الانتخابات التشريعية وقوائم الوحدة الوطنية.. بقلم: كميل العيد

الانتخابات التشريعية وقوائم الوحدة الوطنية.. بقلم: كميل العيد

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٩ مارس ٢٠١٦

الثالث عشر من نيسان يقترب، ومجلس شعب جديد على الأبواب، وحراك على خلفية الانتخابات يتقدم، وقوائم الوحدة الوطنية المدعومة من حزب البعث العربي الاشتراكي تتشكل. والحكومة السورية مصرة على إجراء الانتخابات وتأمين أسباب نجاحها وهي تمتلك الخبرة والقدرة على إدارة المشهد وفق رؤيتها الوطنية. ولكن الأهم من كل ذلك المدلولات والرسائل والتي على الجميع ولاسيما من يسمون أنفسهم المعارضين فهمها، فهذه الانتخابات تؤكد قوة القيادة السورية وامتلاكها لأدوات التحكم والسيطرة وقدرتها على امتصاص الضغوطات التي تتعرض لها من العدو والحليف، والأهم من كل ذلك امتلاكها القرار السيادي والوطني. فهذه الانتخابات ضرورة تفرضها المرحلة الحالية فإضافة إلى الإشكاليات التي ستحدث في حال التمديد للمجلس الحالي ولاسيما أن هناك رأياً سائداً بأن هذا المجلس والذي على أبواب انتهاء ولايته لم يضطلع بدوره في التصدي للحرب الاستعمارية التكفيرية التي تشن على الدولة الوطنية السورية، ولم يتمكن من تصويب توجهات الحكومة واستجواب أعضائها عند التقصير، كما لم يتمكن معظم أعضائه من التواصل مع الجمهور الذين يمثلونه ولا من تهدئة الخواطر ولملمة شمل المناطق التي يمثلونها، وهذا لا يعني عدم وجود استثناءات، فبعض الأعضاء وفي أثناء سعيهم لإجراء المصالحات تعرضوا للخطف والابتزاز كما حصل مع عضو مجلس الشعب عن ريف دمشق السيد عبد العزيز المعقالي والذي اختطف في منطقة القلمون من العصابات المسلحة واحتجز لمدة ثمانية أشهر تعرض خلالها لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي ولم يطلق سراحه إلا بعد أن دفع فدية كبيرة أثقلت كاهله.
كما أن الانتخابات الحالية والتي بدأ حراكها تشكل رسالة قوية للواهمين من معارضة البترودولار بأن السلطة السياسية في سورية ضعيفة وأنها مستعدة لتسليمهم مفاتيح البلد ليعبثوا بها، وعليهم أن يستوعبوا بأننا لا نخشاهم ولا نهابهم وإنما نخشى على مستقبل سورية في حال تحكمهم بأي مفصل من مفاصلها ودليلنا على ذلك الحالة التي يعيشها المواطن السوري في المناطق الخاضعة لسلطة ميليشياتهم وعصاباتهم فالفصائل المسماة "" معتدلة "" والتي يتم تسويقها من قبل بعض أقطاب المجتمع الدولي على أنها ""تقاتل داعش"".
هذه المليشيات صادرت الحريات الشخصية للمواطن السوري في مناطق سيطرتها، وفرضت عليه نوع اللباس الذي عليه ارتداؤه، وأجبرت الرجال على إطلاق لحاهم، وفرضت على النساء عدم مغادرة المنازل من دون محرم، وتجاوزت في طغيانها المطاوع السعودي الذي يجبر الناس على الصلاة مستخدماً العصي والهراوات.
وإذا كانت هيئة الأمر بالمعروف هي المرشدة للمطاوع في السعودية فإن الهيئات الشرعية المنبثقة عن الفصائل ""المعتدلة"" هي المرشد للمطاوعين الجدد في سورية، هذه الهيئات تجاوزت في طغيانها المطاوع السعودي وهي تحكم على من تتم الوشاية عليه بأنه لم يذهب للصلاة بالجلد في الساحات العامة وهذا موثق من خلال مقاطع الفيديو المنتشرة على شبكة الإنترنت. وطبعاً ما أقوله هو الجزء الصغير من ممارساتها التي لا مثيل لها في التاريخ الحديث.
 إن قرار إجراء الانتخابات التشريعية من قبل الحكومة السورية والقدرة على التحكم فيها وخلق حراك في الشارع أثناءها يبعث برسالة إلى الحليف قبل العدو بأن سورية تساير وتقبل الضغوط إلى حدود الخطوط الحمراء والتي بعدها لن يستطيع أيّ كان تجاوزها ولن يستطيع أحد على وجه المعمورة أن يفرض على القيادة السورية تسليم مفاتيح البلد أو أي من مفاصلها لهيئات هي في حقيقتها هيئات "" للنهي عن المعروف والأمر بالمنكر "".
