مفاجآت دمشق تربك الخصوم...بقلم: باسمة حامد

مفاجآت دمشق تربك الخصوم...بقلم: باسمة حامد

تحليل وآراء

الاثنين، ٤ أبريل ٢٠١٦

ردود الأفعال الدولية حيال مفاجآت دمشق (الميدانية والسياسية) تتسم بالارتباك والتخبط، فتحرير تدمر- الذي جرى مباشرة بعد سحب معظم القوات الروسية- قوبل بترحيب أميركي مقتضب، وخرس بريطاني فرنسي مطبق، واهتمام من بان كي مون واليونسكو وستين منظمة دولية أخرى متخصصة بترميم الآثار!!
والحقيقة أن مفاجأة تدمر أبرزت أهمية دور الجيش العربي السوري كقوة وحيدة تحارب الإرهاب نيابة عن العالم كله، وأظهرت عجز وتقصير التحالف الستيني الذي أُحرج مرتين: الأولى عندما وقف متفرجاً على مواكب «داعش» وهي تقتحم المدينة الأثرية العزيزة على قلب العالم قبل عشرة أشهر.. والثانية حين تحررت من دون مشاركة من تباكوا عليها في واشنطن وباريس ولندن!!
ولا شك أن مرونة الرئيس الأسد في طرح (الانتخابات الرئاسية المبكرة) زاد من إحراج الحكومات الغربية، فهذه المرونة لم تأت «استجابة للضغوط الدولية» ولا تعبّر «عن روح انهزامية لدى النظام» – وفق تفسيرات الإعلام السعودي- بل أتت في إطار الانفتاح على أي اقتراح ديمقراطي حقيقي تؤيده الإرادة الشعبية.
«فالأزمة» بالنظر إلى شقها السياسي الداخلي في خواتيمها، إذ لا تأجيل للانتخابات البرلمانية، والمصالحات الوطنية تتسع، والظروف مهيأة لبدء معالجة الوضع الاقتصادي، والحرب على الإرهاب تُستكمل بمسار تصاعدي يدفع بالتنظيمات الإرهابية للانتقال إلى ساحات أخرى («داعش» يخطط لإعلان ولادة «أجنحته المسلحة» في الخليج العربي).
والموقف الروسي يتطور، فالرئيس بوتين قرر الاحتفاظ بالقواعد البحرية في سورية حفاظاً على مصالح بلاده كونه ينظر إلى الملف السوري من منظور «حركات التمرد في الشيشان وداغستان وطاجكستان» وفق تعبير الكاتب البريطاني (ديفيد هيرست). وموسكو أعلنت تأييدها لحكومة الوحدة الوطنية وهي لن تتخلى عن حليفها المنتصر أو «ترحيله بالتفاهم مع الأميركيين إلى دولة ثالثة» كما تشيع تقارير إعلامية سعودية، فحتى الخارجية الأميركية نفت الأمر، ووزير الخارجية الروسي لافروف وصفه بالمزاعم التي تنمّ «عن قلب للحقائق ومساع لطرح المرجو كأنه واقع»، واعتبره محاولة أميركية جديدة تستهدف:«التأثير على الرأي العام الدولي والتضليل والحصول على تنازلات جديدة انتهاكاً للاتفاقات التي تم التوصل إليها في وقت سابق»!!
والعلامة الفارقة في المشهد الراهن أن الجيش العربي السوري أصبح بعد خمس سنوات من الحرب حاجة «للمجتمع الدولي» على قاعدة أن سورية تمثل «بوابة مكافحة الإرهاب»، وكجزء من هذه الحقيقة من الضروري التوقف عند لقاء (الجعفري – موغيريني) بجنيف أواخر الشهر المنصرم.
فاللقاء أتى بطلب عاجل من ممثلة الاتحاد الأوروبي على خلفية اعتداءات بروكسل الأخيرة، ووفق تصريحات المندوب السوري ثمة مساع أوروبية تبذل على خط التطبيع السياسي:«قادم لكنه مشروط بإحراز تقدم سياسي في الحوار.. وليس لديهم مانع بعودة الأمور إلى سابق عهدها وفتح سفاراتهم في دمشق».
وتأسيساً على هذه القراءة، ألقى الرئيس الأسد مفاجأته الجديدة أي:(الانتخابات المبكرة) متطرقاً إلى دور الغرب في الحصار الاقتصادي الخانق الذي تعانيه سورية، وبهذا المعنى نجح بتسجيل عدة أهداف: فمجرد القبول بمناقشة الفكرة أعطى إشارة واضحة على ثقة (النظام) بكون الانتخابات لا تشكل مشكلة لديه إطلاقاً.
وفي الوقت نفسه، وضع جدية القادة الغربيين على المحك أمام شعوبهم، كيف لا وقد دعاهم للاحتكام إلى منطق «الديمقراطية» الذي لطالما تلاعبوا به وتغنوا بشعاراته بمنتهى الانتهازية والنفاق لتبرير تدخلاتهم في الشأن السوري؟!!