كيف نكبح جماح الأخضر؟!.. بقلم: د. بسام الخالد

كيف نكبح جماح الأخضر؟!.. بقلم: د. بسام الخالد

تحليل وآراء

الاثنين، ١٦ مايو ٢٠١٦

آخر علم أفهم فيه هو علم الاقتصاد، ذلك لأنني لا أمتلك الملايين ولا أعمل في التجارة ولا البورصة ولم أعر هذا الجانب أهمية، طوال عمري، طالما أنني، كمواطن، أعيش مستور الحال وأتقاضى ما يكفيني شهرياً لمعيشتي ولو بالحدود الدنيا.
منذ أيام بدأت أفكر بجدية في الموضوع الاقتصادي، على المستويين الشخصي والجماعي، والأعباء المادية المترتبة على كل السوريين منذ بدء الأزمة وتصاعدها المستمر مع سنوات الحرب الخمس إلى أن شهدت الليرة السورية، في الفترة الأخيرة، انخفاضاً حاداً وسريعاً في قيمتها أمام الدولار الأمريكي لم تعرفه البلاد منذ بدء الأزمة عام 2011،  تجلى في تدهور العملة المحلية وظهر في ارتفاع جميع السلع والمواد، سواء كانت سلعاً رئيسة أو تكميلية، في وقت لا تزال طبقة كبيرة من الشعب السوري تعمل في وظائف الدولة وتتلقى رواتبها بالعملة المحلية، التي أصبحت قوتها الشرائية لا تتناسب مع الواقع الاقتصادي السوري.
اليوم يشهد السوريون حالة اقتصادية – اجتماعية بطلها الدولار الذي تغلغل في كل مفاصل الحياة السورية، فبعد كل ارتفاع لصرف الدولار أمام الليرة السورية تنتقل عدوى غلاء الأسعار إلى معظم محالنا التجارية والخدمية، ولم يعد أي تاجر أو صاحب مهنة أو بقال أو جزار أو خضرجي أو بائع خرداوات، يتعامل مع المواطن إلا بحسب سعر الصرف  المحسوب على أساس الدولار، وهنا يجب ألا ننسى الطبيب والمخبري والميكانيكي والنجار والحداد وأصحاب البيوت المؤجرة والكثير.. الكثير غيرهم، من الذين رفعوا أسعار سلعهم وأجورهم وفق سعر الصرف الجديد للدولار وحمى جنونه، مع أن معظمهم يمتلك بضاعة مخزنة منذ زمن ولم يستورد صنفاً جديداً بل احتكر ما لديه وأطلقه صواريخ موجهة في وجه المواطن عند جنون الأسعار، والجميع يقسم لك أغلظ الأيمان أنه يستورد بالدولار ويدفع إضافات لتخليص بضاعته من الجمارك وتكاليف نقل وشحن وحواجز وغيرها.. وهمّه الوحيد تأمين السلعة إلى المستهلك، فهل يبيعها بخسارة؟!
لقد بات المواطن في حالة انعدام وزن وهو يفكر كيف سيتدبر أمر معيشته اليومية في ظل هذا الغلاء الذي فرضه سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، وعجز المصرف المركزي عن تحسين سعر الصرف على الرغم من تدخلاته الخجولة في السوق وسياساته الاقتصادية الفاشلة، التي لا تسهم في تلبية حاجات السوق التجارية، في بلد يعيش حالة حرب وأزمة كبرى، الأمر الذي جعل ما يزيد على 80% من الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر.
لنعترف بادئ الأمر أن ثمة نتائج سياسية معاكسة تؤثر في قيمة الليرة السورية، فلعبة تراجعها المقصودة تهدف إلى ضغط سياسي على الحكومة السورية للدخول في تسوية سياسية للأزمة، وفق قواعد اللعبة الدولية والإقليمية، فضلاً عن حالة الحرب التي تعيشها البلاد، وضعف الاحتياط النقدي للعملة الصعبة في خزينة الدولة، وتكالب التجار على الدولار، وعمليات تهريب الليرة إلى خارج البلاد وتحويلها إلى الدولار، والأهم من ذلك الهوة بين سعر صرف الدولار الرسمي وسعر صرفه في السوق السوداء، لكن هل هذا هو السبب الوحيد؟!
على أثر ذلك أصبحت أفكر بالشأن الاقتصادي وأبحث عن طريقة لإعادة سعر صرف الدولار إلى خمسين ليرة، أي كما كان في السابق، وذلك باعتماد قواعد عدة أهمها:
التخطيط الاقتصادي السليم لإدارة الأزمة بالدرجة الأولى، والقضاء على تجار الأزمات والحروب والمتلاعبين بقوت الشعب بالدرجة الثانية، واجتثاث الطبقة الفاسدة والمفسدة والمافيات التي أفرزتها سنوات الحرب بالدرجة الثالثة.. والرابعة والعاشرة.. والأهم إدراك السوريين جميعاً أن الرهان الجدي على الحرب الاقتصادية على سورية قد بدأ بأعلى وتائره، وعندما يدرك السوريون جميعاً هذه الحقيقة بصدق يستطيعون إنقاذ وطنهم وإعادته شيئاً فشيئاً إلى ما كان عليه!!