في هذه الانتخابات رسالة للجميع ورسالة للعالم كله بأننا لن نسلم سورية لفصائل ومليشيات ينبثق عنها هيئات شرعية تتحكم في البلاد والعباد، لن نسمح بالعودة للعصر العثماني ولا لعصر الاستعمار ولا للجاهلية. لذلك كان واجباً على حزب البعث العربي الاشتراكي وأكثر من أي وقت مضى تشكيل قوائم الوحدة الوطنية ودعمها والعمل على إنجاحها. وهنا لا بد من إبداء وجهة نظر في هذه القوائم إذ الملفت بأنها احتوت على الكثير من القامات الوطنية والمشهود لها بالعمل الوطني والسعي الدؤوب للخروج بسورية من الكمين التاريخي الذي وقعت فيه.
وهنا سأتحدث عن تجربتي مع بعض مرشحي قوائم الوحدة الوطنية ومعرفتي بإمكانياتهم.
 بحكم عملي كنت على صلة بالعديد من مرشحي مجلس الشعب الذين اعتمدتهم قوائم الوحدة الوطنية والذين أشهد لهم بالوطنية والعمل الدؤوب والمخلص.
فالدكتور المهندس نبيل طعمة مرشح قائمة الوحدة الوطنية عن دمشق والذي كان لي شرف العمل معه على عدة صعد، فإضافة لشهاداته العلمية ومؤلفاته التي تملأ المكتبات هو مفكر عربي له مكانته في الساحتين العربية والدولية وهو الشخص العربي المسلم الوحيد الحاصل على وشاح الصليب المقدس من بابا الفاتيكان تقديراً لجهده الفكري والإنساني، وهو الحاصل على أعلى وشاح من رئيس جمهورية أرمينيا تقديراً لجهوده في توثيق المجازر التي ارتكبت ضد الأرمن أثناء الحقبة العثمانية، وهو المنتج للعديد من الأفلام ذات الطابع الفكري والتي حازت العديد من الجوائز العالمية، وهو من رجال الأعمال القليلين الذين رفضوا مغادرة البلاد وكان له إسهامات كثيرة في إنجاز العديد من المصالحات الوطنية وإعادة الكثير من المغرر بهم لحضن الوطن.
أما الدكتور أحمد نبيل الكزبري مرشح قائمة الوحدة الوطنية عن مدينة دمشق أيضاً والذي تواصلت معه قبل الأحداث من خلال جهد وطني مشترك فكنت معجباً بشخصيته، وبعلمه، ورزانته، وكياسته، ورجاحة عقله، وقلة حديثه من أجل الحديث، وقدرته على تصويب الأمور باتجاهها الصحيح، ووضع الاستراتيجيات للوصول إلى الغاية والهدف بمنتهى الدقة والخبرة والتصميم. لذلك لم أكن متفاجئاً عندما شاهدته في وفد حكومة الجمهورية العربية السورية إلى مؤتمر جنيف.
أما اللواء المتقاعد حسيب الطحان وهو أيضاً من مرشحي قائمة الوحدة الوطنية عن مدينة دمشق فجميع من عمل معه في سلك قوى الأمن الداخلي يشهد بخلقه ونظافة كفه ونزاهته ووطنيته ومساعدته لكل من يدق بابه وسعيه لمؤازرة المظلوم ورفع الظلم عنه وقدرته على تنفيذ المهام الذي يكلف بها.
أما الدكتور المهندس عباس صندوق ورغم أني لا أعرفه شخصياً إلا أني عرفته من خلال إنجازاته في أمانة جامعة دمشق، وعرفت نبله وطيب أخلاقه من خلال أبناء الحي الذي يقطنه في منطقة الشاغور والذين يجمعون على رصانته ومساعدته لهم. كما أني من خلال تواجدي المستمر في دمشق القديمة كنت أسمع عن الدكتور محمد بشير الشربجي والذي كان لترشيحه من خلال قائمة الوحدة الوطنية بدمشق الأثر الطيب لدى أبناء دمشق القديمة وهو شخصية وطنية يعرفها الكثيرون من خلال إطلالاته على المحطات التلفزيونية.
وفي محافظة ريف دمشق كنت على صلة بالرفيق جمال القادري عندما كان أميناً لفرع دمشق للحزب ورغم قصر مدة مهمته مازالت بصماته موجودة في كل ركن من أركان دمشق فكان رجل المواقف والمدافع عن كل مظلوم وكان لشخصيته الفذة والقوية الأثر الكبير في إنجاح العمل المناط به.
وطالما أتحدث عن ريف دمشق فعلي ألا أنسى الأخ الياس مراد نقيب الصحافيين والذي يمتلك إضافة لملكاته الثقافية القدرة على التحرك والقدرة على الالتصاق بالجماهير ولن أنسى الفترة الذي كان فيها عضواً في قيادة فرع دمشق للحزب مسؤول الشبيبة والرياضة في فترة الثمانينات عندما كان يزور يومياً كافة روابط شبيبة الثورة في مدينة دمشق ويحضر أغلب الاجتماعات وكافة المؤتمرات ويصوب باتجاه حشد الشبيبة والطلاب لمواجهة الفكر الرجعي وجماعات الإخوان المسلمين آنذاك.
أما الأستاذ ماجد حليمة فلا أنسى تحليلاته السياسية التي كان يقدمها بثمانينات القرن الماضي بعد نشرات الأخبار عبر إذاعة دمشق، وكان لي عدة لقاءات معه فوجدته الإنسان الوديع الهادئ في طبعه والهادئ في أعصابه وألفاظه والهادئ في داخله وفي حركته وفي قلبه ومشاعره وفي تعامله مع الآخرين وهو الحليم في أخلاقه البعيد عن الصخب والضوضاء.
وبالانتقال لمرشحي قائمة الوحدة الوطنية في محافظة القنيطرة حيث كانت تربطني معرفة بالمرشح على القائمة العميد المتقاعد أيمن حروق من خلال صداقتي وزمالتي مع شقيقه مأمون وكنت أشعر بين الحين والآخر بحاجتي للجلوس معه لأستمتع بثقافته الكبيرة وببصيرته وشدة ذكائه وقوة ذاكرته وخبرته بمكونات المجتمع السوري والذي أقول وبصدق بأنه مؤهل لأن يكون مرجعاً مهماً في هذا المضمار فلديه الخبرة والمعرفة والقدرة على فهم التحولات التي تطرأ على كافة مكونات المجتمع السوري وفئاته.
وفي محافظة درعا فإن مرشح قائمة الوحدة الوطنية اللواء المتقاعد فيصل الخوري والذي أعرفه شخصياً وأعرف أن له إسهامات كبيرة في وأد الفتنة وإجهاض الكثير من محاولات إشعالها وهو محبوب وقريب من كل أبناء درعا ووجه من وجوهها ورفيق وصديق ومحب للجميع، يقضي معظم وقته بين أبناء بلدته خبب والقرى المجاورة يشاركهم أحزانهم ويستمع إلى مشكلاتهم ويسعى لحلها بتواضع وبأخلاق عالية.
وبالانتقال إلى محافظة الحسكة فكنت على صلة بالأستاذ رياض طاوز ورغم العلاقة الفاترة بيني وبينه فقد استعنت بأكثر من مقال بمقولات له، فهو مثقف وقارئ جيد ويمتلك صفات قيادية ولديه القدرة على محاورة الجميع والاقتراب منهم وله في دمشق أياد بيضاء.
 ما أسلفت وقلته عن مرشحي قائمة الوحدة الوطنية هي للشخصيات التي كان لي تواصل معها وما أقوله ليس دعاية انتخابية وليس المقصود إهدار حقوق المرشحين الآخرين سواء كانوا من مرشحي قائمة الوحدة الوطنية أم غيرها، فبالتأكيد بينهم قامات وطنية وشخصيات ثقافية وفكرية وعلمية لها وجودها بين الجماهير ولكن وعذراً من الجميع أردت إعطاء وصف لمن أعرفهم من المرشحين وأردت مخالفة من ينتقدون قوائم الوحدة الوطنية رغم قناعتي بوجود استثناءات، فقد يكون بين مرشحي القائمة من هم ليسوا أهلاً ليكونوا داخل هذا المجلس ولكن هؤلاء لن يكون لهم دور في ظل حضور الكثير من القامات التي ذكرت بعضها في سياق مقالتي هذه.
 وفي الختام سأروي حواراً جرى بيني وبين أحد المرشحين المستقلين وهو السيد أيمن المرادني من حي الشاغور الدمشقي. فقد قلت له أثناء لقائي معه في قهوة الملك بمنطقة الشاغور بأن إمكانياتك لن تمكنك من الوصول إلى مجلس الشعب فكلفة الدعاية الانتخابية وثقل المرشحين الآخرين قد يبعدك عن حلبة المنافسة فأجابني:
 "" ما دفعني للترشح هو الواجب الوطني ورغم ضعف احتمال نجاحي فإنني أريد أن أوجه رسالة لأعداء سورية والغرب خصيصاً بأن الحراك الديمقراطي في سورية أقوى من أي حراك في أي بلد عربي. وقال: لقد رصدت مبلغاً من المال من أجل الانتخابات وهدفي الدعاية لسورية ورجال سورية ووطنييها"".