موسكو تربك العالم بدمشق.. بقلم: علي مخلوف

موسكو تربك العالم بدمشق.. بقلم: علي مخلوف

تحليل وآراء

السبت، ٢٦ مارس ٢٠١٦

ارتباك كبير أصاب الأروقة السياسية الغربية بعد القرار المفاجئ للقيصر الروسي فلاديمير بوتين بسحب قواته الرئيسية من سورية، فيما عمدت الصحف العربية عموماً والخليجية خصوصاً إلى استغلال الخبر في محاولة منها للتلميح إلى وجود خلافات بين موسكو ودمشق، علماً أن ذات الصحف الخليجية كانت قد شنت حملة إعلامية عند دخول القوات الروسية الحرب السورية هدفت منها للزعم بأن الروس سيحتلون سورية وسيبقون فيها إلى الأبد! المفارقة هنا أن العواصم الغربية المتحكمة بالعواصم الخليجية كانت مصابة بحالة إرباك، فيما العواصم الخليجية التابعة دخلت مرحلة تناقض وإسهال فكري، جعلها تنسف مزاعمها السابقة حول القوات الروسية بمزاعم جديدة.
روسيا لم تدع الفرصة أمام المحور المعادي لددمشق، حيث أعلنت وسائل الإعلام الروسية بأن الرئيس بوتين والرئيس بشار الأسد أجريا اتصالاً هاتفياً بحثا فيه القرار الروسي، وأن ما أعلنته موسكو كان بالتنسيق مع دمشق، وهو ما أكده الجانب السوري أيضاً عبر مسؤوليه ووسائل إعلامه.
أول ردات الفعل المرتبكة ظهرت على وجه الناطق باسم البيت الأبيض عندما أُبلغ بالخبر، الرجل لم يعرف بما سيجيب، وبعد ساعات خرج وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ليقول بأن القرار الروسي ساهم في التوصل إلى مرحلة مهمة جداً في عملية تسوية الأزمة هناك، ما يدعم وجهة النظر القائلة بأن قرار الرئيس بوتين يهدف إلى دفع عملية المفاوضات والتسوية السياسية، فيما لو تم ربطه بتصريح كيري فعلاً، وأشارت المقاومة إلى أن تلك الأنباء المكذوبة قد تمت إشاعتها بالتزامن مع نشر معلومات من مواقع معارضة حول حول بدء مسلحي تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي هجوماً واسعاً في مختلف المحافظات السورية، ما يجعل تلك الأنظمة التي تحاول الاصطياد في الماء العكر متورطة بسيناريو تصعيدي جديد في سورية عن طريق جبهة النصرة.
بدورها اهتمت الصحف الغربية تحليلاتها حول المفاجأة الروسية، فرأت أن هناك عدة فرضيات قدمتها حول الانسحاب الروسي، منها أن عملية الانحساب كانت مقررة منذ بدايتها لتكون قصيرة الأمد، ومنها أيضاً أن موسكو أرادت وقف عملياتها العسكرية وهي في ذروة نجاحها، فضلاً عن أن روسيا تسعى لتجنب تكرار الفخ الأفغاني في سورية، من جهة أخرى، يربط بعض الخبراء بدء سحب القوات الروسية من سورية برغبة موسكو في تجنب خوض صراع سافر مع الرياض، إذ أظهرت موسكو أنها ما زالت منفتحة على  تسوية الأزمة السورية عن طريق المفاوضات، التي ستأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع الأطراف، بما فيها الرياض، وإحدى تلك الفرضيات أيضاً تقول إن روسيا تسعى إلى إظهار أن دعمها لدمشق من غير الممكن أن يستمر إلى ما لا نهاية.
أما فرنسا فقد رحبت   بحذر، بقرار روسيا سحب قواتها من سورية قائلةً: إنها أخذت بعين الاعتبار ما أعلن عنه الرئيس بوتين، وإذا تلته أفعال فسيكون ذلك تطوراً إيجابياً وكل ما يسهم في التخفيف من حدة التوتر في سورية يجب تشجيعه، من هنا يظهر بأن باريس تتمنى أن يكون إعلان روسيا المفاجئ سبباً في تحقيق بعض مطالبها كحل سياسي في سورية يقص خصومها وخصوم الرياض وهو أمر يراه البعض غير منطقي، أما الأمم المتحدة فقد عبرت من خلال الناطق باسم أمينها العام للأمم المتحدة فال ستيفان دوجاريك، ، أن كي مون وصف القرار الروسي بـالحادث البارز، وعبر عن أمله في أن يؤثر سحب القوات الروسية من سورية إيجاباً على سير المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة.
إذاً فإن تفاعل ردود الفعل مع القرار الروسي كله يصب في آمال التوصل لحل سياسي ودفع عجلة المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة، وهو ما يقودنا لاستفسار مهم، هل تكون المفاجأة الروسية هي خطوة لحل سياسي في سورية فعلاً.