لا تعمّر بنيّة الهدم ولا تهدم بنيّة التعمير .. بقلم: د. فايز الصايغ

لا تعمّر بنيّة الهدم ولا تهدم بنيّة التعمير .. بقلم: د. فايز الصايغ

تحليل وآراء

السبت، ٩ أبريل ٢٠١٦

في حديث شريف تعددت رواياته والمضمون واحد يقول: "يُحشر قومٌ من أمتي يوم القيامة على منابر من نور، يمرّون كالبرق الخاطف، لا هم بالأنبياء ولا هم بصدِّيقين ولا هم بشهداء.. أولئك قوم تقضى على أيديهم حوائج الناس".
يحضرني هذا الحديث وقد نقلته وحفظته من لوحة كانت معلقة في مكتب صديق قديم وعريق يُعتبر ملاذاً للناس.. يقصده المحتاجون لأية حاجة كانت، وكان يلبي ولا يزال أطال الله في عمره وعمر أمثاله، ولا ريب في أن الله سبحانه وتعالى يطيل في أعمار هؤلاء لأنهم يقضون حوائج الناس.
يحضرني هذا الحديث في زمن الاستحقاق الدستوري - انتخابات أعضاء مجلس الشعب- الذين من أولى مهامهم التي تتقدم على أية مهام أخرى هي قضاء حاجات الناس، وحاجات الناس لا تتوقف على المساعدة الشخصية وإنما تتعداها إلى معالجة مشكلاتهم المعيشية والحياتية، والمجتمعية وكل ما يتصل بكرامة وحقوق ومصالح الشعب عموماً.
فهل يدرك المرشحون أبعاد مهمتهم وهل يعرفون المآل الحقيقي المطلوب منهم، والمسؤولية المعنوية الملقاة عليهم؟ بالطبع لا أحد يستطيع أن "يشيل الزير من البير" وحده مهما استعرض الجميع إمكاناتهم، وعرضوا صورهم، ونشروا ابتسامتهم.
تحت قبة البرلمان السوري تعاقب الآلاف، واستند إلى كرسي الرئاسة العشرات وستجدون عندما تدخلون القاعات صورهم وبجولة تاريخية متفحصة سيعيد البعض منهم إلى الأذهان السياسية، وتمر كشريط سينمائي الأحداث التي مروا بها. ويبقى في الذهن من ترك البصمات في وجدان الناس.. والمآثر في حياتهم.
صحيح أن إرضاء الناس حاجة لا تدرك.. لكن الصحيح أكثر المحاولة، وبذل الجهود، والمتابعة إذا ما أتيح للنائب الظرف المواتي والمناخ الديمقراطي، وسعة صدر الآخر إذا ما تعارضت وجهات النظر.
في مقاربتي لمسؤولية عضوية مجلس الشعب لا أعني من سبقني ولا من كنت وإياه في الدور السابق ولا النخب المثقفة والمسيّسة التي أرادت تحمل المسؤولية في الدور القادم، وإنما أعني شريحة الشباب والشابات الذين لا تزال تجربتهم غضّة كأعمارهم لكي لا يصطدم طموحهم بالواقع، ولا أحلامهم بالحقائق، ولا تطلعاتهم بالممكن تحقيقه أو بغير الممكن، ولا أقول بالمستحيل، فالشباب يُفترض أن يقتحم المستحيل إن وجد.
المرحلة صعبة، والإمكانات محدودة سواء للحكومة التي تتطلعون إلى مقارعتها أو للمجلس الذي ستنتمون إلى لوائحه كأعضاء.
أشكر كل من استطعت توصيل الرسالة إليه وفهمها على وجه صحيح، وأعتذر مِمَن فهمها على نحو خاطئ- كأني أنظِّر عليه..
فقد دخلت في متاهة الصمت عندما أردت مناقشة أمر ما وفهم على أنه تنظير على الغير.
سورية بحاجة إلى تجديد شبابها وربط الأجيال بالجسور، وأعني جسور الخبرة والحكمة وبعد النظر التي يختزنها أصحابها كما هي بحاجة إلى نبض الشباب وحماستهم وارتفاع صوتهم وشفافيتهم ودورهم بالتواصل تحقق نقل الخبرات وبالتعاون نعمّر سورية من جديد.. فلا تهدم بنيّة التعمير ولا تعمّر بنيّة الهدم.
للحديث صلة