تشومسكي قراصنة وأباطرة .. بقلم: هنادة الحصري

تشومسكي قراصنة وأباطرة .. بقلم: هنادة الحصري

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٥ أبريل ٢٠١٦

لم يكن إعجابي "بنعوم تشومسكي " وليد دراستي له في آداب اللغة الانكليزية كأب علم اللسانيات الحديث فقط، بل بعد متابعتي لإصداراته والتي كلها تنتقد الصهيونية، على ذلك اعتبر العدو الأكثر فعالية للصهيونية، وعلى الرغم من أنه يحب اليهود، ولكنه يعمل على إنقاذهم من الصهيونية التي يكرهها.
يعتبر تشومسكي شخصية تنافسية تأثر كغيره بكتابات اليسار الصهيونية باعتباره نشأ كيهودي، فقد عانى تشومسكي  معاداة السامية حين كان طفلاً وخاصة من المجتمعات الإيرلندية الألمانية.
كتب تشومسكي مقالته الأولى في سن العاشرة عن انتشار الفاشية بعد سقوط برشلونة في الحرب الأهلية الإسبانية، بعدها عرف بشكل تام مع السياسة الأناركية... وعندما بدأ دراسة الفلسفة واللسانيات في جامعة بنسلفانيا اكتشف التحولات كتحليل رياضي لبنية اللغة فمنح درجة الدكتوراه في اللغويات من جامعة بنسلفانيا.
تأتي كتابات تشومسكي لتغذي النزعات الفوضوية الأميركية كافة، ولتثبت علاقة اليهود وإسرائيل بالأزمات الأمريكية، ومعاناة دفع الضرائب الأمريكية من جراء دعم إسرائيل. فهو بهذا العدو الأكثر فعالية للصهيونية، ما جعلته يتعرض لضغوطات وتهديدات للتخلص كما يقولون من أفكاره الشريرة، ولكنه كان يجيب "أن التمييز العنصري يصل إلى تصنيف الليبرالية، فإذا كان الناقد أسود البشرة ومن طبقات المجتمع الدنيا، فإنه يتعرض للاحتواء، وفي حال إصراره يمكنه أن يتحول من مفكر إلى سائق تكسي.!.."
من مؤلفاته الرائعة الناقدة لإسرائيل والصهيونية كتاب " قراصنة وأباطرة" فيه يروي المؤلف قصة محاكمة الإسكندر للقرصان وإجابة هذا الأخير: " أنت تسرق العالم فتدعى إمبراطوراً وأنا أسرق سفينة فأدعى لصاً؟!..
انطلاقاً من هذه الحكاية يسرد تشومسكي المخالفات الأميركية للمبادئ الليبرالية وطريقة تغطيتها في مقابل ضجة إعلامية فائقة لأي مخالفة يرتكبها الآخرون.
مثال ذلك يقول:" عندما تقصف إسرائيل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وتقتل المدنيين، أو عندما ترسل قواتها إلى داخل المدن اللبنانية، فإن ذلك يكون مكافحة الإرهاب، في المقابل فإنها حين تخطف السفن وتعتقل مئات الأسرى، فإن ذلك لا يكون إرهابياً!...."
الكتاب الآخر الذي لفت نظري هو إعاقة الديمقراطية، وفيه يتهم تشومسكي الولايات المتحدة بأنها تتصرف مع الآخرين ومن مبدأ خاص للحرية فهي تقول للآخر:" أنت حر لتفعل ما تريد ما دمت تفعل ما نريده منك" وهو يرى أن المعونة الخارجية الأمريكية ليست إحساناً، ولكنها موجهة بهدف تعزيز هذا المبدأ، ولتعزيز قدرتها على المنافسة الاقتصادية".
ويورد المؤلف مثالاً ساخراً أعجبني على أحادية سيطرة الولايات المتحدة فيقول: إنه من الأفضل أن يمد ثلاثة نشالين يدهم إلى جيبك على أن يمد نشال واحد فحسب يده. إذ قد يختصم الثلاثة على تقسيم الغنيمة وبذلك يفسحون لك مجال المناورة.
تدور الفكرة المحورية للكتاب حول دعم الولايات المتحدة للدول غير الديمقراطية التي تنفذ أوامرها وتخدم مصالحها، في حين تعمل على تقويض أو احتواء الديمقراطيات التي تعارض مصالحها.
من بعض الأفكار التي أوردها تشومسكي والتي أثارت النقد، أن الولايات المتحدة تقدم حمايتها لدول الخليج بذات الطريقة التي تمارس فيها المافيا مبدأ الحماية (حتى يتمنى الزبون موضوع الحماية، زوال هذه الحماية مواجهة الأخطار من دونها.
كل هذا يجري وحكام الخليج والعرب ينتظرون أمريكا لتسيّر دفتهم، فما رأي حكام الخليج بهذا النقد الرائع؟