خطة طريق بعد استتباب الهدنة السورية (1)..بقلم: سامي الخيمي

خطة طريق بعد استتباب الهدنة السورية (1)..بقلم: سامي الخيمي

تحليل وآراء

الجمعة، ١٥ أبريل ٢٠١٦

سألوني: ما هو البرلمان الذي تتمناه؟
قلت: أن يكون فيه خير من في هذا الوطن: المميز في مهنته، النشيط في عمله، المُجيد في إدارته، الكريم في إحسانه، المحترم بين ربعه، الوطني في تطلعاته...الخ.
قالوا: أنت نُخْبَوي إذاً؟
قلت: أبداً. نحن نتجه في العالم كله نحو المجتمعات المبنية على المعرفة Knowledge Based Societies، حيث تسود العدالة الاجتماعية. الصراع الطبقي التقليدي أصبح وراءنا، وأي نظرية سياسية ستنشأ في المستقبل، ستكون صراعاً من نوع جديد للدفاع عن المهمشين الذين لا تتاح لهم فرص الولوج الى المعرفة (وليس إلى التعليم فقط، خاصة التعليم بالتلقين)، بسبب محدودية الموارد أو احتكارها وسوء توزيعها.
قالوا: وأين سنجد هؤلاء؟
قلت: لقد صادفت في كل مكان أشخاصاً بهذه المواصفات. وليس المهم أنهم يمتلكون أصلاً هذه الصفات ولكنهم يتصرفون ويعتبرون أنَّ هدفهم في الحياة هو الوصول إليها...
قالوا: مثل هؤلاء، هل ينفذون الأوامر؟
قلت: ميزتهم أنهم ينفذونها إذا كانت ترضي ضميرهم. لذلك يجب أن يُصدروا هم الأوامر!
قالوا: أنتَ ربما تسعى إلى بناء المدينة المثالية الفاضلة Utopia.
قلت: هذا ما يجب أن نسعى إليه، نضع نصب أعيننا خير ما نصبو إليه، ثم يأتي التطبيق العملي فيشذب الحل لملاءمته مع ما هو ممكن تحقيقه. أعقد مرحلة هي مرحلة اختيار المندوبين وينبغي تركيز جهود المفكرين والحقوقيين لتحويلها إلى واقع بالتوافق بين الحكومة والمعارضة والمجتمع الدولي.
لا بد أن نلجأ إلى التعيين في البداية بعدما بالغنا في الاستكانة إلى التلقين.
لنبدأ بتفصيل جانب أساسي في خطة الطريق وهو مسألة اختيار المندوبين الألف.
تتسم المرحلة الحالية من جهود إنهاء الأزمة بمجموعة من الاستعصاءات أهمها:
وجود خلافات جوهرية بين الوفود المفاوضة في جنيف يصعب تجاوزها.
تبدو الجهود الدولية لإنهاء الأزمة مركّزة على معالجة نتيجتين للحرب: الأولى، انتشار الإرهاب وإمكانية وصوله الى خارج سوريا. والثانية مشكلة النازحين.
ولا يبدو أن هذه الجهود تهتم كثيراً بإنقاذ البلد ووضعه على طريق السلام الحقيقي تمهيداً لانطلاق إعادة الإعمار.
ان المجتمع السوري الذي يعاني من الحرب بحاجة إلى مؤتمر وطني أو جمعية تأسيسية تمثله وتفرض احترامها على الخارج والداخل.
هذه الاستعصاءات ستؤدي برغم الضغوط الدولية الى استطالة زمن الحرب لفترة طويلة.
كيف نصل الى الجمعية التأسيسية، فظروف البلد لا تسمح بإجراء انتخابات ذات صفة تمثيلية برغم أن هناك محاولات دستورية للقيام بذلك.
هناك صعوبات عديدة أهمها: نزوح ربع الشعب الى خارج البلاد، وربعه الآخر إلى مناطق أخرى في الداخل، عدم إمكانية الانتخاب في أماكن يقطنها حوالي عشرين في المئة من الشعب، تمزق النسيج الاجتماعي السوري، استحالة تأمين نسبة مشاركة معقولة...الخ.
لذلك اقترحت اللجوء إلى التعيين، لكن من يُعَيِّن؟
إذا حاولت الدولة القيام بالتعيين فستعتبر المعارضة السياسية وحلفاؤها أنَّ الجمعية الناتجة غير شرعية.
أما اذا حاولت الأمم المتحدة ذلك، فستنشأ جمعية لا تمثل الشعب السوري بل تمثل من عيَّنها!
تقدم خطة الطريق حلاً يجنب البلد أكبر قدر من التدخل الخارجي عكس ما يجري حالياً.
تشكل الأمم المتحدة لجنة مهمتها اختيار ألف مندوب يمثلون كل مناطق وأطياف سوريا من رجال ونساء يتمتعون بمعروفية واحترام.
ويمكن للحكومة السورية وللمعارضة السياسية إلغاء اختيار أي مندوب متهم بالتحيز الشديد لطرف دون آخر.
هنا ينتهي التدخل الدولي من جهة الأمم المتحدة. وسيستعان بها لاحقاً لتنظيم استفتاء حول شرعية الجمعية التأسيسية.
يختار المندوبون لجنة قضائية تسهر على قانونية إجراءاتهم وتقدم لهم المشورة القانونية الملزمة في ما يتعلق بالقانون وليس ببعض فقرات الدستور التي لا تلحظ وجودهم.
يجتمع المندوبون الألف ليختاروا تجمع الحكماء وقد اقترحت العدد خمسين. هذا الحل لا يشبه تجارب دول أخرى دون استثناء.
يقوم تجمع الحكماء بتعيين الجمعية التأسيسية بأكثرية ثلثي أعضائه لاختيار كل عضو من أعضائها المئتين.
ميزة هذه الطريقة أنها ستؤدي الى تمثيل أفضل للمجتمع السوري وستعطي الوطن حق تقرير المصير بنفسه بعيداً عن التأثيرات الخارجية التي سيقتصر عملها على مساعدته في محاربة الإرهاب وفي استعادة النازحين.
سُئلت «من سيكلف لجنة الأمم المتحدة باختيار المندوبين»، أجبت: الأمين العام بعد موافقة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.

من هم أعضاؤها؟
أجبت: ممثل عن أميركا، ممثل عن روسيا، ممثلان عن دول عربية مهمة لم تتخذ موقفاً متحيزاً من المسألة السورية (مصر والجزائر مثلاً)، ممثل عن الدول الاسكندنافية، ممثل عن سوريا يتم اختياره بالتفاهم بين الأمم المتحدة والحكومة السورية. يضاف إليهم قاض سوري متقاعد ومعروف بنزاهته ويمكن أن يكون رئيس اللجنة.
هذا وتقوم الحكومة السورية والجهات المسيطرة عسكرياً على بعض المناطق بتسهيل عمل اللجنة من خلال إتاحة الفرصة لها أن تقابل من تشاء من ممثلي المجتمع المحلي في كل منطقة وبكل حرية.

على أي أساس تختار اللجنة المندوبين الألف؟ تعمل في كل منطقة من سوريا على اختيار مجموعة تضم: المثقفين الشباب الذين كوّنوا خبرة في العمل الاجتماعي والإنساني، بعض أعضاء المجالس المحلية ذوي السمعة، بعض المهنيين ذوي الكفاءة والسمعة، بعض المزارعين المحترفين، بعض العمال ذوي الكفاءة العالية، بعض رجال العشائر، بعض النساء الناشطات مهنياً أو في حقوق المرأة، بعض رجال الأعمال، بعض رجال الدين من مختلف الانتماءات... الخ.

كيف يترشح أي إنسان ليتم اختياره؟ يرسل بريداً إلكترونيًّا يتضمن سيرة ذاتية، أو ترشحه هيئة معروفة في البلاد أو خارجها، تدرس اللجنة الترشيح وتعمد الى مقابلته في حال استيفائه المطلوب.

ما هي نسب التمثيل في كل منطقة؟ 10 في المئة في دمشق، 9 في المئة في حلب، 7 في المئة في ريف دمشق، ريف حلب، اللاذقية، طرطوس، حمص، حماه، دير الزور، الرقة، الحسكة 6 في المئة في ادلب ودرعا، 3 في المئة في السويداء والجولان. ويمكن تعديل هذه النسب اذا لم تكن دقيقة.

أين يجتمعون؟ في دمشق برعاية الامم المتحدة.
هل هناك «كوتا» في الاختيار؟ نعم هناك «كوتا» حد أدنى للنساء والطوائف والإثنيات أو الثقافات.

ما هي المدد التي ستتطلبها عملية اختيار المندوبين ثم مدة عملهم لاختيار تجمع الحكماء؟
يُفترض ستة أشهر لاختيار المندوبين وثلاثة أشهر لانتخاب خمسين حكيماً من الرجال والنساء.
تقوم اللجنة القضائية المرافقة للمندوبين بتقييم الأداء ومراقبته والتنبه لتوازن وعدالة الطروحات، وتوافي المندوبين أسبوعياً بملاحظاتها.

سُئلت: بعد انتخاب تجمع الحكماء، ما الذي سيحل بالمندوبين الألف؟
أجبت: سيذهبون إلى بيوتهم بعد أن يتقاضوا رواتب وتعويض انتقال لثلاثة أشهر وكذلك ميدالية «باني وطن Nation Builder» من الأمم المتحدة. يبقى هذا التجمع في حالة استعداد للالتئام إذا طلبت الأمم المتحدة منه ذلك بناءً على طلب من تجمع الحكماء المنتخب من المندوبين.

سُئلت: ما هي الصفات المتوقعة للحكماء المُنْتَخَبين؟
أجبت: يجب أن يشملوا ما يأتي:
فئة الشباب: بين الثلاثين والأربعين من العمر، مثقفون، ناشطون في الأعمال الإنسانية والاجتماعية والمهنية، فيهم ممثلون من جميع أطياف الوطن ونسبتهم لا تتجاوز 25 في المئة‏ من مجموع الحكماء.
فئة البالغين: وتضم مفكرين معروفين متفقاً على أهميتهم، مهنيين من طراز رفيع، رجال دين معتدلين من مختلف الطوائف، نساء مثقفات وذوات مكانة في النشاطات النسوية والمهنية، رجال أعمال مثقفين، بعض زعماء العشائر...الخ.
جميع من يُنْتَخَب يجب أن يكون حسن السمعة، سوري(ة) منذ أكثر من عشر سنوات، بليغاً ما أمكن باللغة العربية أو الكردية (مع العربية)، قادراً على الاستخدام الوظيفي للغة أجنبية عالمية.
ينتخب المندوبون لجنة قضائية مرافقة للحكماء تقدم لهم المشورة القانونية من دون التطرق إلى العوائق الدستورية.
لا أهمية للتوزيع المناطقي للمُنْتَخَبين إذ ينبغي أن تتجاوز حكمتهم حدود المناطق، لكن من الأفضل أن يكون هناك «كوتا» حد أدنى للنساء والعلمانيين والأقليات الإثنية، لضمان عدم تعيينهم عضو جمعية تأسيسية لا يؤمن بالمواطنة بمفهومها الشامل.
يُستحسن أن لا يكون بين الحكماء أعضاء في أي حزب سياسي وهذا الشرط لا ينطبق على المندوبين ولا ينطبق كذلك على أعضاء الهيئة التأسيسية. وسبب هذا الاقتراح تجنيب الحكماء إمكانية التأثر بأي أجندة حزبية.

سُئلت: وبعد أن ينتهي الحكماء من تعيين الجمعية التأسيسية، ما الذي سيحل بهم؟
الجواب: يحتفظ الحكماء بموقعهم على شكل مجلس شورى من دون صلاحيات ولكنه يبقى قابلاً للانعقاد بصلاحياته بطلب من الجمعية التأسيسية.
ويستمر الإبقاء على تجمع الحكماء أو مجلس الشورى حتى يبت المجلس النيابي المنتخب لاحقاً في أمرهم.
ينال كل حكيم(ة) في نهاية عمله وسام «الأب المؤسس أو الأم المؤسسة للوطن Founding Father (or Mother) of the Nation».

سُئلت ما هي ضمانتك أنَّ المال السياسي لن يشتري ذمم الحكماء؟
الجواب: ليس لدي ضمان لكني أُذَكِّر بالملاحظات الآتية:
ـ ليس سهلاً أن تشتري ذمة شخص ذي سمعة واحترام. حتى إذا سَلَّمنا بالقول انَّ لكل إنسان سعر يجعله يذعن، فإني أفترض أنَّ ذلك يتطلب أموالًا طائلة لن تتمكن أي جهة من الاستغناء عنها.
ـ هناك اليوم اتجاه أكثري في العالم للوصول الى حل للمسألة السورية.
ـ يمكن الافتراض أن افتضاح أمر أي حكيم سيجعله عُرْضَةً للطرد من التجمع والمحاسبة القانونية. وسيُملأُ الشاغر من خلال ردفاء جاهزين، يكون المندوبون الألف قد انتخبوهم أيضاً.
وخبرتنا تقول إنَّ الذين استمالهم المال السياسي أو الحظوة هم من الفِراطة التي لا يمكن أن تنتمي إلى حكماء الوطن.

سُئلت أيضاً: من سيغطي تكاليف إقامة وانتقال الحكماء خلال عملهم؟
الجواب: المبلغ زهيد لكن من خلال صندوق يساهم فيه رجال أعمال سوريون مغفلو الهوية من الداخل والخارج ويوضع بتصرف رئيس مجموعة المندوبين وأمين سرها ويمكن اعتماد أي طريقة أخرى..

ما هو اقتراحك لآلية التعيين التي سيعتمدها الحكماء لأعضاء الهيئة التأسيسية؟
الجواب: يتقدم كل حكيم أو مجموعة حكماء بقائمة بمن يرونه مناسبًا للتعيين من الرجال والنساء. الى جانب كل اسم هناك توصيف يبين سبب الترشيح، ميزات الرجل أو المرأة، سيرة ذاتية، منطقة المرشح (ة)...الخ.
تبدأ مناقشة كل اقتراح بشفافية كاملة ويُعطى الحكماء ثلاثة أيام لإبداء الرأي وتوضع علامة تميز على كل ترشيح.
في نهاية النقاش، توضع قائمة بالذين حصلوا على أكثر من ثلثي أصوات الحكماء وعلى أعلى علامات تميز. في النهاية يتم احتساب الكوتات والخروج بقائمة نهائية من 200 اسم مع 20 رديفاً.