بريطانيا بين الأمس واليوم.. بقلم: د. اسكندر لوقــا

بريطانيا بين الأمس واليوم.. بقلم: د. اسكندر لوقــا

تحليل وآراء

السبت، ١١ يونيو ٢٠١٦

لم تكن بريطانيا كما اليوم في سياق دعم التآمر الفرنسي على سورية. بالأمس، وتحديداً في عام 1945، وخلال العدوان الفرنسي على سورية، حذرت بريطانيا فرنسا من الغلو في ممارسة سياستها ضد الشعب السوري. ففي الأول من شهر حزيران، قام الجنرال باغيت، القائد العام للجيوش البريطانية في الشرق الأوسط، بإبلاغ رئيس الجمهورية السورية، قرار حكومته بالتدخل لمنع اتساع العدوان الفرنسي على سورية. حمل الجنرال باغيت القرار برسالة شفوية موجهة من رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الحين السير ونستون تشرشل.
وكان العدوان الفرنسي قد بلغ أوجه في التاسع والعشرين من شهر أيار، وذلك عندما تم قصف مبنى المجلس النيابي بالقنابل المحرقة، وقتل أفراد حاميته، وإتلاف وثائقه، فضلاً عن قصف الأحياء الآمنة في دمشق ومختلف المدن السورية.
في ذلك الحين، كان دأب بريطانيا أن تبعد فرنسا، عدوها التقليدي، عن سورية لاعتبارات سياسية كما سبق أن أبعدتها عن مصر بدافع حرصها على تأمين وصولها إلى ما بعد وراء البحر الأبيض المتوسط.
في الوقت الراهن، كما هو ملاحظ، تقف بريطانيا مؤيدة لفرنسا في تآمرها على سورية، ضمن تحالف دولي أجرم بحق الشعب السوري وما يزال يرتكب الجرائم بحق أبنائه منذ ما قبل خمس سنوات وحتى الساعة.
على هذا النحو تمضي الحكومة البريطانية في لعبتها السياسية منذ أن صرح ونستون تشرشل في أثناء الحرب العالمية الثانية بأنه سيتحالف مع الشيطان ولن يتوانى عن قتال الجيوش السوفييتية حتى آخر " جندي فرنسي " وهذا هو دأب بريطانيا التي ترسل أبناء الغير إلى أتون النار في منطقتنا وتبقى هي في موقع
المتفرج على مشاهد الأحداث الجارية هنا وهناك.
بالأمس، كانت بريطانيا تحذر فرنسا من اللعب بالنار في المنطقة، اليوم تؤيد، من وراء الستار، مجريات الخلاف بين سورية وفرنسا التي تتزعم فريقاً من المتآمرين على سورية، بغية استعادة ما فقدته في بدايات القرن الماضي، وفي مقدمة ذلك حضورها هذا الحلم الذي ما زال يداعب أجفانها وإن كانت قد خرجت من سورية
مهزومة إلى غير رجعة.
إن العلاقات الدولية، عندما تكون المصلحة مسندها، تفتقر عادة إلى الأخلاق، وتفقد شعورها بانتمائها إلى الإنسانية، وتسعى إلى الكسب من دون مراعاة للطريقة التي تسلكها. وهذا هو قدر سورية اليوم في سياق التآمر عليها من جانب ما لا يقل عن مئة وعشرين دولة، تحت تأثير خداع النفس وطلب المستحيل، وهي تعلم أن سورية بجيشها، بقواها الشعبية، برجالها ونسائها، بصغارها وكبارها، لن تستسلم لإرادة أعدائها وهي المنتصرة عليهم في نهاية المطاف، ومهما طال الزمن.

iskandarlouka@yahoo.com