«منصة دمشق»… التصورات المفترضة..بقلم: مازن بلال

«منصة دمشق»… التصورات المفترضة..بقلم: مازن بلال

تحليل وآراء

الأحد، ١٧ أبريل ٢٠١٦

ضمن المهام التي سيقوم بها وفد من معارضة الداخل في جنيف تحقيق التوازن فيما يسمى «المرحلة الانتقالية»، فهذا الفريق الذي يقدم «منصة دمشق» يتجاوز عملياً مسار بناء التحالفات؛ وخلق علاقات على المستوى الإقليمي أو حتى الدولي، فهو يشكل مخرجا نحو إيجاد «وسيط» محلي لجملة التناقضات في الأفكار المقدمة إلى المبعوث الدولي «ستيفان دي ميستورا».
وفد «منصة دمشق» لا يملك «سيناريو» مغلقاً لعملية الدخول نحو نظام سياسي جديد، فالمسألة بالنسبة إليه هي «الضمانات» التي تكفل هذا الانتقال من دون شروط تشكل بوابات مستقبلية لخرق السيادة، أو تحويل العلاقات السياسية الداخلية إلى «آلية المحاصصة»، فجوهر العملية هي تمتين البنية السياسية بالدرجة الأولى لأنها وحدها القادرة على استيعاب أي نوع من أشكال الإجراءات، سواء تعلق الأمر بإيجاد دستور جديد أم بانتخابات تستند إلى هذا الدستور، ولا بد من ملاحظة أمرين في هذا الموضوع:
– الأول: إن العلاقات السياسية بين القوى السياسية تحكمها المفاوضات في جنيف، وهذا ما دفع منصتي القاهرة وموسكو إلى محاولة إيجاد «قيادة مشتركة»، وهو ما دفع الرياض أيضاً إلى عقد مؤتمر قبل الجولة الماضية لخلق بنية للوفد الذي سمي الهيئة العليا للتفاوض.
عمليا فإن آليات التفاوض ترسم حدوداً للعلاقات بين القوى السياسية، ولا تترك هامشا لرسم إستراتيجية مستقبلية يمكنها أن تدعم البنية السياسية الناشئة حديثا في سورية، على حين تنطلق «منصة دمشق» من دون شرط التفاوض لأنها تزاحم مجموعة المشاريع المطروحة لخلق نقطة توازن شرطها الأساسي الانطلاق مما هو قائم حاليا، فتوسيع التمثيل ليس مسألة أساسية بل القدرة على إتاحة نضوج البنية السياسية الحالية.
الثاني: إن السيناريو المفتوح بالنسبة لـ«منصة دمشق» يعني في النهاية عدم الخضوع لعملية تغيير مطلقة، لأن التغيير في النهاية يجب أن يقود إلى هدف أساسي هو وحدة المجتمع السوري مهما اختلفت القوى التي تنشط داخله.
في وحدة المجتمع ضمانة لمسألتي السيادة ووحدة الأراضي السورية، ومهما كانت طبيعة التعددية التي نعيشها أو التنوع أو حتى التمايز داخل سورية، فإنه في النهاية واقع حياة لابد منه إذا أردنا لسورية أن تستمر كما نعرفها ونريدها، وفي المقابل فإن أي عملية سياسية تضع «التفاوض» شرطاً ضمن البنية القادمة لسورية؛ فإنها ترهن المستقبل بتوازنات إقليمية ودولية، فالمأزق الحقيقي لما يحدث في جنيف هو أنه يجعل العلاقات السورية كافة ضمن دائرة مغلقة، وهذا ما حصل في تجارب دولية أخرى مثل لبنان وقضية مؤتمر الطائف، أو في مسائل دول البلقان التي جعلت منها جغرافية عازلة داخل القارة الأوروبية.
المفاوضات في جنيف يمكن أن تجعل سورية بأكملها مرهونة لسيناريو مطلق؛ يحدد نوعية تحرك القوى السياسية ويرسم خطوط علاقاتها، وهذا الشكل إذا استمر سيخلق تصوراً نهائياً لسورية، ويضع حدوداً نمطية لكل مكوناتها وهو ما يتنافى مع الجغرافية السياسية التي تميزها، والأزمة التي بدأت منذ خمس سنوات يتم توطينها اليوم عبر جعل التفاوض في جنيف «شرطاً داخلياً» للعلاقات بين القوى السورية، وربما سيكون الرهان على جعل السيناريو مفتوحاً من خلال تصورات جديدة لـ«منصة دمشق» أو حتى لباقي المنصات.
عضو وفد معارضة الداخل إلى مفاوضات جنيف