المواطن.. صفة لغير موصوف!.. بقلم: عبد الرحمن الحلبي

المواطن.. صفة لغير موصوف!.. بقلم: عبد الرحمن الحلبي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٧ أبريل ٢٠١٦

 قامت صفة "المواطن" على تصوّر حدين هما: الدولة والديمقراطية بمضامينها النسبية المختلفة. كما قامت حقيقة الفرد البارز أو أي شخص ذي سلطة سياسية على ممارسة العام ممارسة خاصة من خلال رؤيته وكفاءاته وحسه العملي واستشرافه المستقبل. وبين العام والخاص حقل من الوسائط يتمثل في المؤسسات أو الفئات الوسيطة. وكل اختلال أو خطأ في التقدير يعتري إحدى حلقات هذه السلسلة أو هذه المعادلة، قد ينشأ عنه ما ينال من الرؤية الأصلية أو المستشرف أو الغاية وقد يؤدي، إذا كان الهدف كبيراً، إلى أفدح المخاطر أو الخسائر، ولاسيما في منعكساتها على حياة المواطنين والمجتمع ما يترك لهم من حيز للمشاركة في اتخاذ القرارات المهمة التي تمس حياتهم الراهنة أو ستقتلهم.
 إذاً، لابد من معدل، أي لابد لمن سيتحملون مغبة هذه القرارات أن يكون لهم تماس بالمعطيات وبالمبررات الداعية لاتخاذ هذه القرارات.
وهكذا أصبح مفهوم الديمقراطية أو المشاركة يحمل، موضوعياً، أكثر من الصفة التجريدية أو الصورية، ليصبح جزءاً من أوليات الحياة العصرية المعقدة، التي تدار بموجبها المجتمعات انطلاقاً من ((مشروع))  يحكم الحاضر وقد يحكم المستقبل، أي ممارسة الوجود الإنساني، بوعي، من خلال الزمن.
وإذا كان التاريخ السياسي في بلد ما إنما يتحدد بالعوامل الاقتصادية: الثروات الطبيعية، أنماط الإنتاج، علاقات الانتاج وتوزع الطبقات، فإن ذلك يظل ضمن الشروط الموضوعية العامة.
 وفي أيامنا هذه، بقدر ما تكون الحكومة شعبية، أي بقدر ما تكون انبعاثاً عن الشعب، تتيسر للبلاد الفرص والإمكانات لأن تتطور نحو آفاقها الذاتية، وبقدر ما تكون فئوية تسعى لتلبية رغبات ومصالح أقلية -وغالباً ما تكون طفيلية هامشية- تفيد من تلك الأوضاع على حساب الأكثرية وتعامل الشعب ككتلة صماء لا تحس ولا تعقل. وبقدر ما تكون الحكومة شعبية يتحدد دور الفرد البارز فيما يحسه ويفيد منه مجتمعه، وبقدر ما تكون هذه الحكومة فئوية يتمكن هذا الرجل أن يلعب دوراً مبالغاً فيه، ونادراً ما يكون في مصلحة السواد الأعظم من الناس. ولا بد أن تجيء في كلا النظامين شخصيات بارزة، ولكنها، في الحال الأولى، تصبح حدثاً من أحداث التقدم، وفي الثانية، قوة عطالة طاغية، وفي الأولى تترك أثراً باقياً يكون بدء الانطلاقة إلى مرحلة تالية والثانية لابد، في النهاية، أن يتداعى البنيان شأن سد غلب عليه الماء مخلفاً ضجيجاً ودماراً وبؤساً للشعب.
 إن ((فلسفة)) الحكم اليوم أو إدارة المجتمعات تقوم على مشاركة المواطنين للحاكمين على جميع المستويات من خلال منظور عام أو مستهدف عام يراه الحاكم ويراه الشعب، وإن تباينت في تصور التنفيذ الوسائل والإمكانات.