بين الفكر والعمل..بقلم :د. اسكندر لوقــا

بين الفكر والعمل..بقلم :د. اسكندر لوقــا

تحليل وآراء

الأحد، ٢٧ مارس ٢٠١٦

في مجال أدبياتنا عموماً، غالباً ما نكرر قولنا بأن الإنسان كما يفكر يكون. هذه المعادلة ليست خارج حدود المنطق، لأن الفكر هو، من حيث المبدأ في الحياة، عامل أساسي في تحديد وجهة الإنسان الراغب في أداء عمل وبالتالي وصولاً إلى هدفه. كذلك هو القول بأن الإنسان كما يعمل يكون، لأن العمل بدوره يجسد أبعاد الفكرة التي تراود صاحبها ويترجمها فعلاً على الأرض.
إن هاتين المعادلتين في الحياة مترابطتان بالضرورة، أحدهما يكمل الآخر. الفكر يقود إلى توضيح القصد من العمل، كما العمل يقود إلى تأكيد قيمة الفكرة التي يحملها صاحبها تمهيدا للقيام بعمل.
في سياق هذا الترابط بين الفكر والعمل، تنهض المجتمعات، لتؤكد ذاتها، وتزداد قيمة هذا الترابط أهمية وقيمة في الأوقات التي تشكل تحدياً حقيقياً أمام تقدم هذا المجتمع أو ذاك. وبمقدار ما يلتزم أبناؤه بما تعنيه هذه الرابطة، تنعكس إيجاباً على أرض الواقع.
في العديد من الأوقات، وخصوصاً في الأوقات الصعبة التي تفرض حالة أو حالات طارئة على هذا البلد أو ذاك، يحدث الشرخ في سياق هذه المعادلة، بحيث يسير الفكر باتجاه والعمل على الأرض باتجاه آخر. ولهذا يزداد الشرخ في المجتمع اتساعاً وعمقاً في الوقت ذاته، وبالتالي يخسر الجميع.
في المجتمعات العربية، غير المتحضرة عموماً، وعلى سبيل المثال، يتبين الدارس مقدار حجم الهوة بين من يملك القناعة بقدرة المال على صنع المستحيل، وبين من يملك القناعة بأنَّ المال ذاته هو من صنع أو من نتاج الفكر. الفكرة هي التي توحي لصاحبها بما يترتب عليه عمله وصولاً إلى ما ينشده في سياق السعي لجمع المال، بينما العمل يبقى على نحو ما تعنيه عبارة من تحصيل الحاصل إذا ما أتقن عمله.
وكما هو الحال في أيامنا هذه، نجد البعض من الناس يوظفون الفكرة لخدمة الذات، فيزداد أصحابها ثراءً بينما تبقى الفكرة الجمعية، الفكرة الهادفة لإسعاد الناس وطمأنتهم بأنهم متساوون في الأخذ والعطاء، تبقى بعيدة عن أرض الواقع. ومن هنا تقف الفكرة عاجزة عن أداء دورها ومن ثم، بشكل أو بآخر، تنبذ، كما الغريب بين أهله وذويه.
iskandarlouka@yahoo.com