل هذا الحقد، وإعادة بناء البشر والحجر على حدٍّ سواء، وتمتين هذا النسيج الممتد لما قبل سبعة آلاف عامٍ، ولن تستطيع تمزيقه سنوات بسيطة، وإن سبّبت بعض التلوث لكنّها ستزول بوعي وصمود أبنائها، رغم المتسلّقين والانتهازيين ورغم المبررين بلا منطق، لأنّ سوريتنا قادرة على النهوض مجدداً معتمدةً على التاريخ الطويل من الإبداع والإنتاج توّج بمسيرة التصحيح والتحديث والتطوير، لتستكمل بمرحلة إعادة البناء والإعمار بيد أبناء الشعب العربي السوري، في الوطن والمغترب من دون استثناء.
بكل تأكيد النجاح هو حليف الوطن، والحفاظ على قدسية ترابه ووحدته والوفاء للدماء التي زكّت الأرض بعبقها، وجهد أبناء سوريتنا في الجيش العربي السوري وكافة ميادين الحياة العلمية والعملية لإعادة الأمن والاستقرار والازدهار وتحريك عجلة الإنتاج، بعيداً عن رفع وهمي للمعنويات أو تحطيم وتضليل وتضخيم، بل العمل الجاد المبني على المنطق والمنطلق من الواقع، لتحقيق تفاؤل كل منا، ومبتدئاً بتغيير ذاته، لا أن تبقى عجلة الحياة تسير بشكلٍ روتيني، بعيدةً عن التخطيط والتنظيم والتنفيذ الحقيقي، نعم ما زلنا نعاني السير بخطا بطيئة لا تتناسب مع الوضع الراهن، نوصّف ونشخّص ونرسم ونخطّط ونسبة التنفيذ لا تكاد في أقصى الأحيان تتجاوز 10%، صحيح أن الوضع الآن استثنائي، ولذلك فهو يحتاج لمعاملة استثنائية، فأكبر الخطأ التبرير من دون عمل، فلا يكفي الحديث عن المبادئ من دون وضع كل منا أفكاره وخططه والطرق الكفيلة بتثبيت هذه المبادئ، لا سيّما في ظل الظروف التي نمر بها للوصول لما ننادي به، هل احترام دستور البلاد وقوانينها، ورعاية مصالح الشعب وحرياته، والحفاظ على سيادة الوطن واستقلاله وحريته والدفاع عن سلامة أرضه، والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية ووحدة الأمة العربية، يمكن تطبيقه من دون أن يضع كل منا مخططاً ولو رؤوس أقلام ليتمكّن من البناء عليها، أم نكتفي بالكرسي الذي نجلس عليه، نسيّر الأمور متباهين بالألقاب ونصاب بالغرور، من دون أن نضيف إنتاجاً وإبداعاً جديداً لهذه المسؤولية، مبنياً على تلك القواعد والمبادئ والثوابت.
للأسف البعض ممن وصل لمناصب أو مراكز حكومية، بغض النظر عن المرتبة، لم يضع نصب عينه خطة حقيقة، أكثر من التي هي موضوعة بسياقها الطبيعي الروتيني، والتفكير بتحقيق عائدٍ مادي من خلالها ضمن الواقع الحالي، مستعيناً بمبررات لا منطقية، متجاهلاً دوره بالانطلاق ضمن الإمكانيات والموقع والمكانة، لتحقيق عائد إيجابي لصالح المؤسسة، والذي تلقائياً سينعكس عليه، ومن ثم على الناتج القومي، ويشمل أبناء الوطن كلهم.
وباعتبار أعضاء مجلس الشعب ارتضوا تحمّل المسؤولية في هذه الحقبة الزمنية من حياة سوريتنا، مفترض أن يكونوا على قدر هذه المسؤولية، وأن يكون كل منهم قد وضع نصب عينيه أهدافاً يجب البناء عليها، بعيداً عن البحث وراء الحصانة والمورد المادي والوصول لتحقيق بعض المصالح والطموحات بعيداً عن التفكير الوطني، بل البحث والتفكير جدياً وملياً بأخطاء وإيجابيات المراحل السابقة، وما يمكن لكل منهم أن يقوم به في ظل الظروف التي يمر بها المجتمع، ولاسيّما قراءة النظام الداخلي للمجلس، وكذلك بعض القرارات والقوانين والمراسيم المتعلقة بذلك، لاسيّما كانت أمامهم فرصة تزيد على الخمسين يوماً للاطلاع على ذلك قبيل جلوسهم تحت قبة المجلس، للانطلاق فوراً بالعمل الجاد كل وفق اختصاصه وخبراته واللجان التي سينضوي في إطارها ومراجعة المؤسسات الحكومية والاحتكاك مع العاملين لديها، لمعرفة آرائهم وموقفهم والأساليب الممكنة لتطوير أداء مؤسستهم، وتفعيل دورها في المجتمع، بعد الاطلاع على نظامها الداخلي وقرارات وتعاميم، إضافة للتداخلات والتشابكات مع المؤسسات الأخرى، للوصول لأفكار تساهم بتطوير الأداء والعمل بعيداً عن التنظير والاجتماعات واللجان اللا مجدية.
 هل سنرى أعضاء المجلس يقفون أمام مواقف السيارات ومحطات الوقود وأفران الخبز ليس للتزود بالمواد، وإنما ليكونوا على تماسٍ مباشر مع المواطن، بما يولّد لديه القدرة على ابتكار أسباب وأساليب جديدة وإيجابية لتطوير عجلة الإنتاج ليلمسها المواطن لا يسمعها عبر وسائل إعلام، ولربّما هكذا تصرّف لمسؤولٍ بعيد عن وسائل الإعلام أقوى بكثير من وجود آلة تصوير تبث على قناة التلفاز وتنتهي بعد انتهاء نشرة الأخبار، وقد يكون مردودها سلبياً.
إننا الآن مطالبون أكثر من أي وقتٍ مضى، للبدء بوضع الإيجابيات ونقاشها، وتفادي السلبيات وإيجاد سبل تفاديها، بعيداً عن الذم والمديح البعيد عن المنطق، وأحياناً يتنافى مع طبيعة المسؤولية، بحيث نحتاج للرؤية الواضحة والنظرة الثاقبة والمحاكاة للواقع والمنطق، والاستفادة من كل زاوية لاستكمال بناء الوطن والقضاء على كل من تسوّل له نفسه استنزاف قدرات البلد وخيراته.
هل سيقوم كل منهم بعملية النقد البناء المستند إلى مقترح تصحيح، بالمديح الإيجابي المستند لإنجاز ملموس، بالشعور بالآخر في كل ميادين الحياة، أمنياً وسياسياً وعسكرياً وثقافياً واقتصادياً واجتماعياً، إلخ من متطلّبات الحياة.
هذه ليست فقط لأعضاء مجلس الشعب، إنّما كل منا ضمن إمكانياته وقدراته ومعرفته، علينا بناء الوطن بالتكاتف والتضامن، فكل منا له دور وكل منا مسؤول أمام الله والوطن عن دوره وإتقانه، سوريتنا أمانتنا فلنكن على قدر الأمانة.