بين مشروع الفدرلة والانتفاضة الفلسطينية.. بقلم: رفعت البدوي

بين مشروع الفدرلة والانتفاضة الفلسطينية.. بقلم: رفعت البدوي

تحليل وآراء

الاثنين، ٣٠ مايو ٢٠١٦

تتسارع الأحداث والاتصالات واللقاءات في المنطقة بالتزامن مع معارك عسكرية بدءاً من العراق بتواصل مع الشمال السوري في وقت تضج فيه الأروقة والمنصات الدولية بلقاءات شخصيات عربية مع شخصيات إسرائيلية بذريعة بحث آفاق السلام في المنطقة بين العرب وإسرائيل على أساس المبادرة المسماة عربية التي تم التوافق عليها في مؤتمر بيروت 2002.
الأمر اللافت أن أصحاب المبادرة العربية للعام 2002 قد تخلوا عن بنود المبادرة الأصلية التي تم إقرارها في بيروت والمتضمنة بند حق عودة الفلسطينيين إلى وطنهم ولم يكتفوا بذلك بل أدخلوا عليها تعديلات مذلة ومهينة بحق الفلسطينيين وبحق العرب أنفسهم، ومن التعديلات التي أدخلها عرب الاعتدال على المبادرة التي تم إبلاغ الجانب الإسرائيلي بها هي:
 إسقاط بند حق عودة الفلسطينيين إلى وطنهم (أي القبول بتوطين اللاجئين حيث هم).
 إسقاط بند انسحاب إسرائيل إلى حدود الرابع من حزيران 1967.
(هذا يعني ضمناً تشريع احتفاظ إسرائيل بالجولان المحتل والقدس الشريف).
 التعهد بالضغط وبالتنسيق المشترك مع السلطة الفلسطينية بالعمل على وأد ومنع قيام أي انتفاضة فلسطينية داخل فلسطين والمساهمة في قمعها وإخمادها بحجة الأضرار بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.
 العمل على تشويه صورة وشيطنة أي مقاومة للعدو الإسرائيلي وإدراجها في لوائح الإرهاب الدولية والعربية تماماً كما حصل في مجلسي وزراء الخارجية العرب والجامعة العربية حيث وصف حزب اللـه اللبناني بالإرهاب.
 إغلاق المنابر والإذاعات والصحف ومحطات التلفزة المؤيدة والمؤمنة بمبدأ المقاومة للعدو الإسرائيلي.
 العمل مع الإدارة التشريعية الأميركية على استصدار قرارات مصرفية تهدف إلى محاصرة وتجفيف وسائل الدعم المالي وفرض عقوبات اقتصادية بحق المصارف التي تتعامل مع أعضاء ومناصري أي فصيل مقاوم للعدو الإسرائيلي واتهامه بالقيام بغسل أموال تماماً كما حصل بين حزب اللـه والمصرف المركزي في لبنان تمهيداً لفك الارتباط بين مكون ومفهوم المقاومة المناهض للعدو والرافض للمشروع الصهيوني ومجتمعنا العربي وذلك بهدف تهيئة أجواء مناسبة وملائمة لضرب المقاومة والقضاء عليها في منطقتنا العربية وبذلك تكون كل الطرق المؤدية إلى عملية نسيان وطي القضية الفلسطينية قد أنجزت على أتم وجه.
إن الاجتماع الذي حصل في واشنطن مؤخراً بين ممثلين عن ما يسمى فصائل سورية الديمقراطية وبين مسؤولين أميركيين من شأنه أن يهدف إلى فدرلة سورية بما يضمن إنشاء كيانات تراعي الطوائف والمذاهب والأعراق في سورية (وهذا ما تطالب به أميركا بالتوافق مع روسيا عبر ما يسمى الدستور الجديد لسورية) وإذا ما حصل هذا الأمر فإنه من المتوقع أن ينسحب على كل من تركيا والعراق ولبنان والأردن والمستفيد الوحيد هو بالطبع إسرائيل ما يسمح لها بإنشاء كيان يهودي أسوة بباقي المكونات في المنطقة.
الأردن يتهيأ لتعديل الدستور بما يسمح بتوطين اللاجئين الفلسطينيين والسوريين واستقبال عرب 48 من فلسطين على أرضه.
ليبرمان المتشدد صار وزيراً للدفاع الإسرائيلي والهدف هو الإشراف على عملية تهجير فلسطينيي 48 إلى الأردن.
إن تواطؤ عرب الاعتدال على القضية الفلسطينية لم يزل مستمراً منذ اتفاقية كامب دايفيد مروراً باتفاقية أوسلو وصولاً إلى ما سمي المبادرة الفرنسية الأخيرة التي قبل بها عرب الاعتدال ورفضتها إسرائيل.
لا غلو في القول إن الحرب على سورية هدفه تمهيد الطريق لإبرام اتفاق سلام بين عرب الاعتدال وكيان العدو الغاصب (إسرائيل) ثم فرضه على باقي مكونات الوطن العربي والقضاء على القضية الفلسطينية بأي شكل كان ومثل هذا الأمر يتطلب مزيداً من الدمار والدماء وتفكيك مجتمعات الدول في كل من سورية وتركيا والأردن ولبنان.
إن السبيل الوحيد لدرء خطر مشروع الفدرلة في المنطقة هو صمود سورية الدولة الموحدة مع جهوزية المقاومة الدائمة لمواجهة مخططات العدو الإسرائيلي أما إذا أردنا انقلاب السحر على الساحر والحفاظ على فلسطين فالمطلوب هو قيام انتفاضة فلسطينية في الداخل.