قبل فوات الأوان.. بقلم: د. اسكندر لوقــا

قبل فوات الأوان.. بقلم: د. اسكندر لوقــا

تحليل وآراء

الأحد، ٢٢ مايو ٢٠١٦

قبل فوات الأوان وبعد سبعين عاماً وهو على فراش الموت، تسلم الدكتور رويال ابلوود دير هام، بتاريخ 13 شباط 1987، تسلم قرار تعيينه برتبة الملازم الأول في الجيش الأمريكي بتوقيع الرئيس وودرو ويلسون في عام 1917.
وهو على فراش الموت، سمعه أطباؤه يقول إنه محظوظ لأنه حظي أخيراً بشرف انتمائه إلى الجيش الأمريكي كطبيب.
أحياناً، يفرح الإنسان باستلام وثيقة كانت تعنيه بعد شهر أو سنة أو حتى سنتين بعد أن فقد الأمل بوصولها. ولكن كيف يكون شعوره حين وصول الوثيقة الموجودة على لائحة الانتظار لديه سبعين سنة؟
إذا نحن تركنا هذه المسألة ترى ماذا عن الوثائق التي تضيع، بعد إيداعها في ديوان هذه الدائرة أو تلك ببضعة أيام، وتختفي إلى حين العثور عليها مرمية في أحد أدراج هذا الموظف أو ذاك بنتيجة إهمال الاهتمام بها؟
في هذا السياق أتذكر، منذ سنوات قليلة، جيء بعدد من الأسئلة حول موضوع "الروتين والبيروقراطية في امتحان الشهادة الثانوية، وكانت الأسئلة مستمدة من مقال لي منشور في كتابي "حافظ الأسد قيم فكرية إنسانية"، وبسبب من صعوبة الإجابة عن الأسئلة التي وردت في ورقة الامتحان فقد عتب عليّ كثيرون من الطلاب لأني "صعّبت" عليهم الأسئلة في حين لم يكن السؤال أصلاً من اختياري ولكنه اختير من الجهة المعنية، لأن موضوع الروتين والبيروقراطية يشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل المواطن الذي يراجع دائرة ما من دوائر الدولة ويقال له: تعال غداً أو الأسبوع القادم، بينما طلبه يبدأ في الدوران بين هذه الغرفة أو تلك، وأحياناً عبثاً يصل المواطن إلى ما يرجو الوصول إليه، ويكون قد أضاع جهداً ومالاً، وخصوصاً عندما يضطر للانتقال من بلده إلى العاصمة.
المهم ليست المقارنة بين قصة الدكتور ديرهام وبين قصص ما يجري عندنا في بعض الدوائر الرسمية، المهم هو ضرورة وأهمية الخروج من مربّع الروتين الذي يعيق وصول المراجع إلى غرضه بالشكل المناسب وفي الوقت المناسب، كذلك الخروج من مربّع البيروقراطية التي تحيل المراجع من غرفة إلى غرفة في المكان الواحد وأحيانا من دائرة إلى دائرة نائية عن المكان يمكن تخطيها باستخدام النظام الرقمي المعروف لدينا كما هو معروف لدى العالم.
إن إضاعة الوقت وإرباك المراجع الذي يلهث وراء طلبه، وخصوصاً عن عمد، لا بدَّ أنه سلوك إداري سلبي في حين وصل العالم إلى إلغاء المراجعات الشخصية وتلبية طلبات المراجعين باستخدام وسائل الاتصال المعروفة وبينها البريد الإلكتروني.
إن من مظاهر الحضارة اللجوء إلى هذه الوسائل، وقبل فوات الأوان حتى يصل الناس إلى حقوقهم في الوقت المناسب.
Iskandarlouka@yahoo.com