الشعب بين المجلس والواقع .. بقلم: سامر يحيى

الشعب بين المجلس والواقع .. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأربعاء، ٦ أبريل ٢٠١٦

تأتي تسمية "مجلس الشعب" من الجمهورية العربية السورية على من يمثل أبناء الشعب تحت قبة ما يسمى "البرلمان" لأنّ كل عضو يمثّل المجتمع السوري كله، بغض النظر عن انتمائه لمجموعةٍ أو تيارٍ سياسي أو اقتصادي وغيره من التيارات والناشطين في مجال ما.. مهما كان انتماء الأغلبية التي تفوز بمقاعد المجلس نتيجة الاستحقاق الانتخابي الدستوري.
فكل أعضاء المجلس يتساوون تحت قبّة المجلس بتمثيل كل أبناء الجمهورية العربية السورية من دون استثناء، سواءً كان مقيماً أم مغترباً، وطنياً أو شذّ الطريق لكي يعيدوه إلى الطريق القويم.. وإن عملية تقسيم أعضاء المجلس بين المحافظات، وبين الفلاحين والعمال وباقي فئات الشعب، ليس بهدف التقسيم المناطقي ولا الطائفي، إنّما لكي يكون تحت قبّة المجلس من يمثّل كافة المناطق الجغرافية والاهتمامات والانتماء والخبرات، لتسهيل عملية نقل المشاكل ونقاشها مع الزملاء الآخرين للوصول للقرار الصائب عن قيام المجلس بالمهام المنوطة به. وعلى عضو المجلس أن يدرك ضرورة التواصل المستمر مع أبناء منطقته والمحافظة التي يمثّلها، وأنّ دور السلطة التشريعية لا يقل أهمية عن دور السلطتين التنفيذية والقضائية في الدفاع عن تراب الوطن وسيادته، ومحاربة الإرهاب والفساد بآنٍ معاً، لا سيّما أنّه يمثل أبناء الشعب العربي السوري الصامد، الذي قاوم الإرهاب ويصمد متحديّاً كل الظروف للحفاظ على السيادة والحرية التي كان يتمتّع بها المواطن العربي السوري، قبيل ما يسمى "الربيع العربي" لصاحبه الصهيوني برنار هنري ليفي، والذي جاءنا بشعارات جذابة وأفكار خداعة دمّرت أفكار الشباب العربي وهدرت وقته وشتت شمله لكي تبعده عن المشاركة ببناء وطنه والاقتتال بين أبناء الوطن الواحد تلبية لمصالح الكيان الصهيوني الغاصب، بغض النظر عن كل التحليلات التي نسمعها هنا وهناك...
وهذا يتوجّب على كل مواطن يحق له الانتخاب المشاركة بهذا الاستحقاق الوطني واختيار الأكفأ للوصول لقبة المجلس، وبالتأكيد قد يصل للمجلس تحت تأثير الدعاية على الرأي العام، البعض مما لا يعجبنا، وبالتأكيد ما أراه أنا سلبياً قد يراه غيري إيجابياً، والعكس صحيح، لا سيّما أن البعض قادر على تبييض صفحته رغم سوداويتها، وتشويه صفحة الآخر رغم نصاعة بياضها، ما يتطلّب عند الوصول لقبة المجلس التركيز على دوره الذي أنيط به ممثلاً لكافّة أبناء الشعب من دون استثناء.
وهنا أقترح بعض الأفكار عسى أن تساهم بفتح أفكارٍ ونقاشات جدية لقيام أعضاء مجلس الشعب بالدور المناط بهم لاسيّما في الوضع الذي تمرّ به سوريتنا والتي يتطلّب من الجميع الوقوف صفاً واحداً، إلى جانب القيادة السياسية والجيش العربي السوري اللذين يعملان ليل نهار من أجل الحفاظ على سيادة واستقرار سوريتنا، وطرد الإرهاب منها، وعدم السماح لأي كان بالانتقاص من كرامتها، وأي مساعدة خارجية كانت يجب أن تكون كما هو الآن ضمن إطار التفاهم المشترك والند للند، لا تابع ومتبوع، وهذا لم ولن تقبل به سوريتنا في يوم من الأيام منذ ما يربو على سبعمئة ألف عام وإلى نهاية الكون:
  - بالتأكيد لا يمكن لعضو مجلس الشعب أن يكون ملماً بكل تفاصيل الحياة، مما يتطلّب أن تقوم المكاتب المتخصصة في المجلس بدورها، لاسيما تقديم نشرات يومية مختصرة تضع عضو مجلس الشعب بأهم ما يحصل في كل مناحي الحياة اليومية السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.....إلخ. 
- عقد لقاءات بين أبناء المجلس عن كل محافظة مع أبناء المحافظة التي يمثّلها، لتبادل النقاش والآراء ومعرفة الهموم والمشاكل، ليستطيع الأعضاء القيام بدورهم والمهام المناطة بهم على أكمل وجه بما يساهم بإبداع الأفكار الجديّة القابلة للتطبيق على أرض الواقع..
- اجتماع أعضاء المجلس عن كل محافظة مع المؤسسات الخدمية والإنتاجية كل بمحافظته لمعرفة احتياجاتها والعوائق التي تعترضها، لتسهّل عليها مناقشة القوانين والقرارات التي تطرح في المجلس، ويكون عضو المجلس قادراً على المناقشة والمتابعة بشكلٍ جدي وحقيقي، وبالتأكيد اجتماع اللجان المتخصصة مع الوزارات المتخصصة بشكلٍ ودي وروتيني خارج قبّة المجلس لتسهيل عملية اتخاذ القرار.
- من حق كل مواطن أن يطلب المساعدة من عضو المجلس سواء بالتوظيف بمؤسسات الدولة أو البحث عن مصدر عيشٍ أو رفع مظلومية أو التوسط لدى جهةٍ ما، ودور عضو المجلس أن يعتبر هذا الطلب ليس فردياً، فالكثيرون لديهم نفس المطالب، ولكنّهم لم يتمكنوا من الوصول لعضو المجلس.
- ضرورة تفعيل صفحة التواصل مع عضو مجلس الشعب، على موقع المجلس، وأن ينشر الأعضاء ما يقومون به ونشاطاتهم، فمن المستغرب للدور التشريعي السابق أن صفحة المجلس لا يتجاوز عدد نشاطاتها الأفراد الأربعة، ما يثير الاستفهامات حول نشاطات بقية الأفراد لاسيّما أن بعضهم يجمع بين عضوية السلطتين التشريعية والتنفيذية بآنٍ معاً، وعدم الاكتفاء بدور عضو مجلس الشعب أمام شاشات الكاميرا أو تحقيق المصالح الشخصانية البحتة.
- ألا تنتهي عملية مناقشة القوانين والقرارات واستجواب الحكومة بعد الانتهاء من الجلسة، بل أن يتم تسجيلها وإرسالها للجهات المختصة، بما فيها الشخص المستجوب، وتوزيعها على الدوائر في مديريته، لتتم الاستفادة منها بتجاوز السلبيات وتعظيم الإيجابيات، بما يحقق التفاعلية والنشاط لجلسات المجلس لا تنتهي بانتهاء الجلسة. 
ولا ننسى أن كل عضو في المجلس عندما يطرح مشكلةً من المفترض أن يساعده الآخر من أعضاء المجلس قد يكون مر أبناء محافظته بنفس التجربة واستطاعوا النجاح بها، أو تجاوز العقبات، وبما يسهم بسهولة الوصول للقرار الصائب والناجح، لاسيّما أنّه من المفترض أن تكون السنوات الأربع من حياة عضو مجلس الشعب منصرفاً بها لتحقيق تطلّعات أبناء الشعب أكثر من الانصراف لتحقيق مصالحه الخاصة... وإن كان بإمكانه تحقيق مصالحه الخاصة بما لا يتعارض مع مصالح أبناء الشعب، ولاسيّما أن الحصانة التي منحت لعضو المجلس هي لكي يتمكّن من القيام بدوره المنوط به وليس بهدف تحقيق مصالح شخصانية على حساب أبناء الشعب.
    إن عضوية مجلس الشعب هي تشريف وتكليف بآنٍ معاً، فهي تعطي للعضو الجاه والسلطة تحت إطار الحصانة الممنوحة له وقدرته على مقابلة أي مسؤول في الوقت الذي يرتئيه وهذا ما لا يمكن لغيره من المواطنين، وهو تكليف، بأن يقوم بطرح المشاكل والاستفادة من آراء هذا المسؤول أو ذاك، وبذلك يكون مجلس الشعب صلة الوصل بين الشعب والسلطة التنفيذية والقضائية، بهدف تحقيق الهدف المنشود ببناء الوطن، بالتعاون والتكامل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، لاستكمال بناء سورية المتجددة دائماً، والمعطاءة والتي ستبقى تعطي الدروس للآخرين بالقدرة على الإبداع وتقديم الحلول والقضاء على الإرهاب والفساد وتطوير الأداء رغم كل الظروف السلبية المحيطة، فالشعب العربي السوري شعب قادر على الإنجاز والعطاء مهما كانت الظروف والأحوال.