هل هيلاري كلينتون أفضل لليهود الجمهوريين؟..بقلم: د.منار الشوربجي

هل هيلاري كلينتون أفضل لليهود الجمهوريين؟..بقلم: د.منار الشوربجي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٣ مارس ٢٠١٦

تبدو هيلاري كلينتون، حتى كتابة السطور، هي البديل الأفضل لليهود الأميركيين، الديمقراطيين منهم والجمهوريين على السواء. والعبارة السابقة، رغم أنها تبدو مفهومة وفق المتعارف عليه تقليدياً بخصوص تصويت اليهود الأميركيين في انتخابات الرئاسة.

إلا أنها تحمل مفارقات ذات دلالة مهمة في الانتخابات الرئاسية الحالية، فاليهود الأميركيون يعطون أصواتهم بأغلبية كبيرة للمرشح الديمقراطي لا الجمهوري في انتخابات الرئاسة، فقد حصل أوباما في آخر انتخابات رئاسية في 2012 على 70% من أصواتهم، لكن ذلك يعنى في ذاته أن نسبة متزايدة منهم تصل إلى الربع في العقد الأخير على الأقل قد صارت في خانة الحزب الجمهوري.

لكن المفارقة الأولى التي تستحق الاهتمام في الانتخابات الحالية هي أن برني ساندرز، المرشح المنافس لهيلاري على تصويت الحزب الديمقراطي، يهودي من أصول بولندية وخدم في شبابه في إحدى الكيبوتزات الإسرائيلية، لكن برنى ساندرز تقدمي لا يحب الخوض في مسألة الدين والتدين. وهو يتحدث أكثر عن أصوله البولندية المهاجرة، ولا يذكر ديانته إلا إذا اضطر اضطراراً.

ورغم أنه أعلن فخره بيهوديته، فهو غير متدين، وهو ما جعل الكثير من عموم الناخبين اليهود، لا النخبة منهم، يشعرون بعدم الارتياح له، وقد اتضح ذلك بجلاء حين ظهرت نتائج التصويت في أول ولاية خلال السباق الحالي بها كتلة تصويتية كبيرة لليهود الأميركيين، فقد فازت هيلاري كلينتون فوزاً كاسحاً في ولاية فلوريدا بفارق يربو على الثلاثين نقطة بينها وبين برني ساندرز.

والمفارقة هنا، هي أن ساندرز هو أول مرشح يهودي- أميركي في تاريخ أميركا لديه فرصة حقيقية للفوز بترشيح الحزب ومع ذلك لم يلق ترحيباً من اليهود الأميركيين. الجدير بالملاحظة في هذا الإطار، أن الأميركيين عموماً لا يشعرون بالارتياح إزاء المرشحين التقدميين الذين يتجنبون الحديث عن دينهم أو غير المتدينين منهم عموماً.

وقد اتضح في الانتخابات الحالية، أن يهود أميركا ليسوا استثناء من تلك القاعدة، لكن إذا كانت أغلبية الكتلة التصويتية لليهود الأميركيين لا تزال في خانة الحزب الديمقراطي، فإن مسألة القدرات التنظيمية والتمويل تظل قضية أخرى، فأهم منظمات لوبي إسرائيل في واشنطن، أي اللجنة العامة للشؤون الأميركية الإسرائيلية، المعروفة اختصاراً باسم «إيباك» قد صارت منذ عقود أكثر يمينية في مواقفها من عموم اليهود الأميركيين.

كما يظل هناك عدد لا يستهان به من أثرياء اليهود الأميركيين، مثل بول سنجر وشيلدون أدلسون، في خانة اليمين الجمهوري ولعبوا أدواراً بالغة الأهمية في تمويل مرشحين جمهوريين عدة ووقف بعضهم وراء ماركو روبيو بكل طاقتهم حتى انسحابه. هذا رغم أن الملياردير اليهودي- الأميركي حاييم صابان، مثلاً، من أهم مؤيدي هيلاري كلينتون ومموليها، فضلاً عن كثيرين غيره أقل شهرة منه.

أما في الحزب الجمهوري، فقد وضع اكتساح ترامب وصعوده المتزايد اليهود الجمهوريين في وضع أكثر صعوبة، فنخبة اليهود الأميركيين في الحزب الجمهوري كانوا يعتبرون أن الانتخابات الحالية بمثابة لحظة فارقة يمكن من خلالها تحويل الكتلة التصويتية لليهود لخانة الحزب الجمهوري، فهم راهنوا على أن البرود الذي يسود العلاقة بين أوباما ونتانياهو.

فضلاً عن الاتفاق النووي مع إيران من شأن استخدامه في الحملة أن يسحب، عند الناخب اليهودي، من فرص الديمقراطيين بمن في ذلك هيلاري كلينتون ويصب في خانة المرشح الجمهوري المنافس لها، لكن إذا بدونالد ترامب الذي لم تسلم جماعة أميركية من إهاناته يستخدم بشكل متكرر تعبيرات تكرس أسوأ الصور النمطية ضد اليهود. وقد كافح هؤلاء طويلاً لدعم فرص روبيو التي انهارت بالأمس القريب.

أما الممولون منهم الذين ينفقون بسخاء في الحزب الجمهوري فقد تأخروا طويلاً في تمويل دعاية مناهضة لترامب، ببساطة لأنهم اختلفوا على البديل، الأمر الذي ساعد على صعود ترامب المدوي رغم الكثير من التحذيرات التي وجهها لهم مستشاروهم السياسيون.

ورغم أن الكثير من المراقبين الأميركيين يرون أن اليهود الأميركيين من الجمهوريين سوف يؤيدون ترامب إذا ما فاز بترشيح الحزب، فإن تلك الرؤية تظل، في تقديري، مجرد وجهة نظر، فأحد أهم المتغيرات التي تعزز ارتباط اليهود المحافظين بالحزب الجمهوري هي موقف قيادات الحزب الداعم بلا قيد ولا شرط لإسرائيل، فترامب.

فضلاً عن إهانته لليهود مثل الكثير من الجماعات الأخرى، أعلن أكثر من مرة أنه سيدعم المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل، وهو ما يرفضه الليكوديون منهم، كما أن هيلاري كلينتون ليست أقل دعماً لإسرائيل من أي من نظرائها الجمهوريين.

لهذا وذاك، قد تصبح، كلينتون، المرشحة الديمقراطية للرئاسة هي البديل الأفضل حتى لأغلبية اليهود الجمهوريين!