بحثاً عن نزاهتك!!.. بقلم: إسماعيل مروة

بحثاً عن نزاهتك!!.. بقلم: إسماعيل مروة

تحليل وآراء

الاثنين، ١١ أبريل ٢٠١٦

مسؤول سوري، وفي جلسة شبه خاصة وصف نقد أحد النقاد بأنه يكتب (كتابات غير نزيهة)! أو نقده غير نزيه وأول مرة أسمع في النقد الأدبي وصف عدم النزاهة، وكأن النقد الأدبي فعل يقترب من نظافة اليد عند المسؤول فوصفه بنزاهة اليد، وأنا أقف عند المعرفة الطافحة لدى هذا المسؤول، ليصف النقد بأنه غير نزيه!
فبادئ ذي بدء اعترف هذا المسؤول، وفي أكثر من موقع بأن ما تم الحديث عنه صحيح، وبأنه لا غبار عليه، بل اعترف لصاحب النقد، وأكد له أن التصرفات المنتقدة يقف هو ضدها، وقد أصدر بلاغات وبيانات لكن المعنيين لم يلتزموا بها، فأين عدم النزهة! وفي الجلسة نفسها قام المسؤول بامتداح أحد الموجودين واصفاً عمله بالنزيه، فكيف كان هذا الأمر؟ يقول- والعهدة على الراوي- إن هذا المسؤول الذي تدرج مؤسسياً حتى أصبح مسؤولاً له إسهامات وكتابات، وقد أرسلها للناقد النزيه فكتب عنه كتابة إيجابية وهو لا يعرفه! لذلك صار هذا الكاتب نزيهاً في نظر المسؤول الذي قارنه بالآخر غير النزيه!
إذاً، وإذا كنت تبحث عن النزاهة، فإليك السبيل إليها، كلما كتب أحدهم- مهما كانت سويته الفنية- اهتف له وامتدحه ستكون عندها نزيهاً، واكتب وطيّب بالإيجاب وإن لم يكن مستحقاً فستكون نزيهاً، أما إذا أشرت إلى تقصير لغوي أو عروضي أو فني، أو إلى عرج فكري  فأنت غير نزيه وحاقد، ومدفوع لك، ومدفوع ضد إبداع المبدعين، واكتسبت شرف تصنيفك بأنك غير نزيه!
إذا كانت النزاهة بهذا الشكل فأنا لا أريدها، فطه حسين ليس نزيهاً، وعباس محمود العقاد ليس نزيهاً، وإبراهيم عبد القادر المازني ليس نزيهاً، ومارون عبود ليس نزيهاً وبطرس البستاني ليس نزيهاً، وفلان وفلان ليس نزيهاً، وصولاً إلى الحاتمي ورسالته الحاتمية في بيان سرقات المتنبي ليس نزيهاً وابن وكيع في المنصف ليس منصفاً وليس نزيهاً، والموازنة بين الطائيين ليس عملاً نزيهاً!!
إذا كانت النزاهة بألا يرى أحدنا إلا الإيجاب، فنحن لا نريد هذه النزاهة، لأنها أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه، فمسؤول لمجرد جولة تفقدية قرعت له الطبول وصار نزيهاً، والآن يقرع الطبول لاستجلاب القوات الغريبة إلى سورية! وفلان المسؤول لمجرد أنه يخرج إلى المنبر ويتكلم بفصاحة بين الأعاجم وصف بالمقدرة والنزاهة، وها هو اليوم يتقيأ علينا خيراته من الخارج! وفلان لأنه صامت قام بتسخير موقعه لخدمة ذاته وأغراضه، ولا أحد يسمع له صوتاً اليوم وصف بالنزاهة! وفلان الذي لم يبق شيء لم يعتدِ عليه وهو في موقعه مادياً وأخلاقياً لم يره أحد، وغادر نزيهاً، واليوم يمارس نزاهته في الدفاع عن الشعب السوري من الخارج! لا نريد يا سيدي المسؤول هذه النزاهة، ولو استمع المعنيون إلى ما كان يوجه إلى هؤلاء من انتقادات في مواقعهم، ولم يوصف المنتقد بعدم النزاهة ما وصلنا إلى هنا، ولم تخسر سورية كل ما لديها من أجل طبقة النزيهين التي تراها!
أولاً في النقد يوجد نقد علمي أو غير علمي، فعندما تتوجه بالنقد إلى مادة أو أداء، على المسؤول أن يراجع ما تم انتقاده فإن كان موجوداً كان النقد علمياً، وأنت اعترفت بأن النقد موجود، وإن لم يكن موجوداً تمت مناقشته، أما أن يتم تحريف المصطلح إلى مصطلح أخلاقي للإساءة إلى الشخص فهذا أمر فيه الكثير من الظلم والجهل باستخدام المصطلحات، خاصة إذا عرف هذا الأخ المسؤول أن الموصوف بعدم النزاهة لا يكترث لأي حكم أخلاقي يصدر عليه، لإيمانه بأن شخصيته ملكه، وهو قادر على الدفاع عنها، وكذلك لأن كثراً قبله حاولوا مثل هذه المحاولات، لكنها ذهبت أدراج الرياح، فالأوصاف لدى الجهلة تأتي حسب الحاجة، فإن كان المجتمع ملتزماً نوعاً ما، فإن الذي يلقي التهم يتهم بالتحلل والنساء والأخلاق وما شابه، وكلها كما تعلم تهم لا دليل عليها، لكنها تسيء إلى الشخص ولا تصل إلى علمه ومعرفته ونزاهته! ومن بين من سمع التهم من يدرك كما ملقيها أن هذا الشخص ليس كما يقال عنه! وإن كان الحديث يتم في مكان فيه من التحرر أي رائحة يوصف الشخص نفسه الذي وصف بالتحلل بأنه متدين وسلفي وابن بيئة دينية، ويصفه بذلك من يفاخر بأن أباه هو كان شيخاً جليلاً! فأبوه شيخ جليل لا بأس، أما الآخر فسلفي يتلطى وراء نفسه ليخفي عصبيته الدينية!
بالأمس كنت أجلس مع سيدة فاضلة، فسألتني لماذا يقولون عنك كذا؟ ولماذا يصفونك بالانتهازي وما شابه من ألفاظ وجدت هذه السيدة حرجاً في تلفظ ما قالوا بحقي؟
قلت لها لا عليك، وإن قالوا شيئاً مرة أخرى، قولي لهم هو كما تقولون وزيادة!
وطرحت على نفسي بعد أن خرجت أسئلة عديدة: هل أنا كذلك حقاً، انتهازي أنا أقفز بين المواقع والمناصب، ولا أنزل عن منصب إلا وجدت منصباً بانتظاري، انتهازي أنا وفي رحلة حياتي لا أعرف مسؤولاً أو متنفذاً إلا بعد أن يترك موقعه، وهو عندما كان لم يتعرف عليّ! انتهازي أنا مع أنني لم أركب أي موجة، ربما لأنني لا أجيد السباحة! انتهازي أنا ولم أحضر يوماً لقاء مهماً لأنني لم أدع إليه ببساطة! أرأيتم هذه الانتهازية؟!
أما السلفية والتدين فذكرتني هذه الصفة بكتاب أصدرته وزارة الثقافة، وكل ما فيه يستثير ويسيء إلى سورية ويدعو إلى الفتنة، وعندما نشرت ذلك كنت في نظر الكثيرين من أحباب وزير ذاك الزمن ممن يثيرون الفتنة! غادر الوزير وبقيت أنا، ولكن التابعين وأتباع التابعين وجدوا تهماً جديدة لم تكن موجودة.. نعم أنا هؤلاء وزيادة، ولكن لينظر أحدهم إلى العمل والموقف والحقيقة وأترك النزاهة له لعلي أحظى بها ذات يوم